أصبحت معظم حقول النفط السورية شمال شرقي سوريا تحت سيطرة الولايات المتحدة وإشرافها عبر ما يسمى بـ"قوات سوريا الديمقراطية قسد"، وهي المظلة العسكرية لتنظيم YPG الإرهابي، فيما تشرف روسيا من خلال النظام السوري على معظم حقول الغاز شرقي البلاد ووسطها، كما تملك امتياز استكشاف الغاز واستخراجه من مكامنه المكتشفة حديثاً قبالة الشواطئ السورية شرقي البحر المتوسط.
على صعيد النفط، كانت سوريا تنتج من الخام نحو 380 ألف برميل نفط يومياً قبل اندلاع الثورة السورية عام 2011، وكان هذا الإنتاج قد بلغ الذروة قبل ذلك بأعوام بتسجيل 600 ألف برميل يومياً، وهذا حسب الأرقام الرسمية المعلنة التي يرى كثير من الباحثين والاقتصاديين السوريين أنها أقل من الواقع بكثير.
وقدرت ورقة عمل صدرت عن صندوق النقد الدولي عام 2016، أن الإنتاج تراجع إلى نحو 40 ألفاً فقط بعد عام 2011.
وحسب تقرير لموقع "أويل برايسز" المتخصص في شؤون الطاقة ومقره بريطانيا، نشر في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فإن إجمالي الاحتياطي النفطي في سوريا يقدر بنحو 2.5 مليار برميل، وما لا يقل عن 75% من هذه الاحتياطيات موجودة في حقول محافظة دير الزور شرقي سوريا.
أما على صعيد الغاز، فقد بلغ إنتاج سوريا من هذه المادة حتى منتصف عام 2011، نحو 30.2 مليون متر مكعب يومياً، حسب صحيفة الوطن السورية المقربة من النظام، إذ تستخرج معظمها من حقول الحسكة وتدمر، قبل أن يتراجع خلال سنوات الحرب، رغم عدم وجود أرقام دقيقة حول التفاوت الذي حصل، فإن المؤكد أن الإنتاج عاد إلى الارتفاع مع تفعيل حكومة النظام للحقول المكتشفة شمالي دمشق وجنوبي حمص، ومباشرة استخراج الغاز منها من خلال الشركات الروسية.
أول حقول النفط في الحسكة هو السويدية، وهو أغزر حقول البلاد إنتاجاً إذ كان ينتج 110 آلاف برميل يومياً قبل 2011، فيما ينتج حالياً 50 ألفاً.
وكان احتياطي سوريا من الغاز في عام 2008، بواقع 240.7 مليار متر مكعب، وتحتل المرتبة 42 عالمياً، إلا أن الهيئة الجيولوجية الأمريكية قدرت احتياطيات سوريا من الغاز الطبيعي في البحر المتوسط فقط بـ700 مليار متر مكعب، في حين أن إجمالي الاحتياطيات السورية من الغاز بخاصة بعد إضافة العديد من الاكتشافات الجديدة تبلغ 28 تريليون متر مكعب، حسب تقديرات مركز فيريل للدراسات في برلين، في تقرير له توقع أن تحتل سوريا المركز الثالث عالمياً في إنتاج الغاز فيما لو تمكنت من رفع قدرتها الإنتاجية إلى حدها الأقصى.
انتشار الحقول وطاقتها الإنتاجية
تتوزع حقول النفط السورية على محافظتَي الحسكة بواقع 6 حقول، ودير الزور بواقع 4، ومنطقة تدمر التابعة لمحافظة حمص (وسط البلاد) بواقع حقلين.
أول حقول الحسكة هو السويدية، وهو أغزر حقول البلاد إنتاجاً، إذ كان ينتج 110 آلاف برميل يومياً قبل 2011، فيما ينتج حالياً 50 ألفاً. والرميلان، وهو من أقدم الحقول النفطية على الإطلاق، بالإضافة إلى حقول الشدادي والجبسة والهول، وهي حقول صغيرة نسبياً، واليوسفية وهو أصغرها على الإطلاق.
أما حقول دير الزور، فأكبرها حقل العمر وكان ينتج 80 ألف برميل يومياً، وينتج حالياً 25 ألفاً، ويليه حقل التنك، فيما يعد حقلا التيم والورد متوسطين.
من جهتها، تضم منطقة تدمر السورية شرقي محافظة حمص حقلين نفطيين صغيرين، هما جزل وحيان، لا يتجاوز إنتاج كل منهما ألفَي برميل يومياً.
وبالنسبة إلى الغاز، فتتوزع الحقول القديمة بين محافظة الحسكة بواقع حقلين، ومنطقة تدمر بواقع 7 حقول، فيما تضم منطقة شمالي محافظة ريف دمشق، في قارة والبريج ودير عطية، مجموعة من الحقول المستجدة التي اكتُشفت عام 2010، لكن لم يبدأ استخراج الغاز منها إلا عام 2018 عبر شركات روسية.
الحقول القديمة في الحسكة، هي الرميلان، وهو الحقل الأكبر في المحافظة بطاقة إنتاجية من مليونَي متر مكعب من الغاز يومياً، وحقل الجبيسة بطاقة إنتاجية نحو مليون و600 ألف متر مكعب يومياً.
تخضع جميع حقول النفط والغاز في محافظة الحسكة، لسيطرة قوات "قسد"، أي تحت سيطرة YPG الإرهابي وذلك بعدما انسحبت قوات النظام عام 2011.
