تأسست شركة هافيلسان عام 1982، بوصفها شركة تابعة لوقف القوات المسلحة التركية، الذي يدير شبكة واسعة من المؤسسات والشركات التي يستثمر فيها الوقف بغرض تطوير الصناعات الدفاعية وتعزيزها، وتعمل شركة هافيلسان -وفق موقعها الإلكتروني- في مجال تكنولوجيا الدفاع والأمن، وتحديداً في إنتاج الأنظمة والبرمجيات.
وعلى مدار العقود الأربعة الماضية استطاعت الشركة تحقيق عدد من الإنجازات في عدة مجالات أبرزها: تطوير وإنتاج أنظمة القيادة والسيطرة، وأنظمة المحاكاة والتدريب، والأمن السيبراني، بالإضافة إلى أنظمة الاتصال. وخدمت منتجات الشركة القطاع المدني والعسكري، والقطاعين العام والخاص، كما استطاعت الشركة الوصول بمنتجاتها إلى السوق العالمية.
ويعد مشروع الجندي الرقمي المسمى "CENGAVER"، ونظام إدارة المعارك "حربية" اللذان طوَّرتهما الشركة لمساعدة القوات البرية في إدارة المعارك من ساحتها إلى مراكز القيادة والسيطرة، من أبرز منتجاتها.
جندي المستقبل
لا يخلو جيش حديث من مشاريع لتطوير أدوات الجندي الميدانية وجعلها أكثر حداثة من الناحية التقنية والتكنولوجية، عبر تزويده بمجموعة من الأنظمة الحديثة التي توفر له مجموعة من الممكنات والقدرات، وقدم عدد من الشركات الدفاعية التركية نماذج لجندي المستقبل، كان آخرها مشروع "CENGAVER".
ويتكون المشروع من مجموعة من الأنظمة الفرعية القابلة للارتداء من قوات الأمن بهدف تعزيز الوعي البيئي والميداني داخل الفريق وفي العمليات العسكرية.
ووفق مدير قسم "النمذجة وتكنولوجيا المستشعرات" في شركة هافيلسان، تشاغلار أقمان، فإن الشركة تعمل منذ فترة طويلة على مفهوم "الوحدة الرقمية". وأوضح أقمان أن "الجندي الرقمي" يمثل مكوناً رئيسياً من هذه الوحدة الرقمية، من خلال تعزيز قدرة الجندي التقليدية بتقنيات حديثة ترفع من كفاءته وقدرته.
وأشار أقمان إلى أن النماذج الأولى لجندي المستقبل جرى تقديمها خلال فعالية "الجيش المستقبلي" التي نُظمت في أنقرة خلال الفترة ما بين 26 و27 نوفمبر/تشرين الثاني الحالي.
ولفت أقمان الانتباه إلى أن العنصر الأساسي الذي لا غنى عنه في "الجندي الرقمي" ووحدته الرقمية هو شبكة الاتصالات السلكية واللا سلكية، موضحاً أنهم يستخدمون أيضاً تجهيزات لا سلكية لجندي متحرك. وأضاف أقمان أن الشبكة اللا سلكية الموجودة على الجندي توفر الاتصال بين الجنود داخل الفريق وكذلك مع القيادة المركزية.
وأكد أنهم يستخدمون تكنولوجيا التردد العريض للغاية، وهي تقنية مبتكرة مملوكة لها 8 براءات اختراع، تتيح تتبع موقع الجنود في البيئات التي لا يعمل فيها GPS أو تُشوَّش الإشارة فيها. وقال أقمان: "هذه التكنولوجيا تتيح تتبع الجنود بشكل مستمر سواء في البيئة الخارجية أو في بيئات داخلية لم يسبق دخولها، بهدف مشاركة الموقع ليس فقط بين الجنود في الفريق، بل أيضاً مع المقرات البعيدة".
وأوضح أقمان أنهم يستخدمون أيضاً ساعة ذكية قابلة للارتداء لقياس مجموعة من المؤشرات الحيوية مثل مستوى الأوكسجين في الدم، ومعدل ضربات القلب، ودرجة حرارة الجسم، بالإضافة إلى اكتشاف عديد من الأنماط غير الطبيعية مثل سقوط الجندي، وحالته في أثناء الراحة، وكذلك تحديد الأنشطة مثل الجري أو المشي. وأضاف أن هذه الساعة تساعد على تحليل مستوى التعب وتحليل مستوى التوتر، وكذلك اكتشاف الإصابات التي قد تحدث بسبب أنماط غير طبيعية.
كما قال أقمان إن هذا النظام يوفر أيضاً قدرة للمسؤولين الميدانيين على متابعة الموقع وحالة الجنود باستخدام الأجهزة اللوحية أو نظارات الواقع المعزَّز أو الواقع الافتراضي، ما يعزِّز الوعي البيئي لدى القادة في العمليات العسكرية.
