تابعنا
كانت Google رائدة بلا منازع في مجال الذكاء الصناعي لسنوات، فَـ90% من عمليات البحث على الإنترنت يُجريها محرك بحثها الشهير "غوغل كروم"، ونظام تشغيلها موجود في 70% من الأجهزة الذكية حول العالم.

لعلّ ما يجري الآن بين شركات "مايكروسوفت" و "أوبن إي آي" من جهة وبين "غوغل" من جهة أخرى يشبه إلى حد بعيد قصة السباق الشهير بين الأرنب والسلحفاة.

كانت Google رائدة بلا منازع في مجال الذكاء الصناعي لسنوات، فَـ90% من عمليات البحث على الإنترنت يُجريها محرك بحثها الشهير "غوغل كروم"، ونظام تشغيلها موجود في 70% من الأجهزة الذكية حول العالم.

لكن مؤخراً أضحت سيطرتها تحت تهديد مباشر من قبل هاتين الشركتين، اللتين اقتربتا من إزاحة غوغل، ولو مؤقتاً، عن عرشها. والسبب وراء ذلك برنامج الذكاء الصناعي (ChatGPT) الذي أطلقته شركة OpenAI واستخدمت Microsoft نسخة محدثة منه وضمَّنَتهُ في محرك بحثها Bing "بيْنغ".

فبمَ يختلف نظام هاتين الشركتين عن نظام غوغل؟ وكيف تَصَرف عملاق الإنترنت؟

"Bard".. ردة فعل خجولة من غوغل

يجب أن نعلم أن لكل شركة من الشركات الكبيرة في مجال التكنولوجيا نظام ذكاء صناعي خاصاً بها، يكون غير متاح للعامة، لكن ما فعلته "OpenAI" أنّها جعلت نظامها مفتوحاً للجميع، بمعنى أن بإمكان المطوّرين والمستخدمين إرسال نصائحهم ووضع تعليقاتهم للشركة، مما قد ينعكس إيجاباً على عمل النظام، وهذا الشيء يُعرف عند أهل الاختصاص بـ "النظام مفتوح المصدر".

ليست هذه الميزة فحسب، بل إنّ المزايا التي يتمتع بها بوت الدردشة "ChatGPT" لم يُوفرها أي نظام بحثي آخر، فعلى سبيل المثال، يُمكن للبوت تلخيص الكتب والمقالات وكتابة الأبحاث والرموز البرمجية للمطورين وتأليف القصائد والأغاني والنوتات المستقبلية وغير ذلك.

مايكروسوفت من جانبها، ضمنت هذا البوت في محرك بحثها، مما أضاف إليه ميزة كبيرة على منافسه "غوغل كروم"، وبدأ المستخدمون بالانتقال إلى محرك "بينغ" تاركين وراءهم غيره من محركات البحث من ضمنها "كروم".

وَلِتدارك الوضع، أصدرت غوغل بعد أكثر من ثلاثة أشهر من صدور "ChatGPT" ، بوت دردشة مزوداً بالذكاء الصناعي أطلقت عليه Bard "بارد" والذي وصفته الشركة في حينها "نقطة انطلاق للإبداع".

بدأت الشركة بتعديد مزايا Bard وبيّنت أنّهُ يمتاز بِقدرته على الاطلاع على أحدث المعلومات على الإنترنت لأنه مزود بخاصية بحث Google it، فمن خلال النقر على الزر الخاص بها سيفتح البحث في علامة تبويب جديدة تُمكّن المستخدم من العثور على النتائج ذات الصلة والتحقق من دقة المعلومات ومصادرها على مواقع الإنترنت.

أما ميزته الأهم حسب الشركة، فهي قدرته على إنشاء نصوص كاملة بسرعة، بخلاف "تشات جي بي تي" الذي يولد النصوص قصيرة، إذ يستعين Bard في عمله، كغيره من بوتات الدردشة على نموذج لغة كبير L.L.M يسمى "لامدا" LaMDA كان قد سبق وأعلنت عنه "غوغل" منذ سنتين لكن لم تصدره بالكامل للجمهور.

هذا كان إعلان الشركة، لكن للمطورين والمستخدمين رأي آخر، إذ عندما سأله رئيس مجلس إدارة "معهد ماكينزي العالمي" (جيمس مانيكا) عن التضخم، أوصى Bard بقراءة خمسة كتب، لِيتبين مانيكا بعد أيام أن لا وجود لتلك الكتب في الواقع!

وحسب المحليين، فإنّ أكبر عيوب Bard كانت عدم قدرته على الاندماج مع محرك بحث غوغل، وهي الميزة التي تتفوق بها مايكروسوفت حتى الآن.

ولحل هذه المشكلة، أطلقت غوغل خوارزميات Nora "نورا" الخاصة بها، مما ستساعد في تقديم وجهات نظر متنوعة حول استفسارات المستخدم بطريقة مشابهة لتلك في نظام ChatGPT.

