أوضاع مأساوية يعيشها النازحون الفلسطينيون في خيامهم بغزة جراء العدوان الإسرائيلي المتواصل وحلول فصل الشتاء / صورة: AA (AA)
تابعنا

خيام مهترئة اضطر النازحون من شمال القطاع العيش داخلها عقب نزوحهم من منازلهم بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ليجدوا أنفسهم في مخيمات أقيمت وسط وجنوب غزة تفتقد إلى أدنى مقومات الحياة الآدمية.

كانت عقارب الساعة تشير إلى منتصف الليل، حين ظهرت الأربعينية أم أحمد في ملعب اليرموك وسط مدينة غزة، وهي تحاول بشتى الطرق نزح المياه من داخل خيمتها البسيطة.

بيديها النحيلتين، تسحب أم أحمد المياه المتجمعة بقطعة قماش، وتعصرها بوعاء صغير لسكبه خارج الخيمة، بينما تجلس ابنتها المعاقة وطفلها الرضيع على فراش مبلل، لا يجدون ملجأ سوى صرخات أمهم الممزوجة باليأس ومحاولات والدهم لإصلاح الخيمة المهترئة.

خيام على برك المياه

"ماذا نفعل؟!" بهذه الكلمات صرخت أم أحمد بصوت متقطع بين البرد واليأس والألم: "أغطيتنا مبللة، فراشنا غرق بالمياه، وحتى طعامنا لم يسلم من المياه، نريد وقفاً لهذه الحرب المدمرة، أريد فقط أن أعيش وعائلتي بكرامة".

وانتشر مقطع فيديو للسيدة على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه من أمتعتها وممتلكاتها الشخصية البسيطة داخل خيمتها الغارقة بمياه الأمطار.

وفي خيمة مجاورة، لم يكن المشهد أفضل، فالمياه اجتاحتها حتى بدت وكأنها منصوبة على بركة كبيرة من المياه.

الأطفال يضعون على أجسادهم ثياباً رثة، بينما يحاول الرجال والنساء إنشاء سواتر ترابية بأيديهم العارية لمنع المياه الجارية من الوصول إلى الداخل مجدداً.

أوضاع مأساوية يعيشها النازحون الفلسطينيون داخل الخيام جراء القصف الإسرائيلي وحلول فصل الشتاء والأمطار (AA)

العالم وقف عاجزاً

بينما ينظر المسن جهاد عبد الرحمن، بصمت إلى ما تبقى من أمتعة عائلته بعدما أغرقتها الأمطار، والدموع تملأ عينيه الجاحظتين، ليقول بنبرة حزينة: "نحن نعيش بين الموت البطيء والموت السريع. الحرب دمرت منازلنا، والأمطار أخذت ما تبقى لنا".

ويتساءل مستنكراً: "هل كتب علينا أن نعاني إلى الأبد! أليس من الظلم أن يقف العالم عاجزاً عن وقف الحرب والإبادة الجماعية بحقنا! أليس من المعيب على هذا العالم الذي يدعي الإنسانية تركنا نعاني الأمرين! ألا يكفينا 13 شهراً من العيش أمواتاً!".

ومنذ أسابيع، حذرت بلدية غزة من هذا المشهد المأساوي، إلا أن الحرب المستمرة والحصار المطبق وانعدام الموارد جعلت من المستحيل تدارك الأزمة.

ويقول متحدث البلدية حسني مهنا: "إن تدمير محطات ومضخات الصرف الصحي، وشبكات تصريف مياه الأمطار، إلى جانب النقص الشديد في الوقود اللازم لتشغيلها، يهدد بغرق العديد من المناطق المنخفضة والساخنة وارتفاع منسوب المياه فيها".

ويضيف مهنا أن المنخفض الجوي يأتي في وقت يعاني فيه السكان والنازحون نقصاً حاداً في المأوى والخدمات الأساسية بفعل استمرار الحرب المدمرة لأكثر من عام.

ويبين أن طواقم البلدية تعمل على مدار الساعة للتخفيف من تداعيات المنخفض الجوي رغم الإمكانيات والموارد المحدودة جداً.

وتمكنت البلدية من تنظيف 2400 مصرف لمياه الأمطار من أصل 4400 منتشرة في المدينة، وأزالت النفايات المتراكمة في محيطها، رغم تدمير جيش الاحتلال الإسرائيلي 132 آلية تابعة للبلدية بالكامل، وفق مهنا.

ويناشد مهنا "المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية بوقف الإبادة في غزة وتوفير الدعم العاجل لإمدادنا بالوقود والمعدات والآليات، وإعادة إعمار المرافق الحيوية للتخفيف من الكوارث الإنسانية".

ووفق الأرصاد الجوية الفلسطينية يضرب منخفض جوي مصحوب بكتلة هوائية الأراضي الفلسطينية منذ مساء الاثنين، متوقعة تساقط أمطار غزيرة الثلاثاء، مصحوبة بعواصف رعدية، إذ تصل سرعة الرياح إلى 70 كيلومتراً في الساعة.

وهذا الشتاء الثاني الذي يعاني فيه الفلسطينيون في قطاع غزة من تدفق مياه الأمطار إلى خيامهم ما يتسبب بانتشار الأمراض.

وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت نحو 148 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.

وتواصل إسرائيل مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً