جيش الاحتلال الإسرائيلي يهدم مبانيَ مملوكة للفلسطينيين، بآلات بناء ثقيلة وجرافات، خلال مداهمة لمخيم طولكرم للاجئين. / صورة: AA (AA)
تابعنا

ووصف الفلسطيني ثائر دراغمة في تصريح لوكالة الأناضول، الذي تخضع عائلته لهذا الحصار ضمن عائلات المخيم، الوضع في المخيم بأنه "صعب للغاية"، إذ يقع منزله في حارة قاقون في الجهة الشرقية.

وأضاف: "الجيش الإسرائيلي يعمل على تغيير معالم المخيم، فقد دمر منازل وأحرق أخرى وحوّل بنايات إلى ثكنات عسكرية، وأغلق طرقات"، ولفت إلى أن وسط المخيم "شبه فارغ تماماً من السكان، إذ تعمل القوات على تدمير وتخريب المنازل المقتحمة وإحراق بعضها".

وأشار إلى أن القوات دمرت مدخل منزله، ما ضاعف معاناته التي تتمثل في "مياه شبه مقطوعة وكهرباء متقطعة، وشح في المواد الغذائية".

الصيام حل لأزمة الطعام

وأوضح الفلسطيني المحاصر أن عائلات في المخيم باشرت الصيام جبراً جراء نقص المواد الغذائية ورفض الاحتلال السماح بإدخال المواد اللازمة، وأضاف: "الفلسطينيون الباقون في المخيم حريصون على (ترشيد) استهلاك ما لديهم من طعام ومياه، وتوجد حالات تكافل بين الناس".

"كأنها القيامة"

ويرفض دراغمة النزوح من مخيم طولكرم، قائلاً: "لا مكان لي سوى المخيم"، وتابع: "نعيش وسط ثكنة عسكرية، وعدد من المنازل تحوّل إلى نقاط عسكرية. لا يمكننا فتح النوافذ، فقد يطلق علينا الرصاص في أي لحظة".

وأفاد بأن "الجيش الإسرائيلي يعمل على التدمير في كل مكان، فمعالم المخيم تغيرت، إذ هُدمت منازل وشُقت طرقات، وكأن القيامة قامت في المخيم. كل المنازل فتحت أبوابها، أكوام من الردم في كل مكان".

وفي مؤتمر صحفي مساء الأحد، خلال حفل تخريج ضباط في مدينة حولون قرب تل أبيب، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن الجيش سيواصل القتال في الضفة الغربية المحتلة.

فيما أعلن جيش الاحتلال، الأحد، نقل فصيل دبابات إلى جنين للمشاركة في "الجهد الهجومي" على المنطقة، وذلك للمرة الأولى منذ عام 2002.

ومنذ 21 يناير/كانون الثاني الماضي وسّع جيش الاحتلال الإسرائيلي عملياته العسكرية التي أطلق عليها اسم "السور الحديدي"، في مدن ومخيمات الفلسطينيين شمال الضفة، وخصوصاً في جنين وطولكرم وطوباس، مخلفاً 61 شهيداً، وفق وزارة الصحة، ونزوح عشرات الآلاف، ودماراً واسعاً.

وتحذّر السلطات الفلسطينية من أن تلك العملية تأتي "في إطار مخطط حكومة نتنياهو لضمّ الضفة وإعلان السيادة عليها، وهو ما قد يمثل إعلاناً رسمياً لوفاة حل الدولتين".

تفريغ المخيمات لضمّها

وفي السياق، أكد رئيس مركز القدس للدراسات التابع لجامعة القدس، أحمد رفيق عوض، أن عدوان إسرائيل العسكري المتواصل على الضفة الغربية المحتلة يمهد لتحويلها إلى معازل قبل ضمّها.

وأضاف الخبير الفلسطيني في مقابلة مع الأناضول أن إسرائيل قررت إشراك دبابات في عدوانها على شمال الضفة الغربية بحثاً عن تحقيق إنجاز سياسي لا عسكري.

تطور خطير

وحذّر عوض من أن هذا "التطور خطير، وهو حرب موهومة وسياسية ولا داعيَ لها"، وتابع: "إسرائيل تشن حرباً على جبهة مدنية تماماً، ليس في الضفة الغربية ولا المخيمات أي بنى عسكرية ولا جيوش ومعسكرات ولا مرابض مدفعية وصواريخ".

وأضاف أن "كل ما في مخيمات شمال الضفة مسلحون بأدوات بسيطة، وبسبب عمليات الاحتلال والضغط وغياب الأفق السياسي تظهر مثل هذه المظاهر، وما دام هناك احتلال فهناك مقاومة، هذا أمر طبيعي".

وحسب عوض فإن "هذه التطور الجديد وإدخال الدبابات والبقاء في المدن لفترة طويلة قد يكون إعداداً لكل ذلك (الضمّ)"، وأردف: "أرى إمكانية (أن تُقدِم إسرائيل فعلياً على) ضمّ الضفة الغربية وإسقاط السلطة الفلسطينية وحل الدولتين".

وأكمل متسائلاً: "هل إدخال الدبابات والبقاء في الشمال هو تأسيس وتعميق لهذه الفكرة؟"، واستطرد: "هل تريد مثلاً إسرائيل أن ترى ردود أفعال السلطة والمجتمع الإقليمي والعالم وأمريكا؟"، واعتبر أن "كل ذلك ممكن لأن إسرائيل تريد (...) أن تسجل نصراً سهلاً والحرب ما زالت قائمة، وبقاء الحرب يعني أن الحكومة (بنيامين نتنياهو) لا تسقط".

وزاد عوض: "أيضاً (من أجل) فِكر توراتيّ حاخاميّ يريد نتنياهو أن يضم الضفة الغربية، وهذه المكافأة من تدمير غزة"، وأردف: "إسرائيل تقول إنه ما دام هناك انقسام فلسطيني وضعف عربي ودعم أمريكي فسأفعل ما أريد، تُسقِط حل الدولتين وتفجّر مبانيَ وتهدم مخيمات وتضمّ (أراضيَ فلسطينية)، تريد أن تصفي القضية الفلسطينية في ظروف مثل هذه".

هدف سياسي كبير

ورأى عوض أنه لا توجد أهداف عسكرية من اقتحام الضفة، وأن تل أبيب تبحث عن أهداف سياسية، وهي تدمير المخيمات ووكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وأضاف أن إسرائيل "أخرجت الأونروا الآن من المشهد وكذلك المخيم وتعمل على طرد أهله، إذاً هي (أهداف) سياسية لا عسكرية، لا يوجد مَن يطلق النار أصلاً".

وحذّر عوض من أنه "إذا لم يُكبح جماح إسرائيل وبقيت الحكومة هذه وردود الأفعال العالمية والأمريكية بهذا الضعف والغياب، فمن الممكن أن تحاول (إسرائيل) أن تغير ديمغرافية المخيم وتلحقه بالمدينة ليتبع إدارياً البلديات لا الأونروا".

ويأتي توسيع العمليات العسكرية شمال الضفة الغربية بعد تصعيد جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنين اعتداءاتهم بالضفة، بما فيها القدس الشرقية، منذ بدء الإبادة في قطاع غزة، في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 923 فلسطينياً، وإصابة نحو 7 آلاف شخص، واعتقال 14 ألفاً و500 آخرين، وفق معطيات فلسطينية رسمية.

وبدعم أمريكي ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 و19 يناير/كانون الثاني 2025 إبادة في غزة، خلفت أكثر من 160 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً