تعيش الهند على وقع احتجاجات عنيفة، رفضاً لقرار حكومة مودي تغيير نظام الخدمة العسكرية، بآخر أطلقت عليه اسم "درب النار". وتخللت هذه الاحتجاجات أعمال عنف واسعة، وعمد المشاركون فيها إلى نهب مرافق عامة وحرق قطارات، كما الاشتباك مع رجال الشرطة الذين اعتقلوا منهم عدداً كبيراً.
هذا ويعيب المحتجون على نظام التجنيد الجديد تخفيضه مدة الخدمة بالنسبة للرتب الدنيا، في وقت تمثل الوظيفة في المؤسسة العسكرية فرصة للطبقات الفقيرة من أجل تحصيل دخل مستقر. وتدافع الحكومة عن قرارها بكونه يهدف إلى تشبيب المؤسسة العسكرية وتقليص الإنفاق على معاشات التقاعد.
احتجاجات "درب النار"
يقضي النظام الجديد، الذي يسمى "درب النار" في اللغة الهندية، بتجنيد الشبان والشابات بين 17.5 و21 عاماً لمدة أربع سنوات بالنسبة لرتب غير الضباط مع إبقاء ربع هؤلاء المجندين فقط في الخدمة فترات أطول. هذا عوض النظام القديم، الذي كانت فيه القوات البرية والقوات البحرية والقوات الجوية كل على حدة تجند الأفراد لمدة 17 عاماً في العادة للرتب الأدنى.
رداً على هذه التعديلات اجتاحت، يوم الخميس، مظاهرات واسعة عدداً من مقاطعات الهند. وقالت الشرطة الهندية بأن حشوداً غاضبة أشعلت النار في عربة قطار وأغلقت سككاً حديدية وطرقاً في احتجاجات على نظام جديد للتجنيد بالجيش.
وأفاد المدير العام المناوب للشرطة في ولاية بيهار شرق البلاد، سانجاي سينغ، في تصريح له لوكالة رويترز، بأن المحتجين "قد عطلوا حركة القطارات في عشرة أماكن"، وأشعلوا النار في مكتب لحزب بهاراتيا جاناتا (الحاكم) في مدينة نوادا، كما هاجموا محطات السكك الحديدية وأغلقوا الطرق في وقت امتدت فيه المظاهرات إلى عدد من مناطق البلاد.
وأضاف سينغ لرويترز بأن "أكثر من 100 شخص اعتقلوا في احتجاجات في أنحاء الولاية الخميس". وقالت إدارة الإعلام في ولاية هاريانا بأن السلطات في منطقة بلوال حجبت الإنترنت عن الهواتف المحمولة مؤقتاً.
هذا وانتقدت أحزاب المعارضة وبعض أعضاء حزب رئيس الوزراء ناريندرا مودي قرار الحكومة بشأن تعديل نظام التجنيد، معتبرين أن النظام الجديد سيؤدي إلى مزيد من البطالة المرتفعة بالبلاد.
الهند... جحيم الفقراء!
وتزيد القرارات الجديدة للحكومة الهندية من تأزم وضع الطبقات الفقيرة بالبلاد، وهم أغلبية سكانها. حيث يعيش ثلثا الشعب الهندي تحت خط الفقر، و30% منهم لا يتعدى مدخولهم اليومي 1.25 دولار أمريكي. كما يعاني 200 مليون طفل هندي سوء تغذية مزمناً، و12.5 مليون يجري استغلاهم في أعمال قاسية.
أمام هذا الوضع تمثل المؤسسة العسكرية مفراً لهذه الطبقات من أجل تحصيل قوت ثابت ليومهم، وهو ما يضربه النظام الجديد للتجنيد في مقتل، إذ يقلص مدة الخدمة من 17 سنة إلى 4 سنوات. وتعرف الهند نسب بطالة مرتفعة، تتراوح ما بين 8.2% في المجال الحضري و8.7% في المجال القروي.
ويبلغ تعداد أفراد الجيش الهندي 1.38 مليون، قسمهم الأكبر من الرتب الصغيرة، الذين يعانون أساساً من ضعف الرواتب، حيث تتراوح قيمة هذه الرواتب ما بين 278 و326 دولاراً أمريكياً في الشهر.