بعد ثلاثة أشهر من تغريدة قال فيها إنه سيفعّل خدمة ستارلينك في إيران وسط اشتعال الاحتجاجات الشعبية، قال إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة سبيس إكس، الاثنين، إن شركته تقترب من حيازة 100 جهاز ستارلينك يعمل في إيران، في إشارة إلى أجهزة استقبال خدمة الإنترنت التي تتيحها الشركة عبر الأقمار الصناعية.
وكان الملياردير الأمريكي قد وعد بجلب شبكة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية إلى البلاد في سبتمبر/أيلول، حيث فرضت السلطات الإيرانية قيوداً صارمة على الوصول إلى الإنترنت بشكل متزايد، في خطوة للحد من وصول النشطاء إلى المعلومات حول الاحتجاجات التي اندلعت في جميع أنحاء البلاد.
خطوة ماسك للمساعدة في الوصول إلى الإنترنت في إيران كانت قد سبقتها خطوة مشابهة في أوكرانيا التي باتت لديها الآن ما يقرب من 20000 من أجهزة استقبال ستارلينك المنتشرة في جميع أنحاء البلاد، والتي بدورها أبقت على خدمة الإنترنت متوفرة إلى حد كبير في أوكرانيا رغم استهداف روسيا للبنية التحتية بشكل عنيف.
البداية من أوكرانيا
كما هو الحال غالباً مع إيلون ماسك، بدأ الأمر بتغريدة. ففي 26 فبراير/شباط، بعد يومين من بدء روسيا هجومها على أوكرانيا، غرد نائب رئيس الوزراء الأوكراني ميخايلو فيدوروف كاتباً لأغنى رجل في العالم: "بينما تهبط صواريخك بنجاح من الفضاء، تهاجم الصواريخ الروسية المدنيين الأوكرانيين!" مطالباً ماسك بتزويد أوكرانيا بمحطات ستارلينك.
ليرد ماسك على تغريدة فيدوروف في اليوم نفسه، وأبلغه أن خدمة ستارلينك "نشطة الآن في أوكرانيا"، مشيراً إلى أن أقمارها الصناعية ستبدأ في إرسال الإنترنت إلى البلاد، وتعهد بإرسال المزيد من المحطات الطرفية، وفقاً لما أوردته الفورين بوليسي.
وبعد أكثر من عشرة أشهر، لعبت ستارلينك دوراً حيوياً في إبقاء الجيش والمواطنين في أوكرانيا متصلين بالإنترنت مع استمرار اندلاع الحرب واستهداف روسيا للبنية التحتية للاتصالات السلكية واللاسلكية والكهرباء في أوكرانيا. فيما قال فيدوروف للجمهور في قمة الويب في لشبونة في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني: "لقد كانت بداية قصة رائعة، لأن تقنيات Starlink غيرت هذه الحرب".
ولم تُبقِ خدمة الإنترنت عبر الأقمار الصناعية المواطنين والشركات الأوكرانية على الإنترنت فحسب، بل كانت أيضاً مهمة في المجهود الحربي، حيث ساعدت القوات على التواصل مع بعضها البعض في ساحة المعركة وحتى تمكين الطائرات بدون طيار وأنظمة الأسلحة من الاستمرار في العمل.
مهمة أصعب في إيران
كما كان متوقعاً، عقب اندلاع الاحتجاجات الشعبية في إيران بعد وفاة الشابة مهسا أميني (22 عاماً) بعدما احتجزتها شرطة الأخلاق لارتدائها "ملابس غير ملائمة"، ظهر ماسك على تويتر في سبتمبر/أيلول مغرداً إنه سيفعّل خدمة ستارلينك في إيران في إطار جهد تدعمه الولايات المتحدة "لتعزيز حرية الإنترنت والتدفق الحر للمعلومات" للإيرانيين.
وقد قام ماسك فعلياً بتنشيط خدمة النطاق العريض عبر الأقمار الصناعية ستارلينك في إيران لمساعدة المحتجين على التواصل مع العالم الخارجي، لكن وصول الإيرانيين إلى هذه الخدمة لم ولن يكون سهلاً كما كان الأمر بالنسبة إلى الأوكرانيين، خصوصاً أن إيران تعمل على إنشاء نسخة مغلقة من الإنترنت لشعبها منذ أكثر من عقد.
وعلى عكس الحكومة الأوكرانية التي طلبت بنفسها مساعدة ماسك وسهلت بالتأكيد استيراد أجهزة الاستقبال ونشرها، فمن غير المرجح أن تتغاضى الحكومة الإيرانية عن استيراد تكنولوجيا تهدف صراحة إلى تقويض قوتها. في حين أن ادعاء ماسك بأن أقمار ستارلينك التي تدور في مدارها فوق إيران قد يكون صحيحاً، فإن الفكرة القائلة بأن اتصال الإنترنت الخالي من الرقابة هو شيء يمكن تفعيله مثل مفتاح الضوء ليس كذلك بالتأكيد.
فبدون أجهزة الاستقبال الأرضية للتواصل مع الأقمار الصناعية، والتي بدورها تنشئ نقاط wifi صغيرة، فإن خطوة ماسك لا معنى لها من الناحية التكنولوجية والتقنية. في حين أنه قد يكون من الممكن تهريب أجهزة ستارلينك إلى إيران، فإن الحصول على كمية كافية من أطباق الأقمار الصناعية إلى إيران سيكون مهمة صعبة للغاية، لاسيما أن ماسك قد أبلغ الحكومة الإيرانية بالخطة على تويتر.
ميزات ستارلينك
يبلغ عمر شبكة الأقمار الصناعية ستارلينك حوالي خمس سنوات، فيما تأمل سبيس إكس في النهاية أن يكون لديها ما يصل إلى 42000 قمر صناعي في ما يسمى بـ"المبنى الضخم"، حيث تعمل أقمار ستارلينك في مدار أرضي سفلي (LEO) - على بُعد 1200 ميل من سطح الأرض، أقرب بكثير من الأقمار الصناعية المتزامنة مع الأرض التي تنشرها الشركات المنافسة التي توفر الاتصال بالإنترنت. وهذا يعني أن نقل البيانات من المحطات على الأرض إلى الأقمار الصناعية في المدار والعكس يستغرق وقتاً أقل.
واعتباراً من نوفمبر/تشرين الثاني 2022، هناك 3271 قمراً صناعياً في المدار، منها 3236 قمراً عاملاً. كما أن خدمات الإنترنت الخاصة بستارلينك متاحة للأفراد والشركات وحتى شركات الطيران، بتكاليف تبدأ من 110 دولارات أمريكية شهرياً. فيما تبلغ تكلفة أجهزة الاستقبال نحو 599 دولاراً وما فوق.
وتتمتع ستارلينك بالكثير من المزايا على أنظمة الاتصالات الأخرى بخلاف الأقمار الصناعية ذات المدار المنخفض. كما أن محطاتها أصغر حجماً وأسهل في الإعداد من طبق القمر الصناعي النموذجي المطلوب للاتصال.
من جهته، قال أندرو كافاليير، المحلل في شركة المعلومات التكنولوجية ABI Research التي تركز على الاتصالات عبر الأقمار الصناعية والشبكات اللاسلكية: "إنها بحجم صندوق بيتزا متوسط". وهذا يسهل نشرها في وقت الحرب، ولكن أيضاً "وجود محطات أصغر يعني، من الناحية اللوجيستية، المزيد من المحطات، وتغطية أفضل بين الأرض والجو".