ما زالت دولة الإمارات العربية مستمرة في توطيد علاقتها مع إسرائيل، إذ عُقد اجتماع ثلاثي سري جمع مسؤولين من الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات أواخر العام الماضي بهدف التنسيق ضد إيران، وتناول الاجتماع أيضاً تطبيع العلاقات بين أبو ظبي وتل أبيب، حسب موقع أكسيوس الأمريكي.
وحسب الموقع الأمريكي، سعى الاجتماع إلى ضمان التزام الإمارات والدول العربية بالامتناع عن الانضمام لتحالف أو منظمة أو ائتلاف ذي طبيعة عسكرية أو أمنية، أو تمويلها أو المساعدة في تشكيلها، مع طرف ثالث.
يأتي ذلك في إطار سعي الإدارة الأمريكية بقيادة دونالد ترمب لتسهيل العلاقات وتطبيعها بين الدول العربية وإسرائيل ضمن سلسلة من الخطوات، وجاء الاجتماع الذي عُقد في 17 ديسمبر/كانون الأول الماضي في البيت الأبيض ضمن هذه السلسلة، التي تُوجت بمناقشة معاهدة عدم اعتداء بين الإمارات وإسرائيل، والتي كان لجاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي وكبير مستشاريه، دور كبير فيها.
ويفسر هذا الاجتماع السري تغريدة سابقة نشرها وزير خارجية الإمارات عبد الله بن زايد في 21 ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال فيها "إصلاح الإسلام: تحالف عربي إسرائيلي يتشكل في الشرق الأوسط".
حينها، أشاد رئيس الوزراء الإسرائيلي المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، بالتغريدة قائلاً "شاهدنا أمس تعبيراً آخر عن تدفئة العلاقات بين إسرائيل والدول العربية، وزير الخارجية الإماراتي تحدث عن تحالف جديد في الشرق الأوسط، وهو تحالف إسرائيلي عربي".
وسبق وكتب وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس تغريدة قال فيها: "أعمل مؤخراً، بدعم من الأمم المتحدة، على تطوير مبادرة سياسية لتوقيع معاهدات عدم اعتداء مع دول الخليج".
وتعود أصول "اتفاقيات عدم الحرب" لمعاهدات عدم الاعتداء التي انتشرت في أوائل القرن العشرين، إذ بدأ توقيع اتفاقيات عدم الاعتداء بين بلدين أو أكثر بعد الحرب العالمية الأولى، ثم أصبحت نادرة منذ الحرب العالمية الثانية، حسب موقف "ميدل إيست آي" البريطاني.
ورغم الهرولة من قبل المسؤولين الإماراتيين نحو تل أبيب، خرجت أصوات خليجية رافضة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، ففي أوكتوبر/تشرين الأول 2019 نقلت صحيفة "الجريدة" الكويتية عن مصادر رفيعة المستوى أن "المبادرة الإسرائيلية لتوقيع اتفاقيات عدم اعتداء مع الدول العربية الخليجية، والتي كشف عنها وزير الخارجية الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، لقيت رداً سلبياً من الدول الخليجية التي عُرِضت عليها".
"الكويت رفضت تسلُّم هذه المبادرة ولو عبر وسيط، وجاء الرفض الكويتي حتى دون الاطلاع على مضمون المبادرة أساساً"
تطبيع إماراتي إسرائيلي
تتذرع الإمارات بأنها ستواجه الخطر الإيراني والإرهاب وستدعم عملية السلام في المنطقة من خلال تحالفها مع إسرائيل، إلا أن ما يحدث على أرض الواقع مختلف تماماً. فقد كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية "أن العلاقات بين إسرائيل والإمارات تطورت وتعمقت كثيراً، وهي منفصلة عن القضية الفلسطينية، ونمت علاقات مبنية على المصالح الاقتصادية والعدو المشترك إيران".
ويعتبر عام 2019 من أكثر الأعوام التي بدأت فيها الإمارات بالكشف عن علاقتها بإسرائيل بشكل تدريجي؛ حيث أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية أن "التحالف بين البلدين بدأ قبل 20 سنة وشمل تعاوناً أمنياً، دبلوماسياً واقتصادياً واسعاً معظمه بقي سرياً، ثم جاء التهديد النووي من طهران ليعزز هذا التحالف".
