"سابقة خطيرة".. ما تداعيات قرار الكنيست حظر نشاط الأونروا على الفلسطينيين؟ / صورة: AA (AA)
تابعنا

وفي تحدّ للضغوط الأمريكية والدولية للحفاظ على عمل الأونروا (وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين)، صوّت الكنيست مساء الاثنين على حظر عمل الوكالة الأممية خلال 90 يوماً.

وقالت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية "صادقت الهيئة العامة للكنيست بالقراءتين الثانية والثالثة، على قانونين يقضيان بوقف أنشطة أونروا في إسرائيل". ويتطلب أي مشروع قانون التصويت عليه من الكنيست بثلاث قراءات ليصبح قانوناً نافذاً.

وكان ميلر أشار إلى إن بلاده أعربت للحكومة الإسرائيلية عن قلقها بشأن التشريع المقترح، وقال إن هذه القضية أثيرت في رسالة لوزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر منذ أكثر من أسبوعين. كما أوضح أن إقرار التشريع "قد يكون له تداعيات بموجب القانون الأمريكي والسياسة الأمريكية".

ما موقف الولايات المتحدة؟

يأتي تصويت الكنيست ضمن حملة إسرائيلية طويلة الأمد ضد الأونروا وتصاعدت أكثر منذ حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، إذ ادعت إسرائيل أن الوكالة تعرضت للاختراق من قبل حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، فيما تنفي الأونروا هذه الادعاءات.

وتدعم الأونروا اللاجئين الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية المحتلة، بالإضافة إلى البلدان التي يعيش فيها اللاجئون الفلسطينيون كسوريا ولبنان والأردن.

ورغم إقرار حلفاء إسرائيل، أبرزهم الولايات المتحدة، بدور الأونروا في تقديم الخدمات للفلسطينيين إذ قال ميلر إن "أونروا تلعب دوراً حاسماً وهاماً في تقديم المساعدات الإنسانية للمدنيين الذين يحتاجونها في غزة"، إلّا أن إسرائيل مضت في قرار الحظر الذي عارضته أيضاً الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان.

ووفق ميلر، فإن الإدارة الأمريكية تواصل حث إسرائيل على إيقاف تنفيذ هذا التشريع وعدم تمريره على الإطلاق وقال "سننظر في الخطوات التالية بناءً على ما يحدث في الأيام المقبلة".

وفي تصويت بأغلبية 92 صوتاً مقابل 10 حظر الكنيست على الأونروا التي تعمل في إسرائيل وفقاً لمعاهدة عام 1967، ممارسة "أي نشاط" أو تقديم أي خدمة داخل إسرائيل، بما في ذلك مناطق القدس الشرقية، ومن المقرر أن يدخل التشريع حيز التنفيذ خلال 3 أشهر.

ووفق ما تذكره صحيفة "واشنطن بوست" من المؤكد أن القانونين اللذين جرى إقرارهما مؤخراً سيعوقان عمل الأونروا في غزة والضفة الغربية المحتلة، حيث تسيطر إسرائيل على الوصول إلى المنطقتين، ولكن التفاصيل المتعلقة بكيفية تنفيذ التشريع، والحلول المحتملة، لا تزال غير واضحةـ وقد يواجه التشريع أيضاً تحديات قانونية.

"سابقة خطيرة"

وأكدت مسؤولة الإعلام في الأونروا إيناس حمدان في مداخلة مع TRT عربي أن تصويت البرلمان الإسرائيلي ضد الأونروا "غير مسبوق ويشكل سابقة خطيرة" وقالت: "هذا التصويت يأتي كأحدث خطوة في الحملة المستمرة ضد الأونروا"

وأضافت أن هذه القوانين في حال جرى تطبيقها ستكون لها آثار كارثية على اللاجئين الفلسطينيين الذين يعتمدون على خدمات الأونروا المنقذة للحياة، وخصوصاً في قطاع غزة الذي يعاني من حرب طاحنة منذ أكثر من عام.

