ما المهم: أثار تصريح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب حول مراقبة قوات بلاده في العراق لإيران، جدلاً واسعاً وردود فعل كثيرة لجهات سياسية مختلفة في البلاد، حيث يرى العراق أن الوجود العسكري الأمريكي مُقيّد باتفاق ثنائي، وأن غايته التدريب العسكري ومكافحة الإرهاب.
وجاءت تصريحات ترمب في خضمّ المفاوضات الجارية بغرض نقل وحدات عسكرية أمريكية إلى العراق بعد الانسحاب الأمريكي من سوريا.
المشهد: قال الرئيس العراقي برهم صالح، الإثنين، إن ترمب لم يطلب إذناً من العراق لتقوم القوات الأمريكية الموجودة على أراضيه بمراقبة إيران.
تصريح صالح جاء بعد أن قال الرئيس الأمريكي خلال مقابلة مع قناة CBS إن الدوافع من وراء رغبته في إبقاء قوات بلاده في العراق هي "مراقبة إيران على نحو ما لأنها تمثل مشكلة حقيقية".
وقال الرئيس العراقي إن القوات الأمريكية في بلاده موجودة بموجب اتفاق بين البلدين، وبمهمة محددة هي مكافحة الإرهاب. وأشار إلى أن الحكومة العراقية تنتظر إيضاحات بشأن أعداد القوات الأمريكية ومهمتها، وفق وكالة رويترز.
وأضاف صالح أن "الدستور العراقي يرفض اتخاذ العراق قاعدة لضرب دول الجوار أو الاعتداء عليها"، وأن "وجود القوات الأمريكية هو ضمن سياقات قانونية، وباتفاق بين البلدين وأي عمل خارج الاتفاقية غير مقبول".
ردود الفعل: رأى النائب الأول لرئيس مجلس النواب حسن الكعبي أن "العراق لن يكون منطلقاً لمراقبة أية دولة أو ضربها، وعلى الجميع التحرك لإنهاء الوجود الأمريكي".
وقال الكعبي في بيان "مرة أخرى يتجاوز ترمب العرف القانوني والدستوري للدولة العراقية بعد زيارته السابقة لقاعدة "عين الأسد"، حيث طلع علينا اليوم باستفزاز آخر بتصريح يؤكد فيه بقاء القوات الأمريكية داخل البلاد للعدوان على بلد جار".
من جهته، قال النائب حسن سالم الذي ينتمي إلى كتلة الحشد الشعبي المُقربة من إيران "لن نسمح ببقاء أية قوات أجنبية على أراضينا"، وفق وكالة رويترز.
بدوره، قال رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي، في بيان، إن تصريحات ترمب "ستتسبب في زعزعة العلاقات بين العراق والولايات المتحدة"، وأضاف أن "الحديث عن قواعد أمريكية، وعن استخدامها لمواجهة دول جوار، يتعارض مع الدستور العراقي والاتفاقيات بين العراق والولايات المتحدة".
ودعا العبادي حكومة عبد المهدي إلى رفض استخدام الأراضي العراقية ضد أي دولة جارة، ومن أي جهة كانت".
الخلفيات والدوافع: تؤكّد الحكومة العراقية رسمياً أن واشنطن لا تملك أي قاعدة عسكرية صرفة على أراضيها، ويقتصر الأمر على مدربين ينتشرون إلى جانب القوات العراقية في قواعد عراقية، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
غير أن ترمب قال إن واشنطن أنفقت مبالغ طائلة على قاعدة عسكرية في موقع متميز بالعراق، ما يسمح بمراقبة "الشرق الأوسط المضطرب"، في إشارة إلى قاعدة عين الأسد الجوية في محافظة الأنبار غربي العراق التي زارها في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
وتطرق ترمب في مقابلته، إلى قاعدة عين الأسد في العراق، وأوضح أنه يريد إبقاءها بهدف التمكن من مراقبة إيران المجاورة، قائلاً "إذا كان طرف ما يسعى إلى صنع أسلحة نووية، فسنعلم بالأمر قبل أن يقوم بذلك".
وحين سألته محاورتُه عما إذا كان البقاء في العراق سيكون مسألة أشهُر، قال "علينا حماية إسرائيل، ولدينا مسائل أخرى لحمايتها"، مضيفاً أن لدى بلاده قاعدة عسكرية "رائعة وغالية التكلفة في العراق، ومناسبة جداً لمراقبة ما يحدث في أجزاء مختلفة من الشرق الأوسط المضطرب، وهذا أفضل من الانسحاب".
بين السطور: قالت محلّلة الشؤون الأمنية الأمريكية سامنثا فيتوغراد لشبكة CNN إن الوجود العسكري الأمريكي في العراق "غير مسموح له بإجراء عمليات ضد إيران انطلاقاً من البلاد"، وأضافت أن أغلب العسكريين الموجودين هناك هم في غالبيتهم مدربون، ولا يمكنهم القيام بمهمات مراقبة استخباراتية.
وذكرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية أن تعليقات ترمب تأتي بعد أسابيع من مفاوضات سرية بين الولايات المتحدة الأمريكية والعراق، تهدف إلى إمكانية نقل قوات أمريكية خاصة وجنود إلى العراق بعد الانسحاب الأمريكي من سوريا. وقالت الصحيفة إن ما قاله ترمب يمكنه أن يؤثّر على سير هذه المفاوضات.
من جهة أخرى، قال مصدر حكومي عراقي لصحيفة العربي الجديد الصادرة في لندن إن تصريح ترمب سبّب إحراجاً كبيراً للحكومة العراقية، وأضاف أنه يفوق "الحرج السابق الذي تسبب فيه الرئيس الأمريكي لرئيس الحكومة العراقية عادل عبد المهدي، حين قام نهاية العام الماضي بزيارة جنوده في قاعدة عين الأسد غرب العراق، دون تنسيق مع السلطات هناك".
من جانبه، قال رئيس "كتلة الإصلاح والإعمار" في البرلمان العراقي صباح الساعدي، إن التنسيق العسكري العراقي الأمريكي كانت تحكمه "اتفاقية الإطار الإستراتيجي التي كانت تنظم آليات الأمن ومكافحة الإرهاب".
وأضاف البرلماني العراقي في تصريح لـTRT عربي أن "التجاوزات الكبيرة التي تقوم بها أمريكا، وآخرها تصريح ترمب، تستدعي مراجعة الاتفاقية وإلغاء بعض أجزائها"، وقال إنه "من الضروري تنظيم عملية انسحاب القوات الأمريكية من البلاد".