كثيرات من النساء يقضين حياتهن في المنزل ينظّفن ويكنسن ويرتّبن ويطبخن ويربّين الأطفال (Getty Images)
تابعنا

يصاحب كل ذلك النوم المتقطع وقلة التغذية الصحيحة بما يؤدي في النهاية إلى معاناة أمهات كثيرات من الدوار والوخم، وزيادة الشعور بالتعب، والنقص الحاد في مستوى الهيموغلوبين... لكنهن يستمررن في حمل العبء وحدهن بلا مساعدة ولا متابعة لصحتهن، إلا قليلات يقدرن على التعامل مع زيادة الأعباء ويحقّقن التوازن في هذه المعادلة الصعبة، فماذا يفعلن؟ وكيف تنجو البقية؟

السر في الإعداد المُسبَق

إنجي إبراهيم، أم لطفل وتعمل محررة من المنزل، قالت لـTRT عربي: "لا ألجأ إلى الخضراوات المجهَّزة ولا أشتري طعاماً نصفَ مطهيّ، كل ما أفعله أنني في اليوم السابق ليلاً أبدأ تجهيز الخضراوات والصلصات، وقبل موعد الإفطار بقليل أسوّي الطعام".

تقريباً تفعل مثلها منى النحاس، موظفة وأم لطفلة، تقول: "إعداد الإفطار يكون قبل الأذان بساعة، أُخرِج وجبة اليوم من المجمّد قبل نزولي للعمل، وعندما أعود أدخل المطبخ وأعمل على تجهيز الطعام والعصائر وغسل أطباق السحور المتبقية من اليوم السابق وأحضّر طاولة الطعام، كما أخزّن الخضراوات حسب مواسمها لأني لا أحب الخضراوات الجاهزة والمجمدة، وأجهّز اللحوم بتقسيمها لحصص وتتبيل بعضها حتى تكون جاهزة على التسوية، وأيضاً أدمّس الفول في المنزل كل أسبوع مرة وأقسّمه على حصص وأخزنه".

تقول هند أبو السعود لـTRT عربي إنها أيضاً تلجأ إلى التجهيز المسبق حتى لا يداهمها الوقت قبل الإفطار: "الروتين في رمضان ليس مختلفاً، فأنا أشتري اللحوم والأسماك كل أسبوع وأجهّزها على التسوية، ثم أخزّنها في المجمّد، فيما ألجأ إلى الخضراوات المجهزة والمجمدة، أما الخضراوات الطازجة فأخزّن البصل والثوم فقط في مواسمهما. في اليوم الرمضاني أبدأ إعداد الطعام مبكراً وأُتِمُّه قبل صلاة العصر، وأصلي وأنام قليلاً ثم أستيقظ لإعداد السفرة والتسخين".

سها، السيد ربة منزل، قالت لـTRT عربي: "كثيراً ما ألجأ إلى الوجبات الجاهزة من صفحات على إنستغرام، جرّبت عدة منتجات ولكنني في النهاية استقررت على سيدة تُعِدّ الوجبات نصف مطهيَّة وبدأت الاعتماد عليها قبل شهر رمضان لأنني أكون معظم الوقت خارج المنزل بالأولاد في تمارينهم، ولا أجد الوقت إلا قليلاً لأُعِدّ لهم وجبة بيدي، الوجبات نصف الجاهزة أفضل من اللحوم المصنَّعة أو المجمَّدة، لأنها تقترب من مستوى طعام المنزل في الجودة والنظافة".

لا بأس في طلب المساعدة

ليس "لا بأس" فقط، بل يُستحبّ، وفي بعض الحالات يُنصح به بشدة، فكثيرات لا يعترفن بأنهن يحتجن إلى أيادٍ أخرى تنظّم شؤون بيوتهن وتخفّف العبء اليومي، بل ويعتبرنه إعلاناً بعدم قدرتهن على إدارة بيت صغير... حسنٌ، ولكن اللجوء إلى سيدة تساعد في التنظيف أو العناية بالصغار لا يقلّل دورك كأم، بل بالعكس، فهو يزيد تركيزك على صحة الأبناء وصحتك وإدارة البيت بنظام بلا توتر أو إرهاق. إنجي إبراهيم تُدير بيتاً متوسط الحال، وعلى الرغم من ذلك تقول إنها ترتّب البيت سريعاً كل يومين، ولكنها تحتاج كل شهر إلى "زيارة من سيدة تنظّف المنزل بشكل كبير، وألجأ إلى شراء طلبات المنزل عن طريق خدمة التوصيل".

وأيضاً منى النحاس تؤكّد أنها بلا مساعدة الفتاة التي تأتيها كل يوم تتوتر من ضغط واجباتها، فـ"حين تَغيَّبت الفتاة لمرضها كان البيت لا يُطاق، فهي تأتي كل يوم تنظّف غرفة الجلوس وتغسل الأطباق، أنا أحاول تسهيل الحياة على نفسي، لكن زوجي كثيراً ما يرفض، فمثلاً أنا أحب استخدام الأكواب والأطباق الورق أو البلاستيك ذات استخدام المرة الواحدة، بخاصة في أيام إجازة الفتاة التي تساعدني، في حين يرى هو أن هذه مبالغة مني، لكنني لا أبالي برأيه، فالمهم صحتى وراحتي".

