وفي حديث له مع وكالة "أسوشيتد برس" قال المحلل البحري في الكونغرس إريك لابس إن صناعة السفن الحربية في الولايات المتحدة "بحالة مزرية"، مضيفاً: "أشعر بالقلق، لا أرى طريقة سريعة وسهلة للخروج من هذه المشكلة. لقد استغرقنا وقتاً طويلاً للوصول إلى هذه الحالة."
ويشير ديفيد شارب في مقال له على وكالة "أسوشيتد برس" إلى أن نقص العمالة هو أحد التحديات العديدة التي أدت إلى تراكم الأعمال المتأخرة في إنتاج وصيانة السفن في وقت تواجه فيه البحرية تهديدات عالمية متزايدة.
ويضيف شارب أن أحواض بناء السفن في جميع أنحاء الولايات المتحدة أنشأت أكاديميات تدريب وشراكات مع كليات تقنية لتزويد العمال بالمهارات اللازمة لبناء السفن الحربية عالية التقنية. كما شكلت شركات بناء الغواصات والبحرية تحالفاً للترويج للمهن في مجال التصنيع، وتقدم أحواض بناء السفن مزايا لجذب العمال والاحتفاظ بهم بمجرد توظيفهم.
وقال إريك دنت، المتحدث باسم حوض بناء السفن في ولاية ويسكونسن للوكالة، إن "نقص العمالة يمثل بالتأكيد مشكلة، وهي مشكلة يعانيها جميع أحواض بناء السفن". ويقدم حوض بناء السفن مكافآت تصل إلى 10,000 دولار للاحتفاظ بالعمال.
لكن المشكلة تتجاوز توافر العمالة من عدمه، وتمتد إلى تغيرات شهدتها الصناعة في الولايات المتحدة منذ سبعينيات القرن الماضي، ووفقاً للخبير في مجال الدفاع لورين تومسون في مقال له على موقع "فوربس"، فإن الولايات المتحدة خسرت 14 حوضاً لبناء السفن منذ عام 1970.
ويضيف تومسون أن تدفقات التجارة من أمريكا وإليها تتجاوز تريليون دولار سنوياً، والجزء الأكبر منها يجري عن طريق البحر، في حين أن السفن المسجلة في الولايات المتحدة تحمل بالكاد 1% من تلك الحركة. على الرغم من أن البحرية التجارية الأمريكية كانت تنقل ثلث التجارة العالمية في خمسينيات القرن الماضي.
الصراع مع الصين
ويشير تومسون إلى أن الصين تسعى على المدى الطويل إلى الهيمنة على سلاسل التوريد العالمية فـ"الصين تتفوق على أمريكا في إنتاج السفن التجارية الكبيرة بنسبة 100 إلى 1، تهيمن بشكل متزايد على حركة المرور، وتضمن السيطرة على المواني على طول طرق التجارة الرئيسية".
بينما نقلت مجلة فورين بولسي عن مكتب الاستخبارات البحرية أن الصين أصبحت تمتلك أكبر بحرية في العالم بحلول نهاية العام 2020 بعد أن أصبح لديها "ما يقدر بنحو 360 سفينة حربية، مقارنة بـ297 للولايات المتحدة، فيما يتوقع أن تمتلك الصين 400 سفينة حربية بحلول عام 2025 و425 بحلول عام 2030".
وتضيف المجلة أن الأزمة تمتد كذلك إلى البنية التحتية لصناعة السفن "فبينما تمتلك الصين عشرات من أحواض بناء السفن الكبيرة التي يمكنها بناء السفن الحربية والسفن التجارية الكبيرة، لا يوجد سوى سبعة أحواض بناء سفن في الولايات المتحدة، يمكنها بناء سفن حربية كبيرة". بينما يجري "بناء نحو 90٪ من جميع السفن التجارية اليوم في كوريا الجنوبية واليابان والصين".
هذا الأمر يؤدي إلى مجموعة من الآثار السلبية على فاعلية البحرية الأمريكية، أهمها "بقاء بعض السفن على الرصيف لسنوات قبل أن يجري إصلاحها. وفي أواخر عام 2020، قررت البحرية إلغاء سفينة الهجوم البرمائية ذات الطابق الكبير بونهوم ريتشارد، التي تبلغ تكلفتها 4 مليارات دولار، والتي تعرضت لحريق داخلي في أثناء رسوها في سان دييغو، ويرجع ذلك جزئياً إلى أن القاعدة الصناعية كانت متوترة للغاية، إذ لا يمكنها التعامل مع إعادة البناء اللازمة".