تلقي الأزمة الدبلوماسية الأخيرة المتصاعدة بين الرباط ومدريد، بثقلها على ظهر المهاجرين المغاربة بأوروبا الذين كانوا ينوون قضاء عطلتهم بالمغرب. هذا بعد أن أعلنت المملكة عن تفاصيل عملية "مرحباً" لاستقبال المهاجرين العائدين من دول أوروبا الغربية، حيث يقطن العدد الأكبر من المهاجرين المغاربة بالخارج، واستثنت إسبانيا من ذلك.
وليست الجالية بإسبانيا وحدها من تلقت بامتعاض هذا القرار، بل أغلب الجاليات المهاجرة بأوروبا لما كانت تمثله موانئها من نقط عبور لهم، بأسعار أقل ووقت أوفر، من أن تتم الرحلة بحراً من موانئ فرنسا أو إيطاليا.
"مرحباً" تحت التوتر الدبلوماسي بين الرباط ومدريد
أعلنت الحكومة المغربية يوم الأحد عن قرارها بالسماح باستئناف الرحلات الجوية من المملكة وإليها ابتداء من يوم الثلاثاء 15 يونيو/حزيران الحالي، "لتسهيل عودة المغاربة المقيمين بالخارج إلى أرض الوطن". بعد أن تأكدت لها "المؤشرات الإيجابية للحالة الوبائية بالمملكة، وانخفاض عدد الإصابات بفيروس كورونا"، حسب ما ورد في بلاغها.
بالتوازي مع ذلك، أعلنت وزارة الخارجية المغربيَّة، بشكل رسمي، تنظيم عملية مرحباً 2021 المخصصة لتنقل الجالية المغربية خلال فصل الصيف. وقالت الوزارة بأن الرحلات البحرية ستبقى محصورة في كل من فرنسا وإيطاليا مع إقصاء إسبانيا، فيما يخص تنقل الجالية المغربية إلى أرض الوطن خلال عملية مرحبا 2021، والتي يقدَّر تعدادها بحوالي 5 ملايين ينتشر أغلبهم في دول القارة الأوروبية.
مما يعني أن المغاربة المقيمين هناك سيتوجب عليهم التنقل إلى المغرب عبر الرحلات الجوية، أو التنقل إلى إيطاليا وفرنسا من أجل التوجه إلى المغرب بحراً. الشيء الذي سبب امتعاضاً كبيراً ساد في أوساطهم، كما في أوساط باقي الجالية المغربية في أوروبا التي كانت تفضل العبور من إسبانيَا لما يوفر عليها ذلك من مال ووقت.
وبلغة الأرقام، فحوالي 3 ملايين مهاجر مغربي كان قد زار المغرب خلال عملية "مرحبا 2019″. إضافة إلى ما يقارب 800 ألف مركبة عبرت من موانئ إسبانيا، التي احتكرت نسبة 38٪ من عدد العابرين.
إضافة إلى 900 ألف سائح مغربي حلوا بإسبانيا سنة 2018، بزيادة قدرت بـ26% عن السنة التي سبقتها. فيما تفيد حسابات الموقع الفرانكوفوني المغربي، "Media 24"، على أن حجم مصروفات هؤلاء السياح بلغ عتبة 540 مليون دولار. هذا مقابل 426 مليون دولار صرفها السياح الإسبان الـ814 ألف السنة الماضية بالمغرب.
فيما تعتبر عملية العبور عبر مضيق جبل طارق، الأضخم في العالم؛ لأنها لا تقتصر فقط على الجالية المغربية بل تشمل أيضاً الجاليات الإفريقية التي كانت تستعمل الموانئ الإسبانية والمغربية قصد العبور إلى بلدانها.
هذا وتصدر خبر استثناء المغرب للموانئ الإسبانية من عملية “مرحباً 2021” واجهات الصحف والمواقع الإسبانية، التي اعتبرت أن هذا القرار سيكون له تأثير على العائدات الجمركية الإسبانية التي تنتعش عادة في فترة الصيف مع أكبر عملية عبور بين القارتين، مضيفة أن هذا الضرر يضاف إلى خسائر إلغاء العبور السنة الماضية عبر الموانئ الإسبانية.
الجالية المغربية تحت الصدمة
من جانبها، اعتبرت مواقع محليَّة مغربية أن "هذا الخبر ضربة صادمة للمهاجرين المغاربة الذين يعيشون في الخارج، ولا سيما في إسبانيا أو الذين يعبرونها كل صيف".
واعتبرَ مدونون على مواقع التواصل الاجتماعي ينتمون إلى تلك الجالية بأن "الأمر بمثابة عقاب لهم "، وأنها "ضربة قاسية استهدفتهم دون غيرهم". وما زاد واقعهم عسراً ارتفاع أسعار تذاكر الرحلات من الموانئ المسموح بالعبور منها، حيث تعدَّت حسب صور منشورة على فيسبوك الـ 400 دولار.
رداً على هذا، أطلقت بعض الصفحات المغربية وسم #خليه_يصدي (دعه يصدأ)، في إشارة إلى البواخر التي تنقل المهاجرين، واحتجاجاً على الأسعار، وداعين إلى عدم السفر إلى البلاد.