اغتيال الشاعر العراقي جاسب حطاب (Others)
تابعنا

وتأتي حادثة اغتيال جاسب في ظل تصاعد مطالباته للجهات الرسمية بضرورة الكشف عن مصير ابنه المختطف منذ عام على خلفية نشاطه في احتجاجات تشرين التي اندلعت في الشوارع العراقية عام 2019.

وقد اتهم صحافيون عراقيون وناشطون مجاميع مسلحة "مدعومة إيرانياً" بحادثة الاغتيال. فقد غرد الناشط العراقي شاهو القرةداغي بالقول بأنه قد سبق "وأكد والد المحامي المخطوف علي جاسب والذي تم اغتياله قبل قليل بأن ميليشيا "أنصار الله الأوفياء" هم من خطف ولده، وأن الأجهزة الأمنية والدولة تملك كافة الأدلة على هذا الامر. هذه المليشيا جزء من وحدات الحشد الشعبي، وتأخذ الدعم من الدولة، ورغم ذلك تمارس الإرهاب والقتل بشكل علني".

وفي السياق ذاته، قال الناشط العراقي من محافظة ميسان حسين الدراجي أثناء حديثه مع TRT عربي إن هذه "الحادثة المأساوية التي حدثت هي دليل على ما يحصل في ميسان من جرائم وحشية ضد الناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان مسكوت عنها من قبل الإعلام ومن قبل الحكومة لأن المدينة لن تؤثر، ولا تؤثر، على الخارطة السياسية في بغداد لذلك هي مهملة ومنسية".

ويكمل الدراجي حديثه بالتأكيد أن "الجهة المسؤولة معروفة لدى أغلب سكان المدينة، وأن القضاء في ميسان لن يستطيع أن يصرح بها لأنهم تحت وطأة السلاح المنتشر في المدينة والذي يتحكم في مصادر القرار الأمني"، مشيراً بأصابع الاتهام إلى "حركة أنصار الله الأوفياء" حيث قال بأن "من قتل عبد القدوس وكرار عادل وأمجد الدهامات هم من قتلوا والد علي، وهم أنفسهم من اختطفوا علي سابقا حيث إنهم شعروا بأنه بدأ يشكل خطراً عليهم خصوصاً وأنه قد توصل لأدلة عن شخوص الخاطفين، فبذلك أصبح لزاماً على هذه المليشيا قتله حتى تختفي الحقيقة ويبقى القتلة أحراراً طلقاء وحق الضحايا في خبر كان.

هذا وقد نفت حركة أنصار الله الأوفياء في بيان نشرته بعض مواقع الأخبار المحلية صلتها بعملية الاغتيال حسب ما تداولته منصات التواصل الاجتماعي. وجاء في بيانها الذي نشره موقع السومرية نيوز بأن تصريحات القادة الأمنيين في البلاد بإلقاء القبض على المتهم المتورط بجريمة الاغتيال لوالد المحامي (علي جاسب) كافية للرد على التهم الباطلة التي سيقت خلال الساعات المنصرمة ضد الحركة وزعيمها".

تأتي عملية الاغتيال هذه في ظل دعوات أطلقها رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي لإطلاق حوار وطني للخروج بالبلاد من أزمتها التي تعاني منها وذلك بُعيد مغادرة البابا فرانسيس البلاد إثر زيارة تاريخية استمرت عدة أيام زار خلالها المرجع الشيعي علي السيستاني، وأقام قداساً تاريخياً في مدينة أور مسقط رأس النبي إبراهيم عليه السلام.

مصطفى الكاظمي ئيس الوزراء العراقي  (Reuters)

وقد أشاعت عملية الاغتيال أجواء من الشك حول جدوى الحوار الوطني في ظل انتشار السلاح، واستمرار "المليشيات" في ارتكاب عمليات الترهيب والقتل في حق الناشطين المطالبين بحقوقهم في عيش كريم ومشاركة سياسية عادلة.

