في خطاب مصور، حذّر الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي الأحد، من "الوضع الصعب" الذي تواجهه قواته على خط المواجهة في الشرق، مشيراً إلى أن روسيا "تريد أن تطول الحرب وتُنهك قواتنا". وعليه، طالب زيلينسكي حلفاءه الغربيين بالإسراع في تسليم ما وعدوا به من مساعدات عسكرية، على رأسها الدبابات القتالية "بالكمية والكيفية اللازمة".
هذا قبل أن يوسع الرئيس الأوكراني لائحة طلبات بلاده، لتشمل صواريخ بعيدة المدى، في وقت أشارت فيه تقارير إعلامية مختلفة، إلى ضغط كييف من أجل حصولها على طائرات مقاتلة أمريكية من طراز "إف-16"، وتحدَّث نائب وزير خارجيتها عن طلب التزود بفرقاطة حربية من ألمانيا.
في المقابل، تعيد هذه الطلبات الأوكرانية الملحة على الأسلحة الغربية، نقاش الحلفاء إلى نقطة الصفر، بعد ما كشف عنه الاتفاق حول تسليم الدبابات من خلافات؛ بين داعم لفكرة الإمداد العسكري غير المشروط ومتخوف من التورط في صدام مباشر مع روسيا.
"طلبات لا تنتهي"
وفق ما نقل موقع "بوليتيكو"، عن مسؤولين حكوميين أوكرانيين، السبت، فإن المناقشات جارية داخل وزارة الدفاع بشأن طلب الحصول على مقاتلات "إف-16" الأمريكية، من أجل الإعداد لهجوم مضاد تنوي كييف إطلاقه بحلول الربيع.
وحسب ما صرّح به مساعد وزير الدفاع الأوكراني، يوري ساك، فإن بلاده لا تطالب فقط بطائرات "إف-16"، بل بالنسخ الأحدث منها. وقال ساك، في حديث لـ"رويترز": "نريد الجيل الرابع من إف-16.. وإذا حصلنا عليها ستكون مزاياها كبيرة داخل ساحة المعركة".
وتأتي هذه المطالب، حسب الموقع، مدفوعة بالاستجابة الغربية السريعة بشأن طلب الدبابات، مع أنها ظلت لوقت طويل محظورة على أوكرانيا. وهو ما يدفع مسؤولي كييف إلى التفاؤل بأن المقاتلات الأمريكية يمكن أن تكون القادمة.
ولم يعبر الأوكرانيون بعد لحلفائهم الغربيين عن مدى أولوية حصولهم على هذه المقاتلات، ارتباطاً بمسار المعارك على الأرض، لكن هذه المطالب قد تنتقل إلى الصدارة قريباً، حسب ما كشفه مسؤولون على رأسهم كبير مستشاري وزير الدفاع الأوكراني، متحدثاً عن سعي بلاده إلى شراء طائرات حربية حديثة من الولايات المتحدة والدول الأوروبية.
وفي السياق نفسه، اقترح نائب وزير الخارجية الأوكراني أندريه ميلنيك، تسليم بلاده غواصة وفرقاطة ألمانية خرجت من الخدمة. وكتب ميلنيك، في تغريدة، أنه "قبل شهر، أوقفت ألمانيا الفرقاطة "لوبيك"، بعد خدمة دامت 32 عاماً، ومع الإرادة السياسية يمكن نقل تلك الفرقاطة إلى أوكرانيا لمحاربة الغواصات والسفن الحربية الروسية في البحر الأسود".
وأضاف أنه "إذا لم تُنقل السفينة الحربية بأكملها، فإن إرسال أسلحتها، مثل صواريخ "سي سبارو" و"هاربون" سيعزز قواتنا الأوكرانية". وفي تغريدة منفصلة قبل ساعات، دعا ميلنيك ألمانيا إلى منح أوكرانيا إحدى غواصاتها الست من طراز HDW Class" 212A"، معتبراً إياها "إحدى أفضل الغواصات في العالم وضرورية لتعزيز جاهزية أسطول البحر الأسود".
هل يستجيب الغرب لإلحاح كييف؟
ليست تلك المرة الأولى التي يطرح فيها نقاش تسليم مقاتلات جوية إلى أوكرانيا، إذ انطلق ذلك مع اندلاع الحرب بالبلاد. غير أن الحلفاء في الناتو، وعلى رأسهم الولايات المتحدة وألمانيا، تخوفوا من القرار. وعارضت واشنطن، في مارس/آذار الماضي، مقترحاً بولندياً بتزويد كييف طائرات مقاتلة عبر قاعدة رامشتاين الجوية.
اليوم، بعد مسار المحدثات الذي عرف تعثرات عدة، نجحت أوكرانيا في الحصول على وعود بتسليمها شحنات من دبابات "آبرامز" الأمريكية و"ليوبارد" الألمانية. وهو ما يرخي بظلاله على طلبها مؤخراً طائرات "إف-16"، دافعاً عدداً من الحلفاء إلى إبراز مواقف إيجابية بشأنه.
وأعربت الحكومة البولندية عن دعمها لطلب تسليم كييف المقاتلات الأمريكي، لكنها اشترطت أن لا يجري ذلك إلا عبر تنسيق مع الحلفاء في الناتو. ومن جانبها، عبّرت هولندا عن موافقتها على الطلب الأوكراني واستعدادها لتسليم تلك الطائرات بشرط أن لا تكون من مخزوناتها. فيما كشفت شركة "لوكاهيد مارتن" الأمريكية عن قدرتها الإنتاجية لتلبية ذلك الطلب.
بالمقابل، يثير طلب "إف-16" مخاوف كبيرة من تورط الناتو في مواجهة مباشرة مع روسيا، وهو ما يؤكده محللون عسكريون، إذ يتحدّثون عن أن وجود هذا النوع من المقاتلات سيثير ردة فعل غاضبة في موسكو.
وحسب موقع "يو كاي ديفانس جورنال" البريطاني، المتخصص في شؤون العتاد العسكري، فإن مقاتلات "إف-16" قادرة على قلب معادلة الحرب في الأجواء الأوكرانية، وهو ما يمكن أن يصعد في رد الفعل الروسي ضد هذه المساعدات.
وهو التخوف الذي يرجع إليه مراقبون الموقفَ الألماني بشأن إرسال مقاتلات إلى أوكرانيا، إذ أعرب المستشار أولاف شولتز عن رفضه للفكرة، مؤكداً أن بلاده لن ترسل طائرات لأوكرانيا.
وقال شولتز في مقابلة أجرتها معه صحيفة "تاغس شبيغل": "لا يسعني سوى أن أنصح بعدم الدخول في حرب مزايدة مستمرة عندما يتعلق الأمر بأنظمة الأسلحة". محذّراً من أن انطلاق نقاش جديد حول المساعدات العسكرية "يقوّض ثقة المواطنين في قرارات الحكومة"، كما يزيد من "خطر التصعيد" لا سيما أن موسكو دانت بالفعل خطوة برلين وواشنطن بإرسال الدبابات إلى أوكرانيا.
وتعيد مطالب كييف بمساعدات عسكرية إضافية، حلفاءها الغربيين إلى نقطة الصفر، بعد مسار الموافقة على تسليم الدبابات الذي مرَّ من عنق الزجاجة، وشهد تعثرات كبيرة كادت أن تؤدي إلى انقسام في مواقف بشأن الحرب.