نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية، الاثنين الماضي، مقالاً تحت عنوان "الحقيقة وراء "نظرية الاستبدال العظيم" التي يطلقها المتطرفون الهنود المعادين للمسلمين" كشفت خلاله زيف خداع المتطرفين الهندوس واستخدامهم لنظريات معادية للمسلمين، مثل "الاستبدال العظيم" و"القنبلة السكانية"، التي تدعي أن المسلمين الهنود سيزيد عددهم بسبب معدلات الخصوبة حتى يصبحوا الغالبية ويقضوا على الهندوسية.
فيما أشار الصحفي تشارو سودان، كاتب المقال، إلى أن الهندوس المتطرفين يستخدمون نسختهم الخاصة من "نظرية الاستبدال العظيم" التي تلجأ إليها جماعات اليمين المتطرف في أوروبا لمحاربة المسلمين في أوروبا وأمريكا والتضييق عليهم.
تحريض ممنهج
أعلن الكاهن الهندوسي المتطرف، ياتي نارسينغاناند، في اجتماع ديني عقد الشهر الماضي مخاطباً أتباعه الهندوس: "بهذه الطريقة التي تتزايد بها أعدادهم (المسلمون)، سيكون هناك رئيس وزراء مسلم في عام 2029. بمجرد حدوث ذلك، سيضطر 50% من الهندوس للتحول الديني، وسيقتل 40% منهم".
وفي وقت سابق وجّه الكاهن نارسينغاناند، الذي كان قد خرج بكفالة بعد اعتقاله في وقت سابق من هذا العام بتهم خطاب الكراهية، تحذيراً صارخاً لمليار هندوسي في الهند: "أنجبوا المزيد من الأطفال أو كونوا مستعدين للعيش في دولة إسلامية".
ويأتي كل هذا التصعيد تزامناً مع إشارة اللجنة الأمريكية للحريات الدينية إلى أن الحريات تراجعت "بشكل كبير" في الهند في ظل حكم القوميين الهندوس وأوصت مجدداً بفرض عقوبات محددة على نيودلهي رداً على الإساءات التي تمس الأقليات الدينية هناك. وأوصت اللجنة بوضع الهند على قائمة "البلدان المثيرة للقلق بشكل خاص"، الأمر الذي أثار غضب نيودلهي في السابق.
البيانات الرسمية لها رأي آخر
كشفت البيانات الرسمية التي أفرج عنها في وقت سابق من شهر مايو/أيار الماضي عن كذبة الهنوس الصارخة بحق التغيير الديمغرافي الذي سيحدثه المسلمون في السنوات القادمة. وجاء فيها أن 14% من سكان البلاد يدينون بالإسلام، وعليه فدعوة نارسينغاناند تكرر الخط الذي استخدمه العنصريون الهندوس لأجيال للتحريض على القلق بشأن احتمالية وجود أغلبية مسلمة في الهند في دولة 80% من سكانها الهندوس.
إلا أن الأسطورة الوحيدة التي يجري الاستشهاد بها بشكل متكرر هي معدل الخصوبة أعلى بشكل ملحوظ بين المسلمين مقارنة بالمجتمعات الأخرى في الهند. ومع ذلك، يُظهر أحدث مسح وطني لصحة الأسرة أن معدل الخصوبة لدى المسلمين انخفض أكثر بين جميع المجتمعات بين 2015-16 و2019-20، ويبلغ الآن 2.36 ، أي ما يقرب من نصف الرقم - 4.4 - منذ ثلاثة عقود. في حين أن هذا لا يزال الأعلى بين جميع الأديان في الهند، فإن الفجوة بينه وبين معدل الخصوبة الهندوسي - 1.94 - آخذ في التقلص. أكدت أحدث الإحصاءات النتائج التي توصل إليها مركز بيو للأبحاث في سبتمبر/أيلول الماضي، بناءً على بيانات قديمة.
من جانبه قال رئيس مفوضية الانتخابات الهندية السابق شهاب الدين قريشي، الذي يتحدى بكتابه "الأسطورة السكانية" الأسطورة الهندوسية: "إن الأمر واضح كضوء الشمس: فكرة أن المسلمين سيصبحون أكبر مجتمع في الهند هي خدعة كاملة".
الهند أخطر مكان لعيش المسلمين
منذ مجيء حزب الشعب الهندي الهندوسي بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي إلى رأس السلطة في الهند العلمانية عام 2014، تحولت الهند بشكل متسارع إلى مكان يعد من الأكثر خطورة في العالم لعيش الأقلية المسلمة، وذلك بعد تصاعد حدة التوتر حول قانون حظر الحجاب الذي طبقته عدة ولايات هندية، بالإضافة إلى التهديد بهدم مساجد المسلمين ومنعهم من أداء صلاة الجمعة أيضاً وسط تصاعد الشحن القومي والطائفي.
وأوضح التقرير الذي نشرته شبكة حقوق الإنسان في جنوب آسيا نهاية عام 2020، أن سياسات الأغلبية القومية الهندوسية التي ينتهجها حزب الشعب الهندي بهاراتيا جاناتا، بقيادة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، زادت الضغوط على المسلمين في البلاد التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى مكان خطير على الأقلية المسلمة هناك.
وجاء في التقرير السنوي الذي تناول وضع الأقليات في جنوب آسيا، أن السجل الوطني للمواطنين "أن آر سي" الذي أعدته الحكومة الفيدرالية عام 2019، عرّض ملايين المسلمين لخطر تجريدهم من جنسيتهم ليصبحوا بلا جنسية. فيما يقول المعارضون الذين يتعرضون للخطر والتهديد باستمرار، إن "مشروع القانون يُعد تمييزاً ضد المسلمين، وينتهك الدستور العلماني الهندي"، معتبرين القانون هذا خطة من الحكومة القومية التي تهدف إلى جعل 200 مليون مسلم مواطنين من الدرجة الثانية في الهند.