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2015 أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية افتتاح ممثلية دبلوماسية لتل أبيب لدى وكالة الأمم المتحدة للطاقة المتجددة "إيرينا"، التي تتخذ من أبو ظبي مقراً لها، إلا أن الأخيرة نفت أي علاقات دبلوماسية مع تل أبيب، في الوقت الذي كشفت فيه منظمة مديري الاقتناء واللوجيستية في إسرائيل عن أرقام الصادرات الصناعية بين الدول العربية وتل أبيب عام 2008، لتتصدر الإمارات قائمة الدول العربية.
وعلى أرض الواقع، زار وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس أبو ظبي العام الماضي، وشارك في مؤتمر الأمم المتحدة لشؤون البيئة، وأجرى عدة لقاءات من بينها لقاء مع مسؤول كبير في الإمارات، حسب ما كتبته صفحة "إسرائيل بالعربية" على توتير.
وقالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن كاتس طرح مبادرة "مسارات السلام الإقليمي" التي تشمل ربط المجالين الاقتصادي والاستراتيجي بين السعودية ودول الخليج عبر الأردن بشبكة السكك الحديدية في إسرائيل.
كما شاركت إسرائيل في معرض "إكسبو دبي 2020" في 10 ديسمبر/كانون الأول 2019، حيث وقّع المدير العام لوزارة الخارجية الإسرائيلية يوفال روتيم، زار دبي، على اتفاق المشاركة، والتقى مسؤولين بحكومة الإمارات وإدارة المعرض في إطار هذه الاستعدادات.
العلاقات بين الجانبين تطورت لتصل إلى التهنئة بالأعياد، إذ أعلنت وزارة الخارجية الإسرائيلية، أنها تلقت التهاني من الإمارات، بمناسبة حلول عيد "حانوكا" اليهودي، رغم عدم وجود علاقات دبلوماسية علنية بين البلد العربي وتل أبيب.
تطبيع رياضي وتكنولوجي
وضمن موجة التطبيع بين الجانبين، شاركت إسرائيل في بطولة "غراند سلام" للجودو، في العاصمة الإماراتية أبو ظبي، وقالت قناة "مكان" الناطقة بالعربية، إن "البعثة الإسرائيلية إلى بطولة الجودو في أبو ظبي تتألف من خمسة لاعبين". كما حضرت البطولة وزيرة الثقافة والرياضة الإسرائيلية ميري ريغيف المعروفة بمواقفها المعادية للإسلام والفلسطينيين.
أما على صعيد التجسس، فاعترف مدير عام شركة "NSO" الإسرائيلية المتخصصة في صناعة البرمجيات التي تستخدم للاختراقات الإلكترونية، شاليف حوليو، بأن الإمارات استخدمت برمجيات طورتها الشركة للتجسس على أمير قطر ووزير خارجيته.
كما كشف الجيش الإسرائيلي عن المركبة العسكرية الجديدة والمصفحة "النمر" والتي سيستخدمها جيش الاحتلال في الضفة الغربية. وهذه المدرعة هي صناعة إماراتية.
ومن الأرض إلى الفضاء، حيث شارك رائد فضاء إماراتي الجنسية في رحلة فضائية في سبتمبر/أيلول الماضي مع رائدة فضاء إسرائيلية تدعى جيسيكا مائير، المولودة لأب إسرائيلي، والتي انطلقت إلى الفضاء، حاملةً العَلم الإسرائيلي.
كما دعمت الإمارات الديانة اليهودية حيث أعلنت عن موعد إنشاء أول معبد يهودي رسمي فيها والذي يعتبر الأكبر بالمنطقة، وسيكتمل خلال ثلاث سنوات ويُفتتح عام 2022.
التعاون بين الإمارات وإسرائيل تجاوز البُعدين الاقتصادي والرياضي؛ حيث قال تحقيق مطوّل، نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في أغسطس/آب الماضي، إن دولة الإمارات أبرمت صفقة ضخمة مع إسرائيل، بحيث تزودها الأخيرة بقدرات استخباراتية متقدمة، تشمل طائرتَي تجسس حديثة. وأشار التحقيق إلى أن هذه الصفقة بدأت تتبلور قبل عقد من الزمان، برعاية رجل أعمال إسرائيلي يُدعى "ماتي كوتشافي".