منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، بلغ عدد اللاجئين الأوكرانيين الذين عبروا الحدود الأوروبية فارين من القتال نحو 18.8 مليون شخص، وفق أرقام المفوضية الأممية السامية لشؤون اللاجئين. ومن بينهم آلاف الأجانب الذي اشتركوا مع نظرائهم الأوكرانيين في التهديدات التي تمثل الحرب على حياتهم.
بالمقابل، وبالنسبة إلى الدول الأوروبية، فاللاجئون ليسوا على حد سواء. وهنا لا نتكلم فقط عن الخطاب الإعلامي الذي واكب موجة اللجوء الأولى، والذي كشف جوانب من عنصرية ذلك الإعلام. بل عن ممارسات تمييزية ممنهجة، يعاني منها اللاجئون الأجانب الفارّون من أوكرانيا، تحرمهم حقوقهم في الحماية الدوليَّة.
معاملة تمييزية
قبل اندلاع الحرب، كان يعيش في أوكرانيا نحو 77 ألف طالب أجنبي غير أوروبي، إضافة إلى نحو 70 ألف مهاجر غير نظامي، أغلبهم من دول شرق ووسط آسيا وإفريقيا جنوب الصحراء. هؤلاء أيضاً وجدوا أنفسهم أمام ضرورة الهرب مجدداً في لجوء مزدوج.
فيما لم يكن التعامل في البلدان الأوروبية مع هؤلاء بنفس الطريقة التي جرى التعامل بها مع اللاجئين الأوكرانيين. ذلك إذ نُصّت إجراءات لجوء مختلفة لكل حالة ، تحرم اللاجئين حقوقهم في الحماية الدولية لهم بصفتهم فارّين من منطقة حرب.
فوفق توجيه الحماية المؤقتة للاتحاد الأوروبي الذي مُنح للاجئين الأوكرانيين، يُسمح بالعيش والعمل في الاتحاد الأوروبي لمدة تصل إلى ثلاث سنوات، إضافة إلى وضعهم في فئة استثنائية تمنحهم الحقوق والحماية دون الاضطرار إلى اللجوء إلى إجراءات طلب اللجوء المرهقة. وهو ما لا ينطبق على اللاجئين الأجانب من أوكرانيا.
ولا تسمح القوانين الأوروبية لهؤلاء الأجانب الفارين من أوكرانيا بالحصول على الحماية المؤقتة إذا كانوا يحملون إقامة دائمة في أوكرانيا. فيما يستثني هذا بحكم الأمر الواقع طالبي اللجوء والعديد من رعايا البلدان الثالثة المعرضين للخطر ممن ليس لديهم وثائق، كما الإقامات الطلابية المؤقتة.
وحتى للذين يحملون إقامة دائمة في أوكرانيا لا يعاملون على قدم المساواة مع حاملي الجنسية الأوكرانية، فهم محرومون عدة امتيازات، من أبرزها أن الحماية لا تشمل عائلاتهم إذا لم يتوفروا على الإقامة.
وأثارت هذه القوانين موجة سخط بين منظمات المجتمع المدني الداعمة لحقوق اللاجئين، معتبرة ذلك شكلاً من أشكال العنصرية، وفي مايو/أيار الماضي، نظمت هذه المنظمات مظاهرة احتجاجية في برلين تنديداً بهذا الأمر. وحسب جوليان جيبل، مؤسس منظمة "الرعايا الأجانب في أوكرانيا"، فإن هذه الإجراءات الأوروبية تكشف أن التعامل مع اللاجئين يختلف باختلاف جواز السفر.
عنصرية منذ البداية
وتعود هذه المعاملة التمييزية لرعايا الدول الأجنبية الذين فروا من أوكرانيا، بخاصة الأفارقة والأسيويين، إلى أول محاولة لهم دخول الأراضي الأوروبية بعد انطلاق الحرب. وجرى تداول مقاطع فيديو وشهادات على وسائل التواصل الاجتماعي، تدين التمييز في محطات القطارات والمراكز الحدودية.
ووقتها قال رئيس الاتحاد الإفريقي، الرئيس السنغالي ماكي سال، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقي محمد في بيان مشترك، إن "التقارير التي تفيد باستهداف الأفارقة بمعاملة تمييزية غير مقبولة وتمثل عنصرية صادمة وتنتهك القانون الدولي".
وأعربت الأمم المتحدة هي الأخرى عن "صدمتها" إزاء التقارير التي أفادت بتعرض آسيويين وأفارقة فارّين من الحرب في أوكرانيا "للتمييز ومعاملة سيئة" لأسباب عرقية. وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك: "الأمين العام مصدوم بشأن تقارير أفادت بتعرض الفارّين من غير الأوكرانيين، من الأعمال العسكرية في هذا البلد لمضايقات ومعاملة تمييزية بسبب لون البشرة".