زار وزير الخارجية المصري سامح شكري الاثنين الرباط تلبية لدعوة نظيره المغربي ناصر بوريطة. فيما أبان الوزيران في بيانهما الختامي عن مدى تقدم مرحلة إذابة الجليد بينهما، وعبّرا عن التقارب الذي بلغه البلدان وخصوصاً في القضايا المصيرية للبلدين.
هذا وقالت الخارجية المغربية إنها تدعم الأمن المائي المصري وتعتبره جزءاً لا يتجزأ من الأمن المائي العربي، كما دعت إلى التخلي عن السياسات الأحادية فيما يخص الأنهار الدولية وإلى التزام المعاهدات الدولية. وبالمقابل أكد وزير الخارجية المصري على "موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية والتزامها الحل الأممي لقضية الصحراء وتأييدها لما جاء في قرارات مجلس الأمن الدولي".
فيما شملت المباحثات بين الوزيرين قضايا أخرى، على رأسها التهديدات الإرهابية والملف الليبي والفلسطيني. وتعد هذه الزيارة الأولى لمسؤول حكومي مصري للمملكة المغربية خلال السنوات السبع الأخيرة، إذ فتحت صفحة جديدة في العلاقات المصرية المغربية التي امتازت بتأرجح بين الدفء والبرود منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي حكم البلاد.
تقارب ودعم متبادل
وخلص وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، في ندوة صحفية عقب مباحثاته مع نظيره المصري سامح شكري، إلى "تطابق في وجهات النظر بين المغرب ومصر، ورغبة في تعزيز التنسيق الثنائي وترجمته إلى مبادرات مشتركة لا تخدم مصالح البلدين فحسب، ولكن أيضاً الأمن والسلم والاستقرار الإقليمي".
وفي هذا السياق أعلنت الرباط دعمها للأمن المائي المصري، إذ دعا البيان الختامي للقاء الذي جمع الوزيرين إلى "التزام التعهدات بمقتضى القانون الدولي بما في ذلك اتفاق إعلان المبادئ الموقع في عام 2015، بما من شأنه عدم اتخاذ أي إجراءات أحادية فيما يخص ملء وتشغيل سد النهضة وضرورة تعاون الأطراف بحسن نية للتوصل بلا إبطاء إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن قواعد الملء".
وبذات الكيف دعمت القاهرة، على لسان وزيرها، الوحدة الترابية للمغرب. وأكد سامح شكري: "موقف بلاده الداعم للوحدة الترابية للمملكة المغربية والتزامها الحل الأممي لقضية الصحراء وتأييدها ما جاء في قرارات مجلس الأمن الدولي".
وعرف اللقاء بين المسؤولين تباحث عدة قضايا تهم البلدين، على رأسها الملف الليبي والفلسطيني، وقضايا مكافحة الإرهاب. فخيَّم على تلك المباحثات وقع العملية الإرهابية التي تعرض لها الجيش المصري في سيناء، وأعرب بوريطة عن "إدانة المملكة المغربية القوية للهجوم الإرهابي الآثم الذي استهدف أول أمس منطقة غرب سيناء وتضامنها الكامل مع جمهورية مصر وتأييدها لكل الإجراءات والتدابير التي تتخذها السلطات المصرية لحفظ أمنها واستقرارها".
هذا واتفق الطرفان، خلال هذه المباحثات، على إعداد أجندة للتعاون الثنائي في عدة مجالات خلال الأسابيع والأشهر المقبلة، على أن تُفعّل في "لقاءات بين البلدين على أعلى مستوى بين صاحب الجلالة الملك محمد السادس وفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي"، حسب تصريحات وزير الخارجية المغربي.
صفحة جديدة من العلاقات
تفتح هذه الزيارة صفحة جديدة في العلاقات المصرية المغربية، التي تتخذ منذ تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أشكالاً متغيرة بين التقارب تارة والتوتر أخرى. فيما كانت آخر التوترات بين القاهرة والرباط حول التبادل التجاري بينهما، شهر يوليو/تموز الماضي، إذ اتهم وزير الصناعة والتجارة المغربي السابق مولاي حفيظ العلمي القاهرة بعرقلة الصادرات المغربية إليها.
وقال العلمي وقتها إنه "فرض على الجانب المصري مراجعة التبادل التجاري بين البلدين"، بسبب ما سمَّاه "بلوكاج" (انسداداً) تعاني منه المنتوجات المغربية في الوصول إلى السوق المصرية، ما يكبد المغرب خسارة بنحو 600 مليون دولار. وردَّت نظيرته المصرية، نيفين جامع، أن بلادها "تفهمت الأمر" وطلبت تأسيس لجنة مشتركة لحل هذه المشاكل.
وقبل هذا، مثَّلت اجتماعات الصخيرات المغربية بين الفرقاء الليبيين أساس ميلاد حكومة طرابلس، فيما دعمت القاهرة ميليشيات الجنرال الانقلابي خليفة حفتر في حربه ضد تلك الحكومة، الأمر الذي خلَّف تضارباً في وجهات النظر بخصوص هذا الملف.
فيما كانت أولى التوترات بين البلدين سنة 2015، حينما شن الإعلام المصري هجوماً كلامياً ضد الرباط، واتهمت الملك محمد السادس بأنه "عقد صفقة مع الإخوان"، ما فتح باباً أمام مشادات بين إعلامي البلدين. وردَّت القنوات الرسمية وقتها عبر تقارير إخبارية وصفت فيها تولي السيسي السلطة بـ "الانقلاب"، الأمر الذي لم تستسغه القاهرة.