وتقول المؤسسة إنها "مكرّسة بشكل أساسي للسعي إلى تحقيق العدالة، رداً على الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبتها إسرائيل ضد الفلسطينيين".
وهند طفلة فلسطينية كانت في عمر 5 سنوات حين قتلها جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصف سيارة لجأت إليها مع 6 من أقاربها في حي تل الهوى جنوب غربي مدينة غزة، في 29 يناير/كانون الثاني 2024.
وفي الأسابيع الأخيرة بات اسم "هند رجب" معروفاً في إسرائيل لدور المؤسسة، التي تأسست في فبراير/شباط 2024، في ملاحقة الجنود الإسرائيليين قضائياً في أنحاء العالم.
وتهدف الحركة، كما يقول المستشار القانوني فيها هارون رضا، إلى الاعتراف بالإبادة الجماعية في جميع جوانب الحياة، وبدء إجراءات قانونية ضد الجنود الإسرائيليين وكل من شارك في الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.
ويضيف هارون رضا في حديث له مع TRT عربي، أن مؤسسة هند رجب هي ثمرة، ويمكن القول، الكيان القانوني المنبثق عن حركة 30 مارس، إذ جرى تسجيلها ككيان قانوني في بروكسل، بلجيكا، وهي مقر منظمتنا.
وتركز مؤسسة هند رجب بشكل أساسي على التقاضي الهجومي، بمعنى أنها تلاحق قانونياً جنود الجيش الإسرائيلي، والوزراء، وأشخاصاً وشركات أخرى تتحمل المسؤولية عن الإبادة الجماعية.
ويؤكد موقعها الإلكتروني أنها "عازمة على السعي إلى مستقبل تسوده المساءلة، إذ لا تكون العدالة مجرد طموح، بل حقيقة ملموسة. ونحن نتمسك بالتزامنا إنهاء إفلات إسرائيل من العقاب، وتحقيق العدالة، وضمان تكريم إرث أولئك الذين فقدناهم".
"جنيت على نفسي، وها أنا أتحمل العواقب"
من خلال متابعة موقعها الإلكتروني وحساباتها على منصات التواصل الاجتماعي، يمكن رصد شكاوى قدمتها المؤسسة إلى محاكم في دول عديدة ضد جنود إسرائيليين بشبهة ارتكاب جرائم حرب بغزة.
وتتابع المؤسسة تحركات الجنود الإسرائيليين، وتستعين بمقاطع فيديو وصور نشروها بكثرة على منصات التواصل الاجتماعي خلال مشاركتهم في حرب الإبادة بغزة، وباتت أدلة إدانة لهم.
أما بالنسبة لدور وسائل التواصل الاجتماعي، فهي بالغة الأهمية لأنها تستخدم المعلومات المتاحة للعامة كأساس لشكاويها، وملاحقاتها القضائية، وقضاياها.
وفي هذا الإطار، يشير المحامي رضا إلى أنه نظراً للكم الهائل من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك مقاطع الفيديو والصور والنصوص، فقد أصبح لدينا تقريباً كنز حقيقي من الأدلة التي وفرها لنا جنود الجيش الإسرائيلي، ووحداته، وشركاؤه، وغيرهم من المجرمين.. وهذا يجعل من السهل للغاية تقديم شكاوى ضدهم.
وفي أحد الأمثلة قالت المؤسسة على موقعها الإلكتروني: "في 31 ديسمبر/كانون الأول 2023، نشر عمري نير، وهو جندي في كتيبة الهندسة القتالية 601 التابعة لقوات الجيش الإسرائيلي، صورة على إنستغرام".
وفي الصورة "يظهر نير وهو يقف داخل منزل في غزة كان ذات يوم ملكاً لعائلة فلسطينية قُتلت أو نزحت في أثناء الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل"، حسب المؤسسة.
وتابعت: "أبرزت الصورة، التي تمثل عرضاً مرعباً للإفلات من العقاب، دوره (نير) في الإبادة الجماعية التي شهدتها غزة".
وزادت أنه "في هذا العام، بينما يسافر عمري نير إلى تايلاند للاحتفال بليلة رأس السنة الجديدة مرة أخرى، يبدو العالم مختلفاً تماماً بالنسبة له، فقد اكتشفت مؤسسة هند رجب (...) وجوده في تايلاند وتصرفت بحزم".
