تُعتبر الميزانية المرشد الرئيسيّ والهامّ لجدولة المصروفات التي تنفقها الأسرة بشكل عامّ خلال فترة محدّدة، قد تكون لأسبوع أو لشهر أو حتى لسنة كاملة، فهي تسجّل بدقة ضمن بنودها الإيرادات والمصروفات التي توضّح مجمل الدخل العامّ للأسرة، وتمنع من الوقوع في مشكلات ماليّة خلال الفترة التي حُدّدت فيها الميزانيّة.
والميزانيّة هي عمليَّة التخطيط للنفقات المختلفة في علاقاتها بعضها ببعض، والتي من شأنها توزيع الموارد الماليّة على الحاجات المتعدّدة للأسرة.
وتعني الميزانيّة المنزليّة: التخطيط لجميع العمليّات المختلفة لتحديد طريقة الاستعمال للدخل الماديّ المتوافر للأسرة، في فترة زمنيّة محددة، قد تكون شهراً، أو سنّة، وقد تكون أقلّ كالدخل اليوميّ والأسبوعيّ.
لذلك وأمام التحديات التي تفرضها جائحة فيروس كورونا، من الضروري تأكيد إدارة الميزانية الأسرية.
بدايةً، ينبغي للأسر أن تعد أنفسها داخلياً وذاتياً، ونفسياً بالإدراك أن أزمة فيروس كورونا ليست أزمة صحية فحسب، بل سيكون لها وفق الكثير من الخبراء تداعيات اقتصادية خطيرة على البيت والمجتمع والدولة، والتعامل مع هذه التداعيات يتطلب وعياً حقيقياً بالمخاطر الاقتصادية مثلما هناك وعي بالمخاطر الصحية.
وهنا ينصح الخبراء بالاستعداد مسبقاً بالعمل على إدارة خطة طوارئ للأزمات من أجل إنقاذ الأسر من جائحة العوز أو الجوع.
وهنا علينا مراعاة التالي:
أولاً: تكون الميزانية ذات صبغة أسريّة، أي بمعنى أن يشارك كل فرد في الأسرة بنشاط وفاعلية في وضع الميزانية وتحقُّق الفائدة المرجوة منها، ولا بد من وضع "الأنا" والعواطف جانباً، فخطط التقشُّف ليست عيباً ولا فضيحة.
ثانياً: لتكون خطة الميزانية ناجحة ينبغي أن تضع بنود إدارتك وخطتك للميزانية البيتية بالشراكة مع الأسرة بكاملها صغيرها وكبيرها، ليتحملوا جميعاً المسؤولية. لذلك يُنصح بالاستماع إلى آراء الجميع بلا استثناء. كما أنه من باب تحمُّل المسؤولية لا مانع من إيداع مبلغ النقود الأسبوعي لدى أحد الأبناء، والطلب منه أن يدير جدول مصروفات البيت بحيث يسجّل كل فاتورة شراء أو مصروف (وقود، كهرباء، مياه، سوبرماركت...) ويجمعها معاً ويقارنها مع مبلغ الميزانية المتاح ويحسب كم تبقى من الميزانية.
ثالثاً: المصاريف يجب أن تُوَجَّه أولاً لإشباع الحاجات الأساسية في الأكل والشرب، ثم تأتي بعد ذلك الرغبات والمكملات.
رابعاً: يُنصح بتحديد الميزانية وفق جدول المصروفات الأسبوعي لا الشهري، وذلك ليسهل الضبط والمتابعة، مع مراعاة أن يكون التحديد من خلال حساب مدخولاتك الأكيدة بعد اقتطاع مبلغ الادخار، وضربه بناتج المبلغ المتبقي بـ20%، وهذا سيكون مقدار ميزانية الأسرة الأسبوعي. وهنا يُنصح بجلسة مالية أسبوعية لجرد وعرض نتائج الأسبوع الماضي والتخطيط للأسبوع المقبل.
في ظل هذه التوجيهات العامة، يمكن التوجه إلى بعض الإرشادات لإدارة الميزانية المنزلية بالشكل التالي:
أولاً: في حال كان الشخص في ظرف مالي خانق، ينصح الخبراء باقتطاع جزء ولو يسير من المدخولات الحالية في حال ذهبت الأوضاع إلى ما هو أسوأ، وعليه يجب عدم استخدام الجزء المقطوع إلا للضرورة القصوى.
فمثلاً من الممكن حساب ذلك من خلال اعتبار أن الشهر يتكون من 4.345 أسابيع، وعليه ففي نهاية الشهر تكون قد وصلت المصروفات إلى نحو 86.9% من المبلغ المرصود، ويتبقى في حوزتك فائض مدخول شهري قدره 13%، هو الذي يُنصح بأن يُخصَّص للحالات الطارئة.
ثانياً: لا بد من الانتباه أن المدخولات في حالة الطوارئ التي فرضها فيروس كورونا قد تكون أقلّ من المدخولات المعتادة، لذلك لا بد وضع الميزانية وفق المدخلات الطارئة لا المعتادة.
ثالثاً: لا بد من الانتباه إلى أن الاستثمارات والمدخرات ليست من ضمن المدخلات، لذلك لا بد من تجنُّب اللجوء إليها في وضع الميزانية المنزلية إلا في حالات الطوارئ القصوى.
رابعاً: يُنصح بالعمل على تقليل مصروفات الأسرة من خلال الابتعاد عن المصروفات غير اللازمة وغير الضرورية مثل المصروفات على التدخين، والوجبات السريعة. هذا مع ضرورة الاقتصاد في صرف المياه والكهرباء.
بالأخير، تشير الكثير من التقارير إلى أن البشر يعيشون في أزمة قد تكون طويلة بعض الشيء، ونظراً إلى انعكاساتها الاقتصادية ينبغي لكل فرد منّا حسن إدارة ميزانيته المالية، وذلك من أجل النجاة على المستوى الشخصي من أي حالة عوز، ومن أجل المساهمة في إسناد اقتصاد الدولة لتجنُّب الوقوع في ضائقة مالية قد تنجم عنها مضاعفات اجتماعية لا تُحمد عقباها.