تستمر النساء في حمل كل الأعباء وحدهن دون مساعدة ودون متابعة صحية (Getty Images)

أما هند فتقول إنها توقفت عن التنظيف الدوري للمنزل بمساعدة سيدات عاملات، وقرّرت أنّ "تنظيف البيت في الأعياد لا مبرّر له، فيكفي أن أرتّبه سريعاً، لكن التنظيف العميق لم أعُد ألجأ إليه إلا مرة بعد العيد وبعد زيارات الضيوف، وقد أطلب من إحدى العاملات مساعدتي أو لا أطلب". سها السيد قالت إنها كانت في بيت أكبر وكانت تساعدها سيدة في التنظيف أسبوعياً، ولكنها الآن في بيت أصغر لا يحتاج منها إلى مجهود كبير، كما أن ابنتها أصبحت تساعدها.

أم سيد، خمسينية تعمل في تجهيز الخضراوات وبيعها على إحدى العربات في شارع بمنطقة وسط البلد، يقع بين عدة وزارات، اختارت أم سيد هذه المنطقة لتبيع منتجاتها لأنها تعتمد على البيع للموظفات في ساعات الخروج من العمل في هذه المنشآت الحكومية، وتقول لـTRT عربي: "أنا من قرية في محافظة الجيزة، وآتي إلى هنا يومياً ما عدا أيام الإجازات الأسبوعية والرسمية، أجهّز الخضراوات ليلاً بمساعدة بناتي، ونهاراً أجلس لأبيعها. معظم زبائني من الموظفات اللاتي ليس لديهن وقت لإعداد الطعام بعد عودتهن إلى منازلهن، أنا أساعدهن، وهن سبب رزقي".

ليست أم سيد فقط التي تجلس في هذا الشارع، بل وعديد من البائعات القادمات من الريف، وكذلك بعض السيدات من سكان القاهرة يعرضن الخضراوات المجهَّزة أمام الأمهات العاملات كنوع من أنواع المساعدة مدفوعة الأجر.

الحرص على التغذية السليمة

بخاصة للأم الحامل والمرضعة، فحسب بيان صادر عن منظمة الصحة العالمية عن مرض فقر الدم/عوز الحديد، فإن النساء في سنّ الإنجاب بحاجة إلى امتصاص كمية من الحديد تعادل 2-3 أضعاف ما يحتاج إليه الرجال أو النساء الأكبر سنّاً، كما أن فقر الدم يسبّب نحو 20% من وفيات الأمهات.

تقول الدكتورة رضوى نبيل، إخصائية التغذية العلاجية بقصر العيني، لـTRT عربي: "أيّ سيدة أنصحها بالابتعاد عن العدوان الثلاثي، وهو المقليات والحلويات والمشروبات الرمضانية المضاف إليها السكر، بالطبع نحتاج إلى تعويض السكر الذي فقدناه في نهار الصيام، ويمكن تعويض ذلك بأكل الفاكهة بدلاً من الحلويات، وإذا أحببت أن تتناول الحلويات فليكن بعد الطعام مباشرة حتى لا يُمتصّ كل السكر منها، فإذ أُكلَت على معدة فارغة فسيمتصّ الجسم كل كمية السكر بها، كما أننا كسيدات لا نهتمّ في ما يخص البروتين، إذ نحتاج لكل كيلوجرام من وزن أجسامنا إلى جرام بروتين، حيواني أو نباتي، نحتاج إلى الزنك الموجود في المكسرات، ونحتاج إلى اليود الموجود في الألبان ومنتجاته، ونحتاج إلى الفيتامينات والأملاح من الخضراوات والفاكهة، ونحتاج بشدة إلى الحديد في البقوليات واللحوم الحمراء".

وتضيف: "الحديد يحتاج إلى فيتامين ب-12 وفيتامين سي للمساعدة على امتصاصه، بخاصة في المصادر النباتية، فأنصح بعصر ليمون على البقوليات أو الخضراوات التي بها حديد، أي سيدة تحتاج في المتوسط إلى 1800 سعر حراري يومياً، فأنصح أي سيدة بشرب الماء الكثير والتقليل من المأكولات الدسمة وأكل الفاكهة بدلاً من الحلويات، وأنصح الحامل بأن تفطر إذا شعرت بالعطش وقلّ دخولها الحمام عن المعتاد، أو إذا شعرت بسخونة أو قيء أو انقباضات في الرحم، ومتابعة وزنها ووزن الجنين مع الطبيب المختص، وأنصح المرضعة بأن تشرب ماءً كثيراً وأن تُرضِع صغيرها كلما طلب، ولا داعي إلى تنظيم مواعيد الرضاعة، فتخزين اللبن مع زيادة المجهود والعطش سيؤدي إلى تغيير طعم وكثافة اللبن، والتقليل من الأطعمة الجاهزة والأكل الصحي لأن كثيرات لا يجدن الوقت مع الرضاعة لإعداد أكل صحي، والإكثار من الخضراوات والبقوليات وشرب اليانسون والشمر والزنجبيل بديلاً من مشروبات رمضان السكرية".

TRT عربي
الأكثر تداولاً