ففي تصريحات خاصة لموقع TRT عربي، أكد السيد عمار الحكيم، زعيم تحالف "عراقيون"، بأن "عمليات اغتيال النشطاء تقف عائقاً بوجه الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي". وأضاف الحكيم بأن "حوادث الخطف والتغييب والاغتيال ضد الناشطين وأصحاب الرأي التي ما زلنا نشهدها بين الحين والآخر فضلاً عن كونها جرائم بشعة ومستنكرة فإنها تبعث رسائل مشوهة عن حرية التعبير عن الرأي". مجدداً مطالبته للحكومة بضرورة "الكشف عن الجهات التي تقف خلفها"، ومؤكداً "أحقية المواطن في التظاهر السلمي للمطالبة بالحقوق المشروعة ونطالب الجهات الحكومية الاتحادية والحكومات المحلية الاستماع للمطالب الحقة للمحتجين وتلبيتها وعدم استخدام القوة المفرطة والعنف ضدهم".

على صعيد متصل، يرى بعض النشطاء السياسيين أن الهدف من الحوار الذي يأتي عادة قبيل أي انتخابات إنما هدفه "تقسيم المغانم لا أكثر" على حد وصف الصحافي العراقي نصير لازم في حديثه مع TRT عربي.

وأكد نصير أن العراقيين لم يجدوا "في نهاية أي حوار أي شيء لصالح المواطن العراقي، ولو تصفحنا تاريخ السياسيين منذ 2003 وإلى هذه اللحظة، لوجدنا العشرات من دعوات الحوار الصورية، دعوات يصرح بها الجميع، ويدعو لها الجميع، ولكن في نهاية المطاف يجري الحوار بينهم هم".

صرح عمار الحكيم، زعيم تحالف "عراقيون"، بأن "عمليات اغتيال النشطاء تقف عائقاً بوجه الحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي" (Others)

وقد ذهب بعض الناشطين إلى ما هو أبعد مستغربين من دعوة الكاظمي إلى حوار شامل "مع السلاح المنفلت" كما عبر عن ذلك المدون العراقي حسين في تغريدته التي رأى فيها بأن الكاظمي لم يفشل فقط في الكشف عن مصير المحامي علي چاسب الذي غيبه هذا السلاح منذ عام ونصف، وإنما فسح المجال لاغتيال والده أيضاً"

من جانبها قالت الصحافية العراقية أفراح شوقي في حديثها مع TRT عربي إن "اليوم هو محاولة صريحة لترقيع آخر ما تبقى من سيادة العراق وأمنه بشكل عام" واصفة الحادثة بأنها "تجاوز سافر يتكرر لمرتين داخل عائلة واحدة وقمع لأصوات حتى الضحايا" حيث أكدت أن "والد علي جاسب كل جرمه وكل تهمته أنه كان يطالب بالكشف عن مصير ابنه الوحيد".

وتتابع أفراح حديثها قائلة إن "عوائلنا في خطر وهذه حقيقة واضحة منذ وقت طويل كل عوائل المختطفين والمغيبين تخشى الحديث بشكل علني عن المطالبة بالكشف عن مصير أبنائهم، وإن تحدثوا ستكون أصواتهم خائفة خشية أن يتكرر السيناريو نفسه على بقية أفراد العائلة، مؤكدة أن ذلك "حصل بشكل فعلي مع عوائل وذوي كثير من المواطنين والمغيبين وبعضهم يضطر للمغادرة والهجرة خارج البلد".

وكان الشاعر حطاب وقبيل اغتيال قد نبه الناشطين العراقيين بضرورة الانتباه، وكأنه كان يستشعر الخطر الذي يحدق به وبهم جميعاً. وإلى أن يتم الكشف عن المسؤولين عن حوادث الاغتيال، سيبقى الناشطون والمدافعون عن حقوق الإنسان في خطر.

TRT عربي