الرباط ـــ لأن الأحلام عند تحقيقها تصيبنا بفرح عظيم وتبعث في النفس قوة وأملاً جديدين. تسهر مبادرة "أحلام العصافير"، منذ 10 سنوات، على جعل أحلام الأطفال مرضى السرطان بالمغرب حقيقةً وواقعاً، يساعدهم على تجاوز محنة المرض ويعطيهم جرعات آمال جديدة تجعلهم أكثر صلابة في مقاومة اليأس ومواجهة السرطان.
تأسست "أحلام العصافير" سنة 2008 بالرباط، وهي جمعية إنسانية خيرية بلا أهداف ربحية، تسعى لخلق الابتسامة والفرح في نفوس الأطفال المصابين بالسرطان، عن طريق تحقيق أحلامهم ورغباتهم، ودعمهم بمختلف الوسائل لتخطّي المرض وحثهم على بذل المزيد من القوة للعلاج.
"لا حدود للحلم"
بين من يحلم بسياقة القطار والترامواي أو سيارة فخمة، ومن تتملّكه رغبة ركوب الطائرة أو الخيل، أو أن يلتقي ويأخذ الصور مع فنانه أو لاعبه المفضل، ومن يسعى لتقمص دور مهنة أحلامه، كشرطي أو طبيبة.. حملت "أحلام العصافير" على عاتقها تحدي تحقيق أحلام الأطفال واشتغلت من أجل جعلها حقيقة.
"أحلام الأطفال لا حدود لها، وتحقيقها تجربة فريدة بالنسبة لهم ولنا، وخصوصاً عندما يتعلق الأمر بأطفالٍ في وضع صحي ونفسي خاص"، يقول إبراهيم دربال، المشرف على المبادرة في تصريح لموقع TRT عربي.
يضيف المتحدث "ليس بوسعنا تحقيق أحلام جل الأطفال، فقررنا وضع شروط ومعايير معينة، لتحديد المستهدفين بالأسبقية، بحسب الحالات المرضية الخطيرة والتي تتطلب علاجاً مكثفاً". كاشفاً أن "الأحلام يجب أن تكون متماشية مع طلب حقيقي وشخصي للطفل مع احترام وضعية حالته الصحية وقيودها".
"روبن ويليامز" الملهم
مبادرة "أحلام العصافير"، مستلهمةٌ، حسب ما كشفه مؤسسها، إبراهيم دربال، من فيلم أمريكي بعنوان "Patch Adams"، بطولة الفنان الشهير "روبن ويليامز"، الذي أدى دور طبيب يعمل على إدخال السعادة على قلوب الأطفال المرضى عبر منحهم مجموعة من الهدايا والمفاجآت.
انطلقت المبادرة قبل عشر سنوات، كان عملها في الأول مقتصراً على القيام بزيارات للأطفال مرضى السرطان، وتنظيم أنشطة ترفيهية وفنية لصالحهم، في إطار عملية أطلق عليها اسم DR Clown، وسعت لخلق أجواء من المرح والمتعة داخل المستشفيات لإدخال السعادة على قلوب الأطفال.
تطور عمل الجمعية خلال السنوات الموالية، وبدأت تعمل على تنظيم رحلات إلى مدن مغربية مختلفة، وسهرات فنية والقيام بزيارات إلى المعارض والمتاحف. ثم انكب عملها على تحقيق أحلام الأطفال البسيطة، كالحصول على دراجة هوائية أو دمى وهدايا أخرى.
خلال السنوات الخمس الماضية، رفعت "أحلام العصافير" التحدي وقررت الانكباب على تحقيق الأحلام الكبرى للأطفال والسعي وراء جعلها واقعاً، ينسيهم وأسرهم آلامهم ويحولها إلى متعة وترفيه ولو للحظات.
"علاج نفسي فعال"
تجاوز عدد الأحلام المنجزة إلى اليوم، الثلاثين، خلال السنوات الأربع الماضية، تنوعت وتميزت بتفرد مخيلة وطموحات صاحبها. آخر حلم حققته الجمعية، كان قبل يومين، وهو الخاص بـ"العصفور ريان"، والمتمثل في ركوب الطائرة، بعد تنسيق بين "أحلام العصافير" والجمعية المغربية للطيران والفضاء.
فرحة ريان كانت بالغة، على الرغم من قلق التجربة الأولى ودهشتها، إذ أعرب في تصريح مقتضب لـTRT عربي عن سعادته بركوب الطائرة، ورؤية العالم من أعلى، متمنياً أن يصير يوماً ربان طائرة.
بدورها تقول والدته نجاة، إن كل العائلة سعيدة بعد أن حقق ريان حلمه، كانت فرحته لا توصف، بعد ركوبه الطائرة لأول مرة". مضيفة أنه بعد استيقاظه في اليوم الموالي، ظل يتحدث عن الأمر ويخبر أصدقاءه وأقرانه بالحي. تضيف والدة ريان "كان إحساسنا جميلاً، وينسينا عناء التنقل إلى المستشفى وضغوطاته، كما ساهم في التحسين من نفسية الطفل ونفسيتنا جميعاً".
للجانب النفسي أهمية كبيرة جداً في المساعدة على العلاج، عبر الرفع من معنويات الأطفال. هذا ما تؤكده نورة الحجوي، أم طفل مصاب بالسرطان حقق حلمه في أن يصير "شرطياً"، كاشفة أن "هذه التجربة غيرت الكثير في حياة ابني سعد، أعطته جرعات جديدة من الأمل، بعد أن يئس من الحياة بعد العملية الجراحية التي خضع لها".
وثمّنت أم الطفل سعد، مبادرة تحقيق أحلام الأطفال، متحدثة بسرور "لولاها لما حقق ابني حلمه وعادت إليه الرغبة في الاستمتاع بالحياة وفي مواصلة العلاج".
"المساعدة ممدودة"
وراء أحلام العصافير، يقف 15 ملاكاً حارساً، يحرصون على العمل لتحقيق أحلام الأطفال عبر هذه الجمعية الخيرية. يجمعهم حب الأطفال والعطاء بلا كلل ولا ملل وبدون مقابل مادي، متوزعين على ثلاث لجان بأدوار متنوعة في التنسيق والتواصل.
تعمل الجمعية بتنسيق مع مستشفيات الأطفال مرضى السرطان، وتُختار أحلام الأطفال الذين في وضعية متقدمة من المرض، أو الذين يكونون في حالات مستعجلة وطارئة، مثلاً: الأطفال المقبلين على عمليات جراحية خطيرة، أو الذين خرجوا منها وبدؤوا مرحلة الشفاء.
وبعد مرحلة التنسيق الأوّلي مع المستشفى يتُواصل مع الهيئات أو الشركاء التي تمكنها المساعدة على تحقيق الحلم، يكشف إبراهيم دربال، في حديثه إلى موقع TRT عربي، بأن مبادرات "أحلام العصافير" تُقابَل دائماً بالموافقة وبردود إيجابية، ولم يسبق لأي طرف أن رفض التعاون معنا".