كشفت تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" الثلاثاء، أن السعودية تتشاور مع الصين لتسعير بعض صادراتها النفطية باليوان، في خطوة يُتوقع أن تؤثر في سيادة الدولار بأسواق النفط العالمية، بتحالف أكبر مستورد في العالم للنفط مع أكبر مصدّر له.
فيما تقول الإحصاءات إن نحو ربع الإنتاج السعودي من الذهب الأسود يتوجه نحو الصين، بالتالي سيصبّ تسعير تلك الصادرات باليوان في مصلحة الطرفين، في وقت يضغط فيه الغرب على المملكة لرفع إنتاجها لتخفيض أسعار المادة في السوق العالمية، لتكبيد روسيا خسائر اقتصادية ردّاً على هجومها على أوكرانيا.
علاقات نفطية وطيدة
تعرف الصادرات السعودية من النفط نحو كل من أمريكا والصين تغيرات متناقضة، فبينما تَقلَّص الاستيراد الأمريكي من مليونَي برميل يومياً في 1991 إلى 500 ألف فقط في ديسمبر/كانون الأول 2021، زادت صادرات المملكة نحو بيكين لتبلغ عتبة 1.76 مليون برميل يومياً.
يبلغ الإنتاج النفطي السعودي الحالي نحو 10.14 مليون برميل يومياً، وتعد الصين أكبر مستورد له. وصرّح مسؤول سعودي مطّلع على المحادثات الصينية لـ"وول ستريت جورنال" قائلاً: "الديناميكيات تغيرت دراماتيكياً، العلاقة الأمريكية مع السعودية تغيرت، الصين اليوم أكبر مستورد للخام، ويوفّرون حوافز مربحة للمملكة".
وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن وليّ العهد محمد بن سلمان وقّع الخميس اتفاقية صادرات بيتروكيماوية مع شركة تكرير صينية، بلغت قيمتها 10 مليارات دولار، وتمويل إنشاء محطة تكرير البترول في الصين، خلال جولة آسيوية لوفد يضمّ كبار المسؤولين التنفيذيين لشركة أرامكو المملوكة للدولة.
ماذا يعني تسعير السعودية نفطها باليوان؟
تأتي المشاورات السعودية لتسعير جزء من صادراتها النفطية للصين باليوان، ضمن مساعي بيكين التاريخية للدفع بعملتها لتحلّ محلّ الدولار في السوق العالمية لتجارة الذهب الأسود. وفي سنة 2018 أبرزت الصين عملتها، اليوان، في العقود النفطية، لكن مساعيها لم تنجح في كبح سيادة الدولار بالأسواق العالمية.
وأنعش الحديث عن هذه الخطوة قيمة اليوان في أسواق العملات الدولية، حسب تقرير لبلومبورغ الأمريكية، إذ ارتفع اليوان الصيني 0.1% إلى 6.3867 مقابل الدولار. إضافة إلى ذلك سيؤدِّي تسعير النفط الخام باليوان إلى زيادة الفائض التجاري من تلك العملة ويقلّل احتياطيات الدولار الأمريكي.
فيما يعتمد الدولار الأمريكي كثيراً في إنعاش قيمته على "البترودولار"، وهي فائضات احتياطياته الناتجة عن المعاملات التجارية النفطية في فترات ارتفاع أسعار البرميل، كالفترة التي تمرّ بها في هذه الأيام الأسواق العالمية.
الأمر الذي يفسر وصف مسؤول أمريكي رفيع، في تصريحه لـ"وول ستريت جورنال"، توجُّه السعوديين إلى بيع النفط للصين باليوان بأنها فكرة "شديدة التقلب وعدائية"، مشيرا إلى أن دأب الرياض على طرحها في الماضي عندما شهدت علاقاتها مع واشنطن توتراً ملحوظاً.