قائمة بألف جندي
ويشير المحامي هارون رضا إلى أن المؤسسة قدمت شكوى ضد 1000 جندي من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي أمام المحكمة الجنائية الدولية، وشاركت هذه الشكوى مع 10 دول عبر سفاراتها في لاهاي.
ويضيف رضا إلى أن المؤسسة أرسلت "8000 دليل مرفق، بما في ذلك مقاطع فيديو وصور وغيرها، من أجل محاكمتهم إما على مستوى المحكمة الجنائية الدولية أو على المستوى الوطني.
ويلفت رضا الانتباه إلى أنه "إلى جانب هؤلاء الـ1000 جندي، لدينا على الأقل 27 قضية معلقة في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في هولندا، وبلجيكا، وفرنسا، والمملكة المتحدة، والإكوادور، وقبرص، والبرازيل، والأرجنتين، (كما تعلمون الآن) وعدة ولايات قضائية أخرى".
وفيما يتعلق بالبرازيل، يوضح رضا أن المؤسسة قدمت شكوى عبر محاميها الخارجي، ويضيف: "نحن سعداء جداً بأن المحكمة البرازيلية، ولأول مرة، أصدرت أمراً ببدء تحقيقات ضد جندي إسرائيلي. على حد علمنا، هذه هي المرة الأولى التي يجري فيها فتح تحقيق ضد جندي إسرائيلي خارج إسرائيل".
وأقر مصدر رفيع المستوى في الخارجية الإسرائيلية لـ"هآرتس" الاثنين، بأن "إسرائيل لديها خيارات قليلة للغاية للتعامل مع المشكلة، وحتى هذه الخيارات لا يجري استخدامها بشكل صحيح حالياً".
وتحدث المصدر، الذي لم تسمّه الصحيفة، عن "أهمية إقناع أكبر عدد ممكن من الدول بأن إسرائيل تجري تحقيقات صادقة وجريئة في المخالفات التي تحدث في صفوفها".
ولكنه استدرك معرباً عن "قلقه من أن الحكومة الحالية تفعل العكس تماماً عبر مهاجمة النيابة العسكرية (الإسرائيلية) لاتخاذها إجراءات ضد الجنود المشتبه باعتدائهم جسدياً على المعتقلين الفلسطينيين".
ومساء الأحد، حذر الجيش الإسرائيلي عناصره الاحتياط من احتمال اعتقالهم خارج البلاد، وذلك بعد فرار أحد عسكرييه من البرازيل إثر محاولة اعتقاله بشبهة ارتكاب جرائم حرب.
ووفق "هآرتس"، فإن الجيش حذر جنود وضباط الاحتياط فقط لأن العسكريين النظاميين لا يمكنهم السفر دون موافقة مسبقة من الجيش على عكس الاحتياط.
لا عطلة لجنود الاحتلال
وحول أهمية هذا النوع من الشكاوي يشير رضا إلى أنها تكمن بشكل خاص في إيصال رسالة لهؤلاء الجنود بأن الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لا يمكن أن تمر دون عقاب، وأننا سنلاحقهم قانونياً أينما كانوا.
ويشدد على أنه " من المهم جداً أن يدركوا ذلك، وأن يفهموا أن "العطلة قد انتهت"، سواء بالمعنى الحرفي أو المجازي. كما يجب أن يدركوا أنهم أينما ذهبوا لقضاء عطلتهم، فإنهم قد يواجهون خطر الملاحقة القضائية".
ويوضح رضا أنه "بشكل عام لا توجد دائماً رحلات مباشرة من إسرائيل إلى هذه الوجهات. وهذا يعني أن الدول التي تمثل محاور عبور، مثل تركيا وقطر ودبي، لديها التزام باتخاذ إجراءات ضدهم واعتقالهم أثناء مرورهم عبر أراضيها".
وفي ما يتعلق بحالة هذا الشخص الذي كان يقضي عطلته في سريلانكا، قال رضا: "ما فهمناه هو أنه بمجرد أن أدرك خطورة الوضع تلقى تحذيرات متعددة من السفارة الإسرائيلية، وحسب معلوماتنا فإن هذا الشخص فرّ لاحقاً من الولاية القضائية".