وحقول تدمر السبعة هي حقل الشاعر، وهو أكبر حقول الغاز في البلاد بطاقة إنتاجية تصل إلى 3 ملايين متر مكعب، يليه حقل الهيل بطاقة إنتاجية من مليونَي متر مكعب، وآراك بطاقة 750 ألفاً، وحيان بـ650 ألفاً، والمهر بـ400 ألف، وجحار بـ350 ألفاً، وأبو رياح بـ300 ألف.
أما حقول شمالي دمشق الجديدة والمستثمرة في 2018، فهي قارة 1 بإنتاجية يومية 450 ألف متر مكعب، وبريج 1 بإنتاجية يومية 200 ألف متر مكعب، وقارة 3 بإنتاجية يومية 450 ألف متر مكعب من الغاز، كما افتتح في العام نفسه حقلان جديدان ودخلا الإنتاج الفعلي، هما قارة 3 وصدد 9 بطاقة يومية تصل إلى نصف مليون متر مكعب لكل منهما.
الجهات المسيطرة والمستفيدة
تخضع جميع حقول النفط والغاز في محافظة الحسكة، لسيطرة قوات "قسد"، أي تحت سيطرة YPG الإرهابي، وذلك بعدما انسحبت قوات النظام عام 2011 متيحة المجال أمام هذا التنظيم ليفرض سيطرته تدريجياً على تلك الحقول.
أما حقول دير الزور فهي قسمان، الأول وهو الأكبر يخضع لسيطرة YPG، وذلك منذ 2017 و2018 بعد معارك مع تنظيم داعش، ويضم حقول النفط الكبرى والواقعة شرقي نهر الفرات، فيما يخضع للنظام حقل وحيد غربي النهر وهو حقل الورد.
أما حقول تدمر من الغاز والنفط، فجميعها تخضع لسيطرة النظام السوري، ويضاف إليها حقول الغاز شمالي دمشق.
يقول المحلل والمستشار الاقتصادي السوري جلال بكار إن "روسيا سيطرت على كامل حقول الغاز مقابل الساحل السوري، وبهذا ضمنت روسيا الغاز مقابل دعم النظام وتوجيه سياسته الداخلية والخارجية".
أما في الشرق السوري فيرى "بكار" في حديث مع TRT عربي، أن "أمريكا دائماً ما كانت تستخدم قسد في السيطرة على حقول النفط من دون تدخّل مباشر"، مضيفاً أنه مع تطور الظروف العسكرية جرى إقصاء قوات "قسد" بشكل نسبي من معادلة السيطرة والإدارة والإنتاج.
ويباع النفط المستخرج من الحقول الخاضعة لسيطرة مسلحي تنظيمYPG الإرهابي إلى كل من نظام الأسد على شكل خام، ومناطق سيطرة المعارضة بعد تكريره محلياً، فيما يذهب جزء من هذا النفط باتجاه إقليم كردستان العراق ليجري تكريره هناك وبيعه لجهات دولية إلى جانب نفط الإقليم، حسبما كشف الباحث والمحلل الاقتصادي السوري يونس الكريم لـTRT عربي.
إنتاج النفط في حقول المنطقة انخفض بسبب انخفاض الكميات المسوقة إلى مناطق المعارضة شمالي سوريا نتيجة للهجوم الذي شنته قوات الأسد على المنطقة على مدى شهور.
وأوضح الكريم أن إنتاج النفط في حقول المنطقة انخفض بسبب انخفاض الكميات المسوقة إلى مناطق المعارضة شمالي سوريا، نتيجة للهجوم الذي شنته قوات الأسد على المنطقة على مدى شهور، وأيضاً "بسبب عدم قدرة قسد على تصدير الكميات السابقة إلى مناطق النظام بسبب التشدد الأمريكي تجاه هذا الأمر". وعلى الرغم من ذلك فمن المتوقع أن أرباحها من عملية بيع النفط تقدر بما بين 70 و75 مليون دولار شهرياً بشكل وسطي.
ويمكن القول إن بعض الأهالي في مناطق الحقول النفطية يستفيديون أيضاً من هذه الثروة الباطنية. إذ يعتمد الكثير من أهالي المنطقة، وفقاً للباحث الاقتصادي، على الحفر الفنية التي تمتلئ بالنفط عبر الضخ الذاتي للآبار ثم يقومون بتكريره يدوياً وبيعه في السوق أو إلى مناطق النظام وكذلك المعارضة.
وحول الجهود المبذولة من الأطراف المستفيدة من النفط والغاز السوريين، لإعادة صيانة الحقول وتوسيعها لزيادة إنتاجيتها، أكد الباحث والمحلل الاقتصادي أنه جرت إعادة تجهيز بعض الحقول الخاضعة لسيطرة النظام بالإمكانيات المحلية، أما الحقول الكبيرة الخاضعة لسيطرة قسد فإن الأخيرة تحاول الضغط على واشنطن للسماح للشركات العالمية للدخول لصالحها، إلا أن واشنطن أعطت الإذن لعدة شركات للدخول والاستثمار بمد الأنابيب في منطقة شمال شرقي سوريا.
وأضاف أن الروس وقّعوا مع النظام على اتفاقات لاستثمار الحقول النفطية في دير الزور.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تضع يدها على النفط السوري الذي تسيطر عليه "قسد"، فإن الصراع الحقيقي ليس على النفط وإنما على خطوط نقل الطاقة، مشدداً بالقول: "80% من تكلفة برميل النفط هو تكلفة النقل، وبالتالي يتركز الصراع الشديد حول تقصير المسافة ومد الأنابيب".