منذ فجر الأربعاء يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية في محافظات طولكرم وجنين وطوباس شمال الضفة الغربية / صورة: AA (AA)
تابعنا

"المخيمات الصيفية" هكذا سمت تل أبيب العملية العسكرية، التي قالت إنها "قد تستمر عدة أيام وربما فترة أطول"، وكانت هيئة البث الإسرائيلية وصفت أمس الأربعاء العملية بأنها "واسعة النطاق" مشيرة إلى أن "قوات الأمن دخلت مخيمات اللاجئين ترافقها مروحيات وطائرات بلا طيار".

وحتى اليوم الخميس، ارتفع عدد الشهداء إلى 17 فلسطينياً، بينهم محمد جابر "أبو شجاع" قائد كتيبة طولكرم التابعة لسرايا القدس، وأصيب عشرات واعتقل 45 شخصاً، فيما يواصل الاحتلال اقتحامه عشرات المنازل في طولكرم وجنين وأغلق مداخل مخيم نور شمس للاجئين، وفي مخيم الفارعة، انسحب الجيش بعد اقتحام استمر 30 ساعة، بمشاركة قوات وآليات كثيرة.

وحذرت وزارة الصحة الفلسطينية أمس من حصار قوات الاحتلال مستشفيات جنين وطولكرم شمال الضفة الغربية، وتهديداتها باقتحامها، وحاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلي مداخل مستشفى جنين الحكومي ومنعت سيارات الإسعاف من الخروج من ساحته باتجاه مخيم جنين أو الدخول إليه لنقل المرضى.

وضع كارثي وعمليات تهجير محتملة

وأثارت عملية الاحتلال في الضفة قلق الأمم المتحدة التي حذّرت من خطر "تفاقم الوضع الكارثي أصلاً" في الأراضي الفلسطينية، كما أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشدة وقوع خسائر في الأرواح، بما في ذلك بين الأطفال.

ودعا إلى الوقف الفوري لتلك العمليات، وإلى ضرورة امتثال إسرائيل لالتزاماتها ذات الصلة بموجب القانون الدولي الإنساني، كما شدد على ضرورة أن يتمكن جميع الجرحى من الوصول إلى الرعاية الصحية وأن يتمكن عاملو الإغاثة من الوصول إلى جميع المحتاجين للمساعدة.

وأفاد مراسل TRT عربي في الضفة الغربية، إبراهيم خلف،بأن جيش الاحتلال يواصل محاصرة مستشفى خليل سليمان الحكومي في جنين، ويدقق في هويات الفلسطينيين ولو كانوا من الطواقم الطبية.

وأضاف خلف أن هذا الإجراء مستمر منذ ساعات الصباح بحق الأطقم الطبية وسط تحذيرات مستمرة من جيش الاحتلال بإمكانية اقتحام المستشفى، وهو أكبر المجمعات الطبية في مدينة جنين والوحيد الذي يقدم الخدمات في المدينة.

ورصد المراسل نزوح لمرضى من داخل المستشفى بسبب تهديدات الاقتحام، وقال رئيس جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، يونس الخطيب، لـTRT عربي "نلاحظ تصاعداً في العملية العسكرية الإسرائيلية في الفترة الأخيرة وتصريحات قيادات الاحتلال بالأخص وزير الخارجية بتهجير وإخلاء المخيمات الفلسطينية، ولو بشكل مؤقت، تستهدف المدنيين والطواقم الصحية والطبية".

وكان وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، توعّد بتنفيذ عمليات "إجلاء مؤقت" للفلسطينيين من مدينتي جنين وطولكرم كما حدث في قطاع غزة، معتبراً أن العملية العسكرية الجارية "حرب بكل معنى الكلمة، ويجب الانتصار فيها".

من جهتها، قالت الولايات المتحدة إنها "ضد تهجير إسرائيل للفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة" وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، فضل عدم الكشف عن هويته لوكالة الأناضول: "نرفض فكرة التهجير الجماعي للفلسطينيين في الضفة الغربية، لكننا نتفهم أن أوامر الإخلاء المحلية قد تكون ضرورية في بعض الحالات لحماية أرواح المدنيين خلال عمليات مكافحة الإرهاب الحساسة".

"نقطة الغليان"

وأورد تحليل عسكري في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية للمحلل، عاموس هاريل، اليوم الخميس أن "النشاط العدواني في الضفة الغربية يعكس ارتفاعاً حاداً في التحذيرات من هجمات وشيكة، لكن التوتر تزايد أيضاً بسبب المساهمة الإسرائيلية التي قدمتها الحكومة" وذلك بإشارة إلى الاستفزازات التي يستمر فيها الإسرائيليون من اليمين المتطرف أمثال إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش.

وتطرق التحليل إلى قلق منظومة جيش الاحتلال من تأثير استفزازات وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير في المسجد الأقصى، فضلاً عن ازدياد الهجمات على القرى الفلسطينية من المستوطنين المتطرفين، وذلك "لأن المهاجمين يشعرون بأنهم يتمتعون بدعم من ممثليهم في الائتلاف الحاكم"، وفق الصحيفة.

وأشار إلى أن الاشتباكات الدائرة في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول لم تصل بعد إلى حد الانتفاضتين، إلّا أن "الخليط المتفجر الحالي يعيد الضفة الغربية إلى نقطة الغليان مرة أخرى".

