جاءت عملية الاستحواذ بعد أن قدمت "بايكار" العرض الأفضل في مناقصة شهدت منافسة قوية بين شركات دولية عدة. تأسست "بياجيو" عام 1884، وخلال مسيرتها تحولت إلى لاعب رئيسي في تصنيع وإنتاج الطائرات.
واليوم تركز "بياجيو" على ثلاثة مجالات رئيسية: تصنيع الطائرات التجارية الخاصة، إذ تبرز بطائراتها الشهيرة "P-180 أفانتي"، وصناعة وصيانة المحركات، إضافة إلى قطاع الدفاع والأمن الذي شهد تطوير طائرات مسيّرة ومعدات استخباراتية وأخرى للإسناد الأرضي.
وتطمح "بايكار" من خلال هذه الصفقة إلى توسيع أسواقها وتعزيز قدراتها الإنتاجية، مع التركيز على مجالات جديدة، مثل تصنيع الطائرات المأهولة والمحركات النفاثة.
مجالات وأسواق جديدة
في السنوات الأخيرة حققت "بايكار" نجاحات بارزة في تطوير أنظمة الطائرات المسيرة، التي أثبتت جدارتها في ساحات قتال متعددة. ورغم الحظر الغربي على مكونات تقنية وتسليحية، تمكنت الشركة من التفوق وفتح أسواق جديدة حول العالم.
وتشير هذه الصفقة إلى تحوُّل نوعي في مكانة "بايكار"، إذ يصفها الخبير التركي في الصناعات الدفاعية قادير دوغان في حديث له مع TRT Haber، بأنها علامة فارقة في مسار الشركة. يقول دوغان: "قبل سنوات قليلة كان من الصعب تخيل شركة دفاع تركية تستحوذ على واحدة من كبرى شركات أوروبا".
ويرى أن شراء شركات في مجالات مثل الدفاع والطاقة يُعد "شراء قدرة"، مشيراً إلى أن "بايكار" أصبحت الآن تمتلك شركة مقرها في أوروبا، وهو أمر نادر أن تسمح به دول مثل إيطاليا في قطاعات استراتيجية.
انعكاسات متعددة
يؤكّد دوغان أن هذه الصفقة ليست مجرد حدث في قطاع الدفاع، بل تحمل انعكاسات سياسية واقتصادية وتقنية واسعة النطاق. ويرى أنها تفتح الباب لاكتساب قدرات جديدة تعزز من مكانة الصناعات الدفاعية التركية عالمياً.
في السياق ذاته، يشير الصحفي المختصّ في الشؤون الدفاعية في قناة TRT عربي نور الله آيدن، إلى أن هذه الخطوة تمثل حافزاً للمستثمرين الأتراك للسير على خطى "بايكار"، ما يعزز استقطاب الخبرات العالمية إلى تركيا.
ويضيف أن قطاع الصناعات الدفاعية يتأثر بشدة بالعلاقات الدبلوماسية والسياسات الدولية، ومع ذلك استطاعت تركيا تجاوز هذه التحديات من خلال تطوير إنتاجها المحلي. ويعتبر آيدن أن استحواذ "بايكار" على "بياجيو" خطوة استراتيجية تزيد قبول منتجاتها في الأسواق الأوروبية، وتفتح آفاقاً جديدة للتوسع والتعاون.
شراكة متبادلة
وبرعت "بايكار" في إنتاج الطائرات المسيرة، فيما تميزت "بياجيو" في تصنيع الطائرات النفاثة، ما يشير إلى توجه جديد لدى "بايكار" نحو دخول عالم الطائرات التقليدية.
ويوضح آيدن أن "بايكار" تسعى لنقل نجاحاتها في مجال الطائرات المسيرة إلى مجالات أخرى، مثل الطائرات العسكرية المأهولة والطائرات المدنية، مما يعكس طموحها إلى تجاوز حدودها التقليدية والسعي نحو التوسع العالمي.
ويؤكد آيدن أن خبرة "بياجيو"، التي بدأت تصنيع محركات الطائرات منذ الستينيات، ستلعب دوراً رئيسياً في تعزيز قدرات "بايكار" على إنتاج المحركات النفاثة، مما يسهم في تحقيق استقلالية تركيا في هذا المجال.
في السياق نفسه، يشدّد دوغان على أن هذه الصفقة قد تتخطى حدود إيطاليا لتشمل القارة الأوروبية بأكملها، ويقول: "أظهرت الحرب الروسية-الأوكرانية المأزق الدفاعي الذي تواجهه أوروبا، ومدى اعتمادها على الولايات المتحدة".
ويرى أن فتح أوروبا الباب أمام صناعة الدفاع التركية يخدم مصالحها، مضيفاً: "التعاون مع شركات الدفاع التركية يمثّل وصفة مُثلى لتطوير القدرات الأوروبية، و(بايكار) قد تكون البداية التي تحتاج إليها أوروبا لتحقيق هذا الهدف".