مذابح ونهب وتدمير.. ماذا تعرف عن فظائع اليونان بحق ألبان شامريا؟ (AA)
تابعنا

يُحيي الألبانيون اليوم، 27 يونيو/حزيران الجاري، ذكرى مرور 78 عاماً على المذبحة التي ارتكبتها اليونان ضد ألبان شامريا إبان الحرب العالمية الثانية، إذ تعرضت الأقلية الألبانية في الشطر اليوناني من الإقليم، لمذابح تصل إلى حد الإبادة الجماعية شنتها القوات التابعة للجنرال اليوناني نابليون زيرفاس.

وفي الفترة ما بين يونيو 1944ومارس/آذار 1945، قُتل عدد كبير من المدنيين الألبان في مذابح ارتكبتها قوات الجنرال زيرفاس بحق السكان الأصليين الذين هُجّر قسم كبير منهم إلى تركيا بعد نهب ومصادرة ممتلكاتهم بين عامي 1923 و1926 بموجب "اتفاقية التبادل".

وشامريا تشكّل الجزء الجنوبي من الأراضي التي يسكنها الألبان، والتي تعتبر أخصب أراضي اليونان وأقرب منطقة توفر اتصالها بأوروبا، منطقة تبلغ مساحتها نحو 10000 كيلومتر مربع وتقع في شمال غرب اليونان في وقتنا الحالي. أما أسمها (Çameria) فأصله تركي ويعني الغابات الكثيفة المغطاة بأشجار الصنوبر.

أصل الحكاية

كان انسحاب العثمانيين من البلقان بداية معاناة كبيرة للشعوب الإسلامية في المنطقة. وتعرضت الشعوب المسلمة، التي كانت تقاتل من أجل بقائها في المنطقة منذ سنوات عديدة، لمجازر يمكن أن يشار إليها بين الحين والآخر بالإبادة الجماعية. وكما لو أن صربيا واليونان توصلتا إلى اتفاق مع بعضهما البعض في عام 1844، فقد وضعوا خططاً سياسية من أجل توسيع حدودهم، صربيا غزت شمال ألبانيا وكوسوفو، واليونان من جانبها أرادت تغيير التوازن السكاني جنوب ألبانيا بعد أن تفرض سيطرتها عليها.

حقق هذان البلدان أهدافهما جزئياً في مؤتمر سفراء لندن في عام 1913، وذلك عندما حُددت حدود ألبانيا. في هذا المؤتمر، أعطيت كوسوفو ومقدونيا، حيث يعيش الألبان، لصربيا. فيما أعطيت شامريا، حيث يعيش أغلب الألبان، لليونان التي بدورها باشرت في إحداث تغيير ديمغرافي في المنطقة ووضع السكان اليونانيين في المنطقة بدلاً من السكان الألبان الذين صودرت ممتلكاتهم بشكل تعسفي، وكذلك غيرت أسماء المدن والقرى إلى اليونانية.

حسب الإحصاء العثماني لعام 1908، بلغ عدد سكان منطقة شامريا نحو 73 ألف نسمة، 92% منهم ألبان، والباقي يونانيون وفلاش ورومان. في بداية الحرب العالمية الأولى، كان 50% من ألبان شامريا مسلمين والـ 50% الباقون ينتمون إلى الديانة الأرثوذكسية.

وعندما وصل الفاشيّون إلى السلطة في اليونان عام 1936، ازدادت الضغوط على ألبان شامريا من خلال تحريض الألبان المسلمين والألبان الأرثوذكس ضد بعضهم البعض، وفرضت ضرائب باهظة، ومصادرة الممتلكات والتهجير. والحملة التي أطلقها الجيش اليوناني في 1939-1940

مذابح تُدمي ضمير الإنسانية

بينما وثقت بعض الدول الأوروبية انتهاكات اليونان ضد ألبان شامريا، تمكن مؤرخون ألبان عايشوا المذابح ضد مسلمي المنطقة، من تسليط الضوء عليها. وحسب من عايشوا تلك الأحداث، فإن "القوات اليونانية قتلت عديداً من المدنيين الأبرياء دون أي تفريق بين النساء الحوامل والأطفال والشيوخ، بينما فقد كثيرون حياتهم لاحقاً في أثناء مسيرة الهجرة عن شامريا".

وتُشير تقديرات المؤرخين، إلى مقتل 5 آلاف ألباني خلال المذابح اليونانية، فيما هُجّر حوالي 35 ألف شخص من المنطقة، لجأ معظمهم إلى ألبانيا المجاورة. كما تمكن بعض ألبان شامريا من الهجرة أيضاً لعدد من الدول أهمها تركيا وكوسوفو والولايات المتحدة وكندا وإيطاليا ودول أوروبية أخرى.

ولم تنتهِ معاناة ألبان شامريا عند هذا الحد، فقد تعرضوا لضغوط شتّى وسجنوا لأسباب مختلفة، معظمها سياسية، إبان حكم النظام الشيوعي في ألبانيا بين عامَيْ 1944 و1991. ووفقاً لمنظمات غير حكومية وأحزاب سياسية ووثائق الأرشيف الألباني، فقد اضطهد النظام الشيوعي مئات من العائلات الشاميرية في ألبانيا، وأعدم عشرات الأسماء المهمة وقادة الرأي بالمجتمع الشاميري.

محاولة للبحث عن العدالة

بدأت قضية شامريا تطفو على السطح بعد انهيار النظام الشيوعي في ألبانيا، فأسس ألبان المنطقة، منظمات مختلفة (جمعيات وأحزاب سياسية) لإسماع أصواتهم داخل البلاد وخارجها. ففي عام 1991، أسس ألبان شامريا "رابطة الوطنيين الشامريين"، لحماية خصوصياتهم الثقافية وتقاليدهم وتاريخهم، إضافةً إلى حزب "العدالة والتكامل والاتحاد".

وتتويجاً لهذه الجهود، وافق البرلمان الألباني في عام 1994 على قانون لإحياء ذكرى 27 يونيو "يوم الإبادة الجماعية ضد ألبان الشامري من قبل الشوفينيين اليونانيين". وخلال الأسبوع المسمى "أسبوع الشامرية" تقام مسيرات ومعارض وإحياء ذكرى في الدولة، إذ يُهدف في نطاق هذه الأنشطة إلى لفت الانتباه إلى معاناة ألبان شامريا ونقل ثقافة هذا المجتمع إلى الأجيال الجديدة.

وفي عام 2004، تبنى البرلمان الألباني قراراً يطالب الحكومة بضرورة إعادة النظر في حقوق المواطنين الألبان من أصل شامري، وحث المؤسسات الدولية ودول العالم على المساهمة بطريقة إيجابية في حل هذه القضية، والمشاكل المتعلقة بإعادة ممتلكات هذه الأقلية وغيرها من الأصول المغتصبة من النظام اليوناني، فضلاً عن تمكينهم من الحصول على حق زيارة أراضي الأجداد والاعتراف بالإبادة الجماعية.

TRT عربي
الأكثر تداولاً