جانب من مراسم التوقيع التي جرت في مدينة لشبونة البرتغالية / صورة: وسائل التواصل الاجتماعي (وسائل التواصل الاجتماعي)
تابعنا

وجرت مراسم توقيع عقد المشروع في حفل أُقيم في العاصمة البرتغالية لشبونة بتاريخ 17 ديسمبر/كانون الأول، بحضور مسؤولين بارزين من كلا البلدين. وتمثل هذه الاتفاقية إنجازاً كبيراً لتركيا في مجال التعاون الدفاعي مع الدول الأوروبية.

السفن، التي تُعرف باسم سفينة التزويد والدعم اللوجيستي البحري (AOR)، صُممت لتكون متعددة الوظائف، وتؤدي أدواراً أساسية خلال أوقات السلم والحرب. وتشمل مهامها دعم المنصات البحرية بالحمولات الصلبة والسائلة، بالإضافة إلى القدرة على تنفيذ عمليات برمائية وتزويد القوات المشتركة بالدعم اللوجيستي.

وتتميز السفن بتصميم فريد يلبّي المتطلبات الاستراتيجية والعملياتية للقوات البحرية البرتغالية، مع التركيز على الكفاءة التشغيلية والقدرة على نقل الحمولات الكبيرة بسرعة عالية. كما ستتمتع السفن بقدرات متقدمة في القيادة والسيطرة لدعم العمليات المشتركة.

يُذكر أن السفن سيجري بناؤها في حوض بناء خاص في تركيا تحت إشراف شركة STM، مقاولاً رئيسياً، ما يعزز موقع تركيا بوصفها واحدة من الدول الرائدة في إنتاج السفن العسكرية المتطورة.

صناعة السفن الحربية

وحازت صناعة السفن الحربية أهمية خاصة في الصناعات الدفاعية التركية. وخلال العقدين الماضيين، شهدت تركيا تقدماً كبيراً في بناء السفن الحربية والأنظمة العسكرية الخاصة بها. وفي عام 2005، بدأت تركيا بتنفيذ أول مشاريعها ضمن المبادرة الوطنية الكبرى لإنتاج سفن ومنصات بحرية بقدرات محلية بالكامل. حملت المبادرة اسم "ميلغم (MİLGEM)"، اختصاراً لـ"السفينة الوطنية (Millî Gemi)".

وفي عام 2014، أبرمت رئاسة الصناعات الدفاعية التركية اتفاقية مع شركة STM، التي عملت بالتنسيق مع 50 شركة محلية أخرى لاستكمال تصنيع الطرادات المتبقية من فئة "أدا". وقد أوكلت مهام تطوير أنظمة القيادة، والتحكم، وإدارة الحرب الإلكترونية لشركتي "أسيلسان" و"هافيلسان"، وهما من أبرز الشركات التركية في هذا المجال.

يشير خبير الدفاع والملاحة البحرية كوزان سلجوق أركان، في حديث له مع TRT، إلى أن تركيا تُعد واحدة من بين 10 دول في العالم يمكنها بناء سفنها الحربية الخاصة. وسبق أن صدّرت تركيا منصات بحرية إلى قطر وتركمانستان وماليزيا وإندونيسيا، بالإضافة إلى باكستان التي اشترت أربع سفن من طراز "MİLGEM".

ويلفت الخبير التركي إلى أن تركيا لا تبيع السفن فقط، بل تُعلِّم الدول التي تعمل معها كيفية البناء أيضاً. ويستحضر هناك نموذج باكستان، قائلًا: "نحن الآن نعلّمهم كيفية بناء سفينة. وبدعم من تركيا، بدؤوا في بناء سفنهم التجارية لأول مرة منذ سنوات".

صفقة البرتغال

وتُعد البرتغال من الدول البحرية صاحبة التاريخ البحري العريق، فهي من أولى الدول التي استطاعت بناء أسطول بحري حديث. ويشكل تعاقد شركة STM معها علامة على التقدم التقني والفني الذي وصلت إليه صناعة السفن التركية.

ويرى أركان أن "دخول سفننا إلى المخزون في السوق الغربية يجعلنا أكثر ثقة في المستقبل. نحن حالياً من بين أول أربع دول غربية من حيث عدد السفن العسكرية التي أنتجناها وإجمالي وزنها. التوقيعات التي وُضعت في البرتغال تشير إلى أننا حصلنا على المفتاح لدفع ذلك إلى الأمام. البحرية التركية تتقدم بثبات نحو مكانة بالغة الأهمية".

ويرجع الباحث أركان ذلك إلى عاملين أساسيين؛ الأول هو "الموثوقية"، ويوضح: "في مشاريع السفن العسكرية، الالتزام بالوعود التي تُقدَّم بشأن المنصات أمر حاسم. فالإخفاق في الوفاء بوعد واحد قد يؤدي إلى تشويه السمعة عالمياً ويجذب انتباه الدول الأخرى، لكن تركيا أثبتت قدرتها على الالتزام بالوعود لسنوات، سواء في السفن اللوجيستية التي صنعتها لأسطولها أو في المشاريع التي أنجزتها لدول أخرى، مما عزَّز الثقة بها".

العنصر الثاني، كما يشير أركان، هو "المرونة". فالقدرة على استغلال الإمكانات المتاحة بكفاءة وفقاً لاحتياجات الطرف الآخر، مع تحقيق رضا "العميل"، عامل حاسم.

ويتفق الخبير نور الله آيدن مع هذا الرأي، ويضيف أن من الأسباب التي دفعت تركيا لتطوير صناعاتها الدفاعية هو عدم مرونة الشركات الدفاعية الأخرى وعدم مراعاتها احتياجاتها الدفاعية.

وهذا الأمر دفع تركيا لاحقاً إلى أن تراعي احتياجات الدول الخاصة عند تصديرها معداتها العسكرية للخارج، خصوصاً السفن الحربية. ويصف نور الله آيدن هذا السلوك بأنه الميزة الأهم للصناعات الدفاعية التركية، ويضرب مثالًا بتصدير سفن "MİLGEM" إلى باكستان، حيث لبَّت تركيا جميع الطلبات الباكستانية لنوعية وخصائص الأسلحة المستخدمة في السفن.

وخلال الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي، واصلت الصادرات الدفاعية التركية الارتفاع، محققةً زيادة بنسبة 18% عن العام الماضي، بقيمة إجمالية بلغت 5.125 مليار دولار، وذلك وفق ما قاله رئيس مؤسسة الصناعات الدفاعية خلوق غورغون، الشهر الماضي.

TRT عربي - وكالات