وأشارت إلى أنه "مثل هذه الإجراءات قد تعرقل عمل الأونروا وخدماتها الإغاثية لقرابة 2 مليون شخص في قطاع غزة"، ومشددةً على أن الأونروا هي العمود الفقري للاستجابة الإنسانية في قطاع غزة ودورها مهم أكثر من أي وقت مضى.

ووفق حمدان، تُدير الأونروا في قطاع غزة، رغم كل التحديات التي تواجهها بسبب استمرار الحرب والعراقيل المفروضة على إدخال المساعدات الإنسانية، 7 مراكز صحية بالإضافة إلى إدارة مراكز الإيواء التي تؤوي مئات الآلاف من النازحين وتقديم الدعم النفسي والاجتماعي للأطفال والنساء والنازحين الذين يعانون من اضطرابات وصدمات نفسية، فضلاً عن كونها المزود الرئيسي للمساعدات الغذائية.

تنديدات دولية

وتعليقاً على قرار الحظر، قال المفوض العام للأونروا، فيليب لازاريني، اليوم الأربعاء إن القانونين الإسرائيليين اللذين جرى تمريرهما مؤخراً، واللذين يحظران أنشطة الوكالة، "سيخلقان فراغاً من شأنه أن يكلّف مزيداً من الأرواح، ومزيداً من عدم الاستقرار في غزة والضفة الغربية"

وأضاف: "سيكون إعادة التأهيل والتعافي أكثر صعوبة.. إنهاء أنشطة الأونروا خلال ثلاثة أشهر يعني أيضاً أن المزيد من الناس سيموتون في غزة لا يوجد أي شك في ذلك".

واعتبر لازاريني أن "القرار ليس مفاجئاً تماماً" وقال "إنه ذروة سنوات من الهجوم على الوكالة، الهدف تجريد الفلسطينيين من وضع اللاجئ. لذلك، فإن هذا القانون يطعن في نهاية المطاف ضد الفلسطينيين أنفسهم".

وسبق أن حذر لازاريني من أن تصويت الكنيست على حظر الوكالة يتناقض مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وينتهك التزامات إسرائيل بموجب القانون الدولي، ويشكل سابقة خطيرة، فيما تعهد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، لاحقاً بنقل القضية إلى الجمعية العامة.

وأمس الثلاثاء، أعرب غوتيرش، في بيان عن قلقه العميق إزاء اعتماد القانونين، وقال إنه من شأنهما، إذا جرى تنفيذهما، أن يمنعا الأونروا من مواصلة عملها الأساسي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.

وأضاف: "الأونروا هي الوسيلة الرئيسية التي يجري من خلالها تقديم المساعدات الأساسية للاجئين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولا يوجد بديل لها".

بدورها، نددت منظمة هيومن رايتس ووتس بالقرار وشددت على أن إسرائيل يتعين عليها سحب التشريع، والتوقف عن استهداف العاملين في مجال المساعدات الإنسانية في غزة، والسماح للأونروا بمواصلة عملها في إنقاذ الأرواح.

وفي بيان سابق، قالت "رايتس ووتش" إنه ينبغي لإسرائيل السماح لأونروا وباقي الوكالات الإنسانية بممارسة عملها في غزة، حيث يواجه السكان المجاعة بسبب استخدام سلطات الاحتلال الإسرائيلي التجويع كسلاح حرب، وهي جريمة حرب".

وأضافت: "ينبغي للحكومات، بما في ذلك الولايات المتحدة، دعم الأونروا علناً وتمويلها بالكامل ومطالبة إسرائيل بسحب مشروع قانونها".

كيف ستؤثر القوانين على عمليات الأونروا؟

وفق "رايتس ووتش"، القوانين تسعى إلى منع الأونروا من العمل في المناطق الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى إغلاق مكاتبها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

كما من شأن التشريع المقترح أن ينهي الاتفاق بين إسرائيل والأونروا منذ عام 1967 والذي التزمت فيه إسرائيل بتسهيل عمل الأونروا، ومن شأن هذا أن يشل فعلياً قدرة الوكالة على الوفاء بولايتها كما حددتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1949.

