حذّر مسؤولون في الخارجية الأمريكية نظراءهم الصينيين، خلال اجتماعات عُقدت مؤخراً، من مضيّ بكين قدماً في خطوة إمداد روسيا بالأسلحة والذخائر. وهو ما كشف عنه عدد من المسؤولين الأمريكيين، على رأسهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن، يوم الأحد.
تأتي هذه التحذيرات في وقت تتوارد فيه تقارير إعلامية عن عزم روسيا على شنّ هجوم واسع، تزامناً مع حلول الذكرى السنوية الأولى للحرب في أوكرانيا، كما تكشف تقارير أخرى حاجة الجيش الروسي إلى عتاد عسكري إضافي، مما ألجأها سابقاً إلى إيران وكوريا الشمالية من أجل تأمين مسيَّرات وذخيرة.
تحذيرات أمريكية
أعرب المسؤولون الأمريكيون عن مخاوفهم من أن بكين تدرس تقديم مساعدة عسكرية لروسيا، وهو ما أُثيرَ أول مرة عقب اجتماعات بين المسؤولين الصينيين والروس أواخر العام الماضي وأوائل هذا العام. وفي هذا الصدد أبلغت خارجية واشنطن نظيرتها الصينية بأنها "تقترب من الخطّ الأحمر" بتزويد روسيا بالأسلحة.
وفي تصريحات منه لشبكة "CBS News" الأحد، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: "مخاوفنا من أن الصين تدرس إرسال دعم العسكري لروسيا، مبنية على معلومات دقيقة حصلنا عليها"، وأضاف محذراً: "أوضحنا للصينيين أن ذلك من شأنه أن يسبّب مشكلة خطيرة لنا وفي علاقتنا".
وفي ذات السياق أوضحت سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد لشبكة "CNN" الأحد، أنه "إذا كان من جانب الصينيين وغيرهم أي نية وجهود لتقديم أسلحة فتاكة للروس في هجومهم الوحشي على أوكرانيا، فإن هذا غير مقبول".
فيما تأتي هذه المخاوف عقب التوتر الأمريكي-الصيني الأخير بشأن "منطادات التجسس"، ووسط زيارة الرئيس جو بايدن الحالية لشرق أوروبا، المزمع أن تحمله إلى كييف ووارسو. من ناحية أخرى، تُفيد تقارير بأن الجيش الروسي يُعِدّ لهجوم كاسح في أوكرانيا، مع اقتراب حلول السنوية الذكرى الأولى للحرب.
هل تدعم الصين روسيا عسكرياً؟
مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، حافظت الصين على موقف شبه محايد من الاقتتال، إذ تابعت دعمها السياسي والدبلوماسي لروسيا، رغم تحفظها على قوات بوتين عسكرياً. وحافظت بكين أيضاً على علاقاتها الاقتصادية بموسكو، وقدمت نفسها بديلاً اقتصادياً لزبائن النفط والغاز الروسيَّيْن الأوروبيِّين.
وحسب محللين عسكريين، فإن بوتين يعاني نقصاً في الإمداد العسكري، بعد تَحوُّل العملية العسكرية في أوكرانيا إلى حرب استنزاف، وتأثير العقوبات الغربية في الصناعة العسكرية الروسية. ويفسرون ذلك بطرقه أبواب حلفاء بلاده، كإيران وكوريا الشمالية، للتزوُّد بأسلحة وذخائر إضافية.
وفي شهر سبتمبر/أيلول الماضي كشفت تقارير استخباراتية أمريكية أن روسيا اشترت ملايين القذائف المدفعية والصواريخ من كوريا الشمالية، مفسّرة ذلك بأنه مؤشّر على النقص الحادّ الذي تواجهه القوات الروسية في ما يخصّ توفير الذخائر الكافية لاستمرار عملياتها العسكرية في أوكرانيا.
وتجمع روسيا والصينَ عقودٌ من العلاقات الاستراتيجية، وتعاون عسكري وطيد. وعقب اندلاع الحرب في أوكرانيا في 24 فبراير/شباط 2022، أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي أن هذا التعاون الاستراتيجي والعسكري لبلاده مع روسيا "لا حدود نهائية له، غير مشروط، ولا يعترف بمناطق محظورة"، مما يرجح، حسب مراقبين، إمكانية تغيير بكين موقفها بشأن الامتناع عن إرسال الأسلحة لأوكرانيا بما يخدم مصالحها الاستراتيجية.
وإن كان هذا الامتناع عن التصدير يشمل أساساً الأسلحة الصينية والذخائر الهجومية الفتاكة، فلم تمنع بكين شركاتها من استمرار توريدها التكنولوجيا العسكرية إلى شركات صناعة السلاح الروسية، حتى بعد اندلاع الحرب، حسبما كشفت سجلات جمركية، مُظهِرة أن شركات الدفاع الصينية المملوكة للدولة تشحن معدات الملاحة وتكنولوجيا التشويش وقطع غيار المقاتلات النفاثة إلى شركات الدفاع الروسية الخاضعة للعقوبات.