وشدد أقمان: "استخدمنا مستشعرات وأجهزة بسيطة قدر الإمكان لأن عديداً من المستشعرات القابلة للارتداء يمكن أن تؤثر في حركة الجندي في الميدان، لكننا نهدف إلى أن تتوفر كل هذه المعلومات باستخدام ساعة واحدة فقط، وبذلك نحقق الهدف في جعل الجندي الرقمي قادراً على تقديم جميع البيانات الأساسية".
وحول استخدامات النظام، ذكر أقمان أن النظام الذي جرى تطويره ليس فقط للاستخدام العسكري، بل يشمل أيضاً الاستخدام المدني، مثل فرق الإطفاء والشرطة والإسعاف، إذ صُمِّمت الأجهزة والبرمجيات لتلبية احتياجات هذه القطاعات أيضاً.
نظام "حربية".. حلول متكاملة للقيادة والسيطرة
يعد نظام "حربية" من أهم المنتجات التي تقدمها هافيلسان لإدارة غرف القيادة والسيطرة من أعلى الهرم العسكري حتى الوحدات الميدانية في ساحة المعركة. هذه الأنظمة -وفق الشركة- تمكِّن قادة الوحدات العسكرية من متابعة سير العمليات العسكرية وتنظيمها بشكل أكثر فاعلية. ويشتمل النظام على مجموعة من التطبيقات التي تساعد على تنسيق العمليات بين الجنود في الميدان وبين القيادة العليا، ما يعزز من قدرة القوات على الاستجابة بسرعة وبدقة للمواقف المختلفة.
ويلاحَظ أن نظام "حربية" شمل المستويات الثلاثة للقيادة العسكرية، بدءاً من القيادة العليا التي يمكن لها استخدام نظام "حربية-المقر"، وللمستويات الوسطى نظام " حربية-تكتيك"، وللمستويات الدنيا نظام " حربية-متنقل"، وجرى تصميم وتطوير هذه الأنظمة بحيث تناسب هذه المستويات الميدانية المختلفة، وتهدف بصورة نهائية إلى تحقيق أكبر قدر ممكن من السيطرة والضبط.
ووفق شركة هافيلسان فإن نظام "حربية-القيادة" طُوِّر من أجل تكوين صورة مشتركة للقيادة الموحدة من خلال دمج المعلومات القادمة من القوات البرية، والبحرية، والجوية، وعناصر ساحة المعركة الأخرى. ويهدف النظام إلى تمكين التخطيط الهرمي والمتزامن ودعم متابعة مراحل تنفيذ الخطط.
ويتمتع النظام بمرونة التكيف مع المتطلبات الخاصة لأي بيئة بسهولة كافية، كما يملك النظام قدرة على تحليل المهام وإنشاء صورة مشتركة لجميع المستويات القيادية، بالإضافة إلى إمكانية دمج أنظمة الاستخبارات واللوجيستيات والأفراد.
أما نظام "حربية-تكتيك" فهو مصمَّم لإدارة المعارك، والاستخدام على المستوى التكتيكي، ويتميز بتكامله مع التقنيات الحديثة، ويمكن استخدامه بشكل ثابت على منصات مثل ناقلات الجنود المدرعة، والدبابات، أو مركبات القيادة، أو بشكل محمول إذا لزم الأمر بواسطة قادة الفرق أو الوحدات. ويوفر النظام قدرات اتصال داخل المركبة من خلال شبكات الراديو الميدانية، كما يمكن تشغيله خارج المركبة باستخدام شبكات GSM.
وأخيراً "حربية-المتنقل" وهو عبارة عن نظام طوِّر ليعمل على الهواتف المحمولة، ويستخدمه الجنود ويعمل باستخدام قدرات شبكات GSM لتوفير اتصالات مشفرة وآمنة، ويجري تشغيله عبر شبكة VPN مصمَّمة خصيصاً ضمن بنية شبكات GSM.
ويتكون النظام من ثلاثة تطبيقات رئيسية: تطبيق العميل يُثبَّت على الهواتف المحمولة للجنود لاستخدامه في أثناء العمليات، وتطبيق الخادم الذي يمكن تثبيته محلياً في مواقع القيادة لتسهيل إدارة الاتصالات. وأخيراً واجهة الإدارة عبر الويب التي توفر إمكانية الوصول والإدارة من أي جهاز يدعم المتصفحات، ما يعزز المرونة وسهولة الاستخدام.
وبهذه التقنيات والمشاريع، تمثل شركة هافيلسان نموذجاً رائداً للابتكار التقني في الصناعات الدفاعية والأمنية، إذ نجحت في المزج بين الخبرة العملية والتكنولوجيا المتطورة لتقديم حلول متكاملة تلبي احتياجات القطاعات العسكرية والمدنية. فمنتجاتها، مثل مشروع "الجندي الرقمي" ونظام "حربية"، تعكس التزامها تطوير أدوات وتقنيات تُعزز من الكفاءة العملياتية وتدعم القرارات الميدانية عبر أنظمة ذكية ومتكاملة.