ويقع المقر الرئيسي للأونروا في القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967 وضمتها في خطوة غير معترف بها دولياً.

ويمر جزء كبير من خطوط إمدادات الوكالة إلى الأراضي الفلسطينية عبر إسرائيل، وإغلاقها من شأنه أن يخلق مزيداً من العقبات أمام إيصال المساعدات الأساسية في كل شيء من الدقيق والخضروات المعلبة إلى البطانيات والمراتب الشتوية إلى غزة، حسب ما يذكره تقرير "واشنطن بوست".

وبعد إقرار القانونين، يحظر على أي مسؤول إسرائيلي إجراء اتصالات مع أونروا. ولن تتمكن وزارة الداخلية الإسرائيلية من إصدار تأشيرات دخول لموظفي الوكالة.

كما لن يتمكن موظفو الجمارك من تنفيذ إجراء إدخال البضائع التي تستوردها "أونروا" إلى قطاع غزة أو الضفة الغربية، وسيجري إلغاء الإعفاء من الضرائب التي تحظى بها الوكالة.

وفي الوقت الحاضر، يتعين تنسيق جميع شحنات المساعدات إلى غزة مع "هيئة تنسيق أعمال الحكومة في المناطق"، وهي الهيئة العسكرية الإسرائيلية المسؤولة عن الشؤون المدنية، والتي تفتش جميع الشحنات، وتقول جماعات الإغاثة إن عملها يعوقه بالفعل التأخير من الجانب الإسرائيلي، والقتال المستمر، وانهيار القانون والنظام داخل غزة، حسب "واشنطن بوست".

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان يوم الاثنين إن إسرائيل "مستعدة للعمل مع شركائنا الدوليين لضمان استمرار إسرائيل في تسهيل المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة بطريقة لا تهدد أمن إسرائيل". لكن العديد من هؤلاء الشركاء يصرون على عدم وجود بديل للأونروا.

واستنكر متحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، جيمس إلدر، التي تقدم أيضاً مساعدات لغزة، هذه القوانين الجديدة قائلاً: "لقد جرى العثور على طريقة جديدة لقتل الأطفال".

وقال إلدر إن خسارة الأونروا "من المرجح أن تؤدي إلى انهيار النظام الإنساني في غزة". وأضاف أن اليونيسيف "ستصبح عاجزة فعلياً عن توزيع الإمدادات المنقذة للحياة"، مثل اللقاحات وملابس الشتاء والمياه والغذاء لمكافحة سوء التغذية.

ويدرس المسؤولون الإسرائيليون إمكانية أن يتولى الجيش أو المتعاقدون من القطاع الخاص توزيع المساعدات، لكنهم لم يطوروا خطة ملموسة بعد، حسب مسؤولَين تحدثا إلى "واشنطن بوست" بشرط عدم الكشف عن هويتهما.

ولا يقتصر الخطر على المساعدات التي تقدمها الأونروا إلى غزة، حيث تعد الوكالة أكبر جهة توظيف إذ تدير الأونروا أيضاً مدارس في الضفة الغربية المحتلة تخدم أكثر من 330 ألف طفل، فضلاً عن مراكز الرعاية الصحية ومشاريع البنية الأساسية.

وقالت إيمي بوب، رئيسة المنظمة الدولية للهجرة، وهي هيئة أخرى تابعة للأمم المتحدة، إنها لن تكون قادرة على سد الفجوة التي خلّفتها الأونروا، والتي وصفتها بأنها "ضرورية للغاية"، وأضافت "إنهم يوفرون التعليم والرعاية الصحية وبعض الاحتياجات الأساسية للأشخاص الذين يعيشون هناك منذ عقود".

وتأسست الأونروا بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وجرى تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس، الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، وقطاع غزة.

وتقدم الأونروا خدماتها الإغاثية والصحية والتعليمية للاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس وهي: الضفة الغربية بما فيها القدس، وقطاع غزة، وسوريا ولبنان والأردن.

TRT عربي