رفع الأردن سقف التصريحات والمواقف الرسمية حول التطورات التي تشهدها الحدود مع سوريا خلال الأشهر الأخيرة، وما يرتبط خصوصاً بملف محاولات تهريب المخدرات إلى الداخل الأردني، تنفذها مجموعات إيرانية وأخرى مرتبطة بالفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد حسب التصريحات الرسمية الأردنية.
فبالرغم من التحوّل في الموقف الرسمي الذي أبدته عمّان إزاء النظام السوري وأثار حينها جدلاً واسعاً، وسعيها لإعادة إدماجه تحت مظلّة الجامعة العربية من جديد، والعمل على إقناع الولايات المتحدة بتخفيف عقوبات "قيصر" المفروضة عليه، إلا أن ذلك لم يمنع الخروقات التي تتعرض لها الحدود الأردنية الشمالية، من عصابات تصنيع وتهريب المخدرات التي اتهمها الأردن بكونها تابعة للميليشيات الإيرانية وللفرقة الرابعة التابعة لقوات النظام السوري.
الأردن في "حرب مخدرات"
أعلن مسؤولون عسكريون أردنيون، في أكثر من مناسبة خلال الفترة الأخيرة، إحباط أكثر من 361 عملية تهريب للمخدرات كان أخطرها رصد كميات من المادة المخدرة على متن طائرات مُسيّرة.
وخلّفت المواجهات بين القوات الأردنية وعصابات تهريب المخدرات على الحدود، العشرات من القتلى في صفوف المهرّبين وإصابة المئات منهم، في أثناء محاولتهم اجتياز الحدود من سوريا إلى المملكة، وذلك بإسناد من مجموعات مسلحة.
كما أدت المواجهات أيضاً، وفق ما أفاد به المسؤولون، إلى مقتل عناصر من الجيش الأردني، في أثناء الاشتباكات مع الميلشيات المسلحة.
وعلى الصعيد ذاته، قال مدير الإعلام العسكري، العقيد مصطفى الحياري، خلال مقابلة تليفزيونة، إن عمليات تهريب المخدرات عبر الحدود السورية شهدت تصاعداً مقلقاً، حيث ضُبطت 20 مليون حبة كبتاغون على الأقل خلال عام 2022 وحده.
وأشار الحياري إلى أن الهدف من هذه العمليات تمويل "المليشيات" التي تنشط على الحدود الأردنية. واتهم في ذلك، تنظيمات إيرانية باستهداف الأمن القومي الأردني.
وقال الحياري إن القوات الأردنية تواجه "حرب مخدرات"، على حدودها الشمالية الشرقية، وأشار مجدداً إلى التصريحات الأخيرة للعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.
وكان الملك الأردني قد عبّر عن مخاوفه الأسبوع الماضي، من حلول إيران وميليشياتها على مقربة من بلاده، وذلك بعد الفراغ المتوقع الذي ستتركه روسيا في المنطقة على وقع انشغالها في حربها مع أوكرانيا.
ولوّح الملك، خلال مقابلة أجراها، مع الجنرال المتقاعد هربرت ماكماستر، ضمن معهد "هوفر" في جامعة "ستانفورد" الأمريكية، وعلى هامش زيارته الأخيرة للولايات المتحدة، بتصعيد عسكري على الحدود مع سوريا.
ومواصلة لحديثه عن "حرب المخدرات" المحتدمة بين القوات الأردنية والعصابات والميليشيات المتمركزة على الحدود الشمالية، قال الحياري: "ما نشاهده بالقوات المسلحة، ونتعامل معه يومياً على حدودنا الشمالية عمليات تهريب تتم من 3 إلى 4 مجموعات، وكل مجموعة تتألف من 10إلى 20 شخصاً، وتقسم هذه المجموعات، فئة تعمل على الاستطلاع والمراقبة، وفئة أخرى تعمل على تشتيت جهود المراقبة لنشامى القوات المسلحة، وفئة أخرى تنتظر الفرصة المناسبة لتقوم بعمليات التهريب".
وتابع الحياري أن هذه المجموعات تتلقى دعماً أحياناً من مجموعات غير منضبطة من حرس الحدود السوري، ومن مجموعات عسكرية أخرى مدربة، وتستخدم أسلحة متطورة وآليات وطائرات مُسيّرة لمراقبة الحدود.
ومن جانبه أيضاً، قال مدير مديرية أمن الحدود في الجيش الأردني العميد أحمد هاشم خليفات إنّ "قوات غير منضبطة من جيش النظام تتعاون مع مهرّبي المخدرات وعصاباتهم التي أصبحت منظمة ومدعومة منها ومن أجهزتها الأمنية، إضافة إلى مليشيات حزب الله وإيران المنتشرة في الجنوب السوري، وتقوم بالتهريب على حدود بلاده".
كما تحدث تجمع "أحرار حوران"، وهو مؤسسة إعلامية مستقلة تنقل أحداث الجنوب السوري، عن استمرار الإيرانيين في "عمليات تصنيع وتجارة وتهريب المخدرات، داخلياً، وإلى دول الجوار".
هل يلجأ الأردن لخطوات تصعيدية؟
قال مسؤولون عسكريون أردنيون، إن المملكة تخوض حرب المخدرات مع ما أسمتهم الميليشيات الإيرانية، نيابة عن دول المنطقة، حيث إن جزءاً كبيراً من هذه المخدرات مُعدّ للتصدير خارج الأردن.
ولفت مراقبون ومحللون إلى أن الأردن يحتاج إلى مساعدة من دول الجوار لمعاضدة جهودها في التصدي لخطر تهريب المخدرات عن طريق حدودها والذي تسيّره القوات والفرق غير المنضبطة التابعة لجيش النظام السوري، والميليشيات الإيرانية.
وقد أجبر تصاعد وتيرة هذه العمليات، الأردن على تغيير قواعد الاشتباك الخاصة بالجيش على امتداد الحدود، إذ أعطى للجيش سلطة استخدام القوة الساحقة.
وتعتمد قواعد الاشتباك الجديدة على "استهداف" المهربين مباشرة ضمن مستوى "عملياتي" سريع، في مواجهة هذه التهديدات خاصة وأنها قادمة من مجموعات "منظّمة".
كما أكدت القيادة العامة للجيش الأردني، في جميع بيناتها الرسمية أنه يجب "الضرب بيد من حديد لكل من تسوّل له نفسه العبث بالأمن الوطني".