منذ إطلاقها شهر أغسطس/آب الماضي، لاقت الأغنية الرسمية لمونديال قطر "ارحبوا"، بنسختيها العربية والدولية، إعجاب المستمعين في شتى بقاع العالم. بالغة الأماكن الأكثر قسوة منه، مخيمات اللاجئين في سوريا أو غزة، حيث صورت مقاطع لأطفال يغنونها محتفين بالحدث العالمي الذي يقام لأول مرة بأرض العرب.
هذا كان الرجل الواقف خلف نجاح هذه الأغنية، واختياراتها الموسيقية المازجة بين التراث الخليجي الأصيل والأنغام الغربية المعاصرة، المنتج المغربي نادر خياط، الملقب بـ "ريدوان"، الذي يشغل منصب مدير الترفيه بالفيفا.
ويعد المغربي ريدوان أحد الأسماء العالمية البارزة في ميدان الموسيقى، ويعود له فضل صنع عديد من أغاني المونديال، واكتشاف عدد من نجوم الغناء العالمي. وهو ما مكنه من حصد الكثير من الجوائز طوال مسيرته، أهمها جائزة "غرامي" الأمريكية التي فاز بها في ثلاث مناسبات.
صانع أنغام المونديال
في سنة 2021، أعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، تنصيب نادر خياط مديراً للجنة الترفيه داخل. وقتها وصف المنتج المغربي الأمر بأنه "بداية قصة جديدة"، وأنه "فخور بالانضمام إلى الفيفا رئيساً للإنتاج الفني والترفيه".
غير أن قصة ريدوان والفيفا، والمونديال وكرة القدم، لم تكن تلك بدايتها. إذ كان المنتج المغربي صانع عديد من أنغام المونديال، منها أغنية "بامبو"، بصوت المغنية الكولومبية شاكيرا والأمريكي جان واينكليف، والتي كانت الأغنية الرسمية لمونديال ألمانيا 2006، وجرى استخدامها أيضاً في جميع الحملات الإعلانية لتلك النسخة من الكأس، الأمر الذي جعل الخياط يكتسب الشهرة.
وبعدها في مونديال البرازيل 2014، كانت أغنيته الرسمية "One Love" (حب واحد) أيضاً من إنتاج الخياط، واختار أن تؤديها النجمة الأمريكية جينيفر لوبيز ومواطنها بيتبول، والتي حظيت بنحو 850 مليون مشاهدة على يوتيوب. كما أنتج أيضا الأغنية الرسمية لمونديال روسيا 2018، والتي كان عنوانها "One world" (عالم واحد).
ولمونديال قطر، أنتج ريدوان ثلاث أغاني رسمية، أولها كانت أغنية "هيا هيا" التي أداها كل من المغنية الأمريكية ترينيداد كاردونا والنيجيري دافيدو والقطرية عائشة. ثم أغنية "ارحبوا"، التي جمعت النجم الفرنسي الكونغولي جيمس والبورتوريكي أوزونا. كما أنتج أغنية "Dreamers" (الحالمون) من أداء نجم الفرقة الكورية "بي تي اس" جونغكوك والفنان القطري فهد الكبيسي.
هذا وكان حفل الافتتاح الأسطوري الذي شهده مونديال قطر، تحت الإدارة الفنية للمنتج المغربي نادر الخياط. وعقب انتهاء الحفل مباشرة، استقبله أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد، رفقة رئيس الفيفا جياني أنفانتينو. ونشر ريدوان صورة تذكارية لهذا اللقاء على إنستغرام، معلقاً عليها بالقول: "شكراً لقيادة قطر، والاتحاد الدولي لكرة القدم على السماح لي بأن أكون جزءاً من التاريخ، يشرفني ذلك".
من ريدوان؟
ولد نادر الخياط سنة 1972، بمدينة تطوان شمال المغرب. ومنذ شبابه افتتن بالموسيقى، وكان له حلم أن يصبح نجماً يذيع صيته في العالم. هكذا اختار أن يهاجر إلى السويد، عندما كان في سن 19 سنة، حاملاً معه التصميم الكامل لتحقيق ذلك الحلم.
وحين استقراره في السويد، عمل "ريدوان" عازفاً للقيثارة بعدد من الفرق الموسيقية المحلية. وصولاً إلى سنة 1995، عندما قرَّر أن يتحول إلى الإنتاج، فبدأ كتابة أغاني مجموعة من الفنانين السويديين والأوروبيين، منهم دانييل ليندستورم ودارين زانيار، إذ سيفوز مع هذا الأخير بجائزة "غرامي" في نسختها السويدية.
في سنة 2006، سيذيع صيت ريدوان في أمريكا الشمالية، بعد أن أنتج مجموعة أغاني للمغني الكندي كارل هنري، وبعدها أعاد توزيع أغنية "L.O.V.E" (الحب) لمغنيتها الأمريكية كرستينا ميليان. وفي 2007، غادر المنتج المغربي السويد ليستقر في نيو جرزي الأمريكية، ويكمل مسيرته المهنية من هناك.
وفي ذلك الوقت أصبح اسم ريدوان عالمياً، إذ عمل مع نجوم كبار في موسيقى الـ"بوب" الأمريكية، من بينهم مايكل جاكسون وجينفر لوبيز وليدي غاغا وبيتبول وشاكيرا وليونيل ريتشي. ومعهم حصد عدة جوائز، أبرزها جائزة "غرامي" الأمريكية المرموقة، والتي رشح لها في 10 مرات وفاز بها في ثلاث.
ومع كل هذا النجاح العالمي، ظل ريدوان مرتبطاً ببلده المغرب، وساعد عدداً من الفنانين المغاربة في تحقيق العالمية، وإنتاج ألبومات لهم مشتركة مع نجوم عالميين. وفي سنة 2011، وشَّح العاهل المغربي محمد السادس المنتج نادر الخياط بوسام "الكفاءة الفكرية"، اعترافاً له بهذه الجهود.