تمر الذكرى الـ952 على مرور معركة ملاذكرد التاريخية، التي تمكن فيها السلاجقة الأتراك من هزيمة الجيش البيزنطي، ما فتح الباب أمام دخول وانتشار الأتراك في الأناضول.
ساهمت شجاعة وعبقرية السلطان السلجوقي محمد ألب أرسلان 1071 في هزيمة الجيش البيزنطي الذي فاق عدد الجيش التركي بأربعة أضعاف، إذ رجحت المصادر الأكاديمية أن عدد جيش السلاجقة وصل إلى ما يقرب من 50 ألف مقاتل، مقابل 200 ألف مقاتل في الجيش البيزنطي.
وبدأت المعركة عندما أعد ألب أرسلان جيشاً كبيراً، أراد منه التوجه إلى مصر لمواجهة الفاطميين، لكنه عاد عندما علم أن الإمبراطور البيزنطي رومانوس ديوجينيس قد خرج على رأس جيش ضخم قاصداً القضاء على دولة السلاجقة واحتلال شرق الأناضول وبغداد.
أراد الإمبراطور الروماني تحقيق نصر سريع يثبت به دعائم حكمه، فيما قاتل السلطان ألب أرسلان لحماية الوجود الإسلامي على تخوم الأناضول وفي بلاد فارس.
اشتبك الجيشان صباح يوم الجمعة 26 أغسطس/آب 1071، ومع غروب شمس ذلك اليوم كان السلاجقة فد تمكنوا من هزيمة الجيش البيزنطي وأسر الإمبراطور الروماني.
معركة غيّرت التاريخ
يقول مؤرخ العصور الوسطى البروفيسور مصطفى علي جان، إن معركة ملاذكرد التي يجري دراسات عنها منذ عام 2011، "كانت من أهم الأحداث التي غيّرت تاريخ العالم".
وأوضح علي جان وهو رئيس جامعة "موش ألب أرسلان" التركية، أن العالم بعد معركة ملاذكرد "تحرك نحو مسار تاريخي مختلف تماماً، وحدث تغيّر كبير في التاريخ الإسلامي".
وأضاف: "بعد انتصار السلاجقة في معركة ملاذكرد، تعززت الهيمنة التركية في العالم الإسلامي".
وأردف علي جان: "ما زلنا مستمرين في مشاهدة النتائج الاجتماعية والسياسية والثقافية لهذه المكانة التي حققها العالم الإسلامي بعد المعركة".
وأشار علي جان، إلى أن المسلمين "تقدموا بسرعة إلى داخل الأناضول تحت قيادة الأتراك السلاجقة بعد معركة ملاذكرد، ونجحوا في تأسيس دولة سلجوقية جديدة في منطقة إزنيك بعد أقل من 10 أعوام".
وأضاف: "انتشر المسلمون بسرعة كبيرة في جميع أنحاء الأناضول بعد ملاذكرد تحت قيادة الأتراك، مثل ما يتدفق الماء بقوة من فتحات السد".
وأردف علي جان: "كان السلطان ألب أرسلان طويل القامة ومهيباً، وتخبرنا المصادر أنه كان ذا لحية طويلة لدرجة أنه كان يربطها حتى لا تعيق حركته أثناء إطلاق السهام".
تكتيك "طوران"
ولفت علي جان، إلى أن السلطان ألب أرسلان "كان عبقرياً حقيقياً في المجال العسكري، وأنه انخرط في ساحات القتال منذ سن 13 عاماً، إذ كان يشارك في الحملات العسكرية عند مرض والده جغري بك".
وأشار إلى أن ألب أرسلان "كان أحد أبرز القادة الذين نفذوا تكتيك "طوران" التقليدي بطريقة ناجحة خلال معركة ملاذكرد التي جرت بعد صلاة الجمعة بتاريخ 26 أغسطس/آب 1071، إذ توجه المسلمون في أرجاء الأرض بالدعاء إلى الله لكي يمنحه النصر".
وذكر علي جان، أن المعركة "استمرت نحو نصف يوم، وبينما كان السلطان ألب أرسلان يؤدي صلاة العشاء، جرى أسر الإمبراطور البيزنطي رومانوس الرابع ديوجينيس، وإحضاره إلى خيمته".
ويعرف تكتيك "طوران" العسكري بأسماء أخرى مثل تكتيك "الهلال" أو "الكماشة".
ويتمثل التكتيك في انقسام الجيش إلى ثلاثة أجزاء خلال الحرب، فيتوجه الأول من اليمين والثاني من اليسار والأخير من الوسط.
وبعد الهجوم على العدو تتراجع القوات التي في الوسط بعد فترة معينة فتلحق بها قوات العدو وفي هذه الأثناء تحاصرها القوات الموجودة في اليمين واليسار للانقضاض عليها.