مرت أيام منذ إطلاق سراح الأسير الفلسطيني فؤاد حسن (45 عاماً) من السجن الإسرائيلي، الذي تعرض فيه للضرب والإساءة والإهانة.
كانت عشرة أيام من الاعتقال كافية لكي يختبر حسن أهوال ما يعنيه أن يكون فلسطيني في السجون الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وكانت مصلحة السجون الإسرائيلية قد أعلنت، صباح الاثنين، وفاة الأسير الفلسطيني عبد الرحمن مرعي في سجن مجدو، وهو نفس المكان الذي تعرض فيه فؤاد حسن لكسور في الأضلاع وكدمات في جسده.
كان مرعي خامس فلسطيني يموت في المعتقلات الإسرائيلية في ظروف غامضة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، بما في ذلك فلسطيني من غزة لا تزال هويته مجهولة.
لكنّ حسن لم يُفاجأ بوفاة الأسير، نظراً إلى قسوة المعاملة التي يتعرض لها الأسرى.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، شنت إسرائيل قصفاً متواصلاً على غزة، بالإضافة إلى حملة قمع عنيفة ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة.
وشهدت أنحاء متفرقة من الضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس الشرقية، حملات مداهمة واقتحامات للقرى والبلدات من جيش الاحتلال الإسرائيلي، صحبتها مواجهات واعتقالات وإطلاق نار وقنابل غاز على الفلسطينيين.
وفي أوائل نوفمبر/تشرين الثاني، اقتحم عشرات الجنود الإسرائيليين منزل حسن في قصرة، وهددوا العائلة بأكملها بالاعتقال إذا لم يسلّم شقيقه إبراهيم، الذي لم يكن حاضراً، نفسه.
وقد رفض إبراهيم، الذي سبق أن اعتُقل مرتين وأُصيب برصاصة في الكلى على يد القوات الإسرائيلية عام 2014، تسليم نفسه بسبب الروايات التي سمعها عن الانتهاكات التي تُرتكب في السجون الإسرائيلية.
وقال حسن: "بعد يومين من تهديدنا، اقتحم عشرات الجنود منزلي ومنزل إخوتي العشرة، وخربوا محتوياته، واعتقلوني بعد أن قيّدوني وعصبوا عيني".
وفي السيارة العسكرية، في أثناء نقله من منزله، ضربه الجنود ببنادقهم على ظهره وذراعيه ورقبته.
واحتُجز في معسكر حوارة العسكري، جنوب مدينة نابلس، لعدة ساعات. وهناك رأى عشرات المعتقلين ممددين على الأرض مقيدين ومعصوبي الأعين، ويتعرضون للضرب "بشدة وبلا رحمة".
"مرحبا بكم في الجحيم"
بعد ساعات، نُقل حسن مع 17 معتقلاً آخر إلى سجن مجدو، حيث كانوا على وشك تجربة مستويات جديدة من التعذيب.
وقال حسن إنه "بمجرد وصولنا إلى هناك، قال لنا أحد حراس السجن: مرحباً بكم في الجحيم".. ولم نفهم ما يعنيه حتى بدأت أيديهم وأرجلهم في ضربنا وتسببت لنا بألم رهيب".
نُقل حسن إلى غرفة صغيرة، وقُيِّدت يداه وقدماه. وضربه أحد حراس السجن على رأسه مراراً وتكراراً حتى أُصيب بالدوار، ثم ضُرب على ساقيه وظهره، مما أدى إلى إصابته بكدمات عميقة.
وكشف عن أن "داخل الغرفة، علّقوا العَلم الإسرائيلي وأمروا كل سجين بتقبيله حتى يتمكنوا من تصويرهم".
وقال حسن: "عندما جاء دوري ورفضت فعل ذلك، ركلني الحارس بقوة في صدري، مما أدى إلى كسر ضلوعي، ثم حملني ووضع رأسي بالقرب من العلم والتقط لي صورة".
وعندما رفض سجين آخر أيضاً تقبيل العَلم، أمسك الحارس بيده وضغطها بقوة لدرجة أن حسن قال إنه سمع صوت كسر العظام.
كما أحضر حراس السجن كلباً بوليسياً لأسير ثالث من جنين. وقال حسن إن بعض المعتقلين الذين تعرضوا للضرب كانوا في الستينات من عمرهم.
سياسة التجويع
ووصف حسن إقامته في سجن مجدو بأنها أسوأ من فترات السجن الثلاث السابقة، التي بلغ مجموعها 40 شهراً، والتي قضاها قبل عدة سنوات.
وتبنت السلطات الإسرائيلية ما سمّاها الأسرى الفلسطينيون "سياسة التجويع" داخل السجون، التي تنص على تقديم وجبتين فقط للأسرى في اليوم، مع تخفيض حصصهم.
وقال حسن: "السجناء في حالة جوع مستمر، وبعضهم مريض ويحتاج إلى طعام صحي، لكن لا يوجد شيء".
وأضاف: "لا يوجد علاج لهم ولا متابعة طبية. أحد السجناء طلب علاج يده المكسورة، لكنهم أعطوه حبة مسكنة بعد أيام".
وفي سجن مجدو، يُعتقل 12 سجيناً في زنزانة، بالكاد تتسع لستة منهم. ويُضطر بعض المعتقلين إلى النوم على الأرض دون غطاء.
وأفاد الأسرى بأن مصلحة السجون الإسرائيلية صادرت قبل أسابيع ملابس ومتعلقات الأسرى وألقتها في القمامة. ولم يبقَ لكل منهم سوى الملابس والأحذية التي كانوا يرتدونها في ذلك الوقت.
وروى الكثير ممن أُطلق سراحهم روايات مماثلة عن الانتهاكات الجسدية والعقلية، والاعتداءات، وإجراءات التجويع في السجون الإسرائيلية.
ووفقاً لنادي الأسير الفلسطيني، وصل عدد الذين اعتقلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول أكثر من 2425 أسيراً. كما ارتفعت حصيلة الشهداء الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى 194، وأُصيب أكثر من 2700 آخرين، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
في حين خلّفت الحرب المدمرة التي يشنها الجيش الإسرائيلي على غزة منذ 41 يوماً 11 ألفاً و500 شهيد فلسطيني، بينهم 4710 أطفال و3160 امرأة، فضلاً عن 29 ألفاً و800 مصاب، 70% منهم أطفال ونساء، وفق مصادر رسمية فلسطينية مساء الأربعاء.