في المقابل، كانت تحسينات غوغل واضحة في برنامج الخرائط عبر خاصية الواقع المعزز، حيث أضافت ميزات كبيرة إلى مستخدمي التطبيق.

غوغل.. بين الذعر والسعي الحقيقي للعودة إلى الصدارة

مع اشتداد التنافس بين الشركات بغية الهيمنة في أنظمة الذكاء الصناعي، تعد الآثار المالية المترتبة على غوغل بالغة الأهمية.

يُعد قِطاع الإعلانات أحد أكبر القطاعات المالية للشركة، ففي 2018، كان 70% من واردات الشركة قادمة من ذلك القطاع، والأداة التي تجلب المعلنين والمستهلكين على حد سواء هو محرك البحث.

لِذا فإن هجرة المستخدمين نحو شات جي بي تي أو بينغ هو كابوس لا تود غوغل رؤيته.

لكن ما سبب الذعر الحقيقي لغوغل؟ هي التسريبات التي صدرت من داخل شركة سامسونج.

حيث أفاد تقرير أصدرته صحيفة نيويورك تايمز يوم الأحد (16 أبريل/نيسان) أن شركة التكنولوجيا العملاقة صُدمت الشهر الماضي عندما علمت أن سامسونج تفكر في استبدال محرك البحث Google كمحرك البحث الافتراضي على أجهزتها لصالح نظام Bing من Microsoft.

ووفقاً لِلرسائل الداخلية بين موظفي غوغل التي اطلعت عليها التايمز، فإنّ أنسب وصف يمكن أن يُوصف به مرؤوسو الشركة هو "الذعر". إذا ما علمنا أن واردات غوغل من سامسونج تصل إلى 3 مليارات سنوياً.

تلك الأنباء دفعت غوغل إلى تسريع خطواتها والسعي نحو حل يضمن لها العودة، وذلك عبر دمج أكبر قسمين تابعين لها مختصَّين بالذكاء الصناعي وهما، DeepMind "ديب مايند" وفريق Brain "براين" التابع لGoogle Research.

قال سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي لشركة Google، في مقابلة أجريت معه مؤخراً مع برنامج 60 دقيقة: "سيكون الذكاء الصناعي جيداً أو شريراً بالقدر الذي تسمح به الطبيعة البشرية".

وأضاف: "يهدف اتحاد الكيانين إلى تسريع التقدم نحو "عالم يمكن للذكاء الصناعي أن يساعد فيه في حل أكبر التحديات التي تواجه البشرية".

وتابع: "تمثل هذه الخطوة أحدث إعادة تنظيم لشركة غوغل استجابة للتطورات السريعة في الذكاء الصناعي، وأن هذا الدمج سيساعد في تشغيل الجيل القادم من منتجاتنا وخدماتنا".

رقعة المنافسة في ازدياد

الإعلانات هي الباب الرئيس لدخول الأموال لعمالقة التكنولوجيا، وبينما تفردت غوغل لعقود من الزمن بهذا، صار لها منافسون في السنوات القليلة الماضية، وأبرز أولئك الذين يستخدمون الذكاء الصناعي لتحسين منتجاتهم وجذب المستخدمين هم فيسبوك وتويتر ومايكروسوفت وأمازون.

فيسبوك من جانبه ورغم شهرته وتجاوزه حد الملياري مستخدم، لم يخطط بعد لتضمين بوت الدردشة في تطبيقه، أما مايكروسوفت، فهي أشد المنافسين لغوغل وما أحدثه محرك بحثها بينغ واضح للعيان.

ورغم أن (إيلون ماسك) دعا في الأيام الماضية مختبرات الذكاء الصناعي إلى إيقاف تدريب أقوى أنظمة الذكاء الصناعي لمدة ستة أشهر على الأقل، مشيراً إلى "المخاطر العميقة التي يتعرض لها المجتمع والبشرية"، فقذ أظهر ماسك اهتماماً متزايداً بدخول "تويتر" إلى سوق أنظمة الذكاء الصناعي التوليدي خلال الأشهر الأخيرة.

وكشف تقرير نشره موقع "بيزنس إنسايدر"، أن ماسك اشترى قرابة 10 آلاف بطاقة لمعالجة الرسوميات ووضعها في أحد مراكز البيانات الخاصة بشبكة "تويتر" الاجتماعية.

وتعد بطاقات معالجة الرسوميات أحد أهم العناصر الرئيسية التي تستخدمها الشركات التقنية في تدريب أنظمتها الذكية.

وبحسب التقرير، لم تتوقف استثمارات ماسك عند مجرد شراء معدات تقنية متطورة، بل امتدت إلى استقطاب محترفين في مجال الذكاء الصناعي منذ فبراير الماضي، حيث نجح الملياردير الأميركي في ضم مجموعة من الكوادر المتخصصة، أبرزهم الباحثين آيجور بابوسكين ومانويل كرويس، من فريق شركة "DeepMind" الرائدة في مجال الذكاء الصناعي التابعة لمالكة غوغل "ألفابت".

TRT عربي
الأكثر تداولاً