واعتبر التحليل الجبهة في غزة، والتي يجادل مسؤولي الحكومة الإسرائيلية حول متى يجب إنهاء الحرب فيها، "أو على الأقل تقليصها بشكل كبير وتركيز الاهتمام بدلاً من ذلك على الحدود الشمالية" يرتكز على افتراض مفاده أن الضفة الغربية سوف تظل جبهة ثانوية، لكن تستدرك الصحيفة بأن نطاق القتال الدائر حالياً في الضفة وعدد الهجمات التي تنطلق منها، والتي يستهدف بعضها وسط إسرائيل من شأنه أن يحولها إلى "مسرح رئيسي للحرب".

وأحصت الصحيفة عدد الكتائب التابعة للجيش حالياً في الضفة الغربية، والتي قدرتها بـ19كتيبة، بما فيها كتائب منتشرة على طول الخط الأخضر (الخط الفاصل بين أراضي عام 1948 والأراضي المحتلة عام 1967). فضلاً عن بعض كتائب شرطة الحدود.

وقال محلل الصحيفة: "أي ثوران أكثر خطورة في الضفة الغربية سوف يتطلب إرسال قوات إضافية إلى هناك. وهذا من شأنه أن يفرض عبئاً إضافياً على قوات الاحتياط، التي أصبحت منهكة بالفعل".

بدوره، يقول الخبير والكاتب في الشأن الإسرائيلي عصمت منصور لـTRT عربي إن "هذه العملية أشبهها بمن يقتحم أو يحاول اقتحام باب مفتوح، بمعنى أن هذه المخيمات التي شنوا عليها حرباً في شمال الضفة اجتاحتها قوات الاحتلال على الأقل ثلاثين مرة من 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي حتى الآن واغتالت منها عشرات من الجو أو باقتحامات أو من خلال استهداف سيارات وغيرها من الأساليب".

ويضيف: "الخطر الذي يتحدث عنه الاحتلال فيه تضخيم ومبالغة كبيرة جداً لأنه لم نشهد نشاط عسكري قوي لكتائب المقاومة في الضفة، مثلما تصوره إسرائيل، وبالتالي هذا يجعلنا نعتقد أن الأمر هو غطاء وذريعة لسياسة أعمق، ولا يجعلنا ننسى تركيبة الحكومة الإسرائيلية وبرنامجها الذي يتحدث عن أرض إسرائيل الكاملة وينفي وجود الفلسطينيين".

ويتابع "سموتيرتش وخططه لحسم الصراع، بن غفير ودعواته لتسليح المستوطنين.. واضح أن الهدف منها تغييرات سكانية وترانسفير وتطهير عرقي وذلك بشكل متدرج وبطيء إذ يريدون تدمير البنية التحتية والمخيمات والأحياء الكاملة في الشمال لدفع الناس إلى الهجرة إلى الوسط والجنوب وخلق بيئة أفضل لهم".

عقوبات على مستوطنين متطرفين تزامناً مع العملية

وبسبب أعمال عنف بالضفة الغربية المحتلة وتزامناً مع العملية العسكرية الإسرائيلية، أعلنت الولايات المتحدة أمس الأربعاء فرض عقوبات جديدة على مستوطنين إسرائيليين في الضفة الغربية، وقالت إن إسرائيل يجب عليها التصدي لهذه المجموعات "المتطرفة" المتهمة بتأجيج أعمال العنف.

واستهدفت العقوبات منظمة إسرائيلية غير ربحية، ومسؤول يهودي عن الأمن في مستوطنة بالضفة الغربية، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، إن منظمة "هاشومير يوش" غير الحكومية، التي تقول إنها تساعد في حماية المستوطنين، قدمت دعماً ملموساً لبؤرة استيطانية مقامة دون تصريح في الضفة الغربية، تخضع بالفعل لعقوبات.

كما ذكر ميلر في بيان أن إسحق ليفي فيلانت، وهو مدني مسؤول عن تنسيق الأمن في مستوطنة يتسهار، قاد مجموعة من المستوطنين المسلحين في فبراير/شباط الماضي لوضع حواجز على الطرق، وتنفيذ دوريات هدفها إجبار الفلسطينيين على ترك أراضيهم.

وتعتبر أغلب الدول المستوطنات التي بنيت على الأراضي التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 غير قانونية. وفي 19 من أغسطس/آب الحالي أعرب مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة عن القلق إزاء التوسع الاستيطاني الإسرائيلي الأخير والمستمر والتغييرات القانونية في الضفة الغربية المحتلة، مشدداً على أن هذه إجراءات تتعارض مع القانون الدولي، بما في ذلك الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية في يوليو/تموز.

واليوم الخميس قال مفوض الاتحاد الأوروبي لإدارة الأزمات والمساعدات الإنسانية يانيز لينارسيتش، إن الوضع بالضفة الغربية المحتلة يزداد سوءاً يومياً بسبب "استخدام الجيش الإسرائيلي والمستوطنين عنفاً عشوائياً ضد المدنيين الفلسطينيين".

جاء ذلك في منشور عبر منصة إكس، شدد فيه على أن تدمير المنازل والبنية التحتية في الضفة الغربية "انتهاك للقانون الدولي وحقوق الإنسان".

وبالتزامن مع العدوان على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، صعَّد جيش الاحتلال اعتداءاته بالضفة، بما فيها القدس، حيث استشهد 670 فلسطينياً بينهم 150 طفلاً، وأصاب أكثر من 5 آلاف و400، واعتقل ما يزيد على 10 آلاف.

TRT عربي
الأكثر تداولاً