(AFP)
تابعنا

وحسب بيان للمركز الإعلامي للمنطقة العسكرية الخامسة في الجيش، فقد أُتلفت 5 ألغام في عرض البحر، بعد يومٍ واحدٍ من نشْر الحوثيين قرابة 15 لغماً بحرياً في المياه الإقليمية اليمنية.

وقبل أيام قُتل خبير آخر في نزع الألغام أثناء قيامه مع فريق هندسي بتفكيك شبكة ألغام زرعها الحوثيون في المناطق الساحلية المطلة على البحر الأحمر.

على هذه الشاكلة تحضر أخبار الألغام في اليمن ضمن أخبار الحرب التي تدور رحاها منذ 7 سنوات، إذ تسجل الألغام بمختلف أنواعها حضورها بشكل يثير المخاوف والقلق وسط السكان، وحسب مشروع نزع الألغام التابع للأمم المتحدة فيوجد متفجرات في مناطق واسعة من الأراضي في جميع أنحاء اليمن، بما في ذلك المناطق المأهولة بالسكان.

المشروع الذي بدأ عمله في ديسمبر/كانون الأول 2016، ويستمر حتى ديسمبر/كانون الأول المقبل، أعلن مؤخراً أنه أكمل مسح وتطهير أكثر من 23 مليون متر مربع من الأراضي، بإزالة ما يقرب من 635,000 قطعة من الذخائر المتفجرة.

وعلى الرغم مما تعلنه البرامج والمشاريع الأممية من جهود، في هذا الموضوع لا تزال معاناة اليمنيين مستمرة جراء الألغام التي زرعها الحوثيون في مناطق مختلفة، وبكميات كبيرة جداً، وبطرق عشوائية بدون وجود خرائط تُسهّل عمل فِرَق نزع الألغام، الأمر الذي يشكل تهديداً مباشراً للسكان وسط تزايد أعداد الضحايا المدنيين وغالبيتهم من النساء والأطفال.

ومع أن كل أطراف الحرب اليمنية متهمة بزراعة الألغام حسب بيانات وتقارير مختلفة، غير أن التقارير المتخصصة وفي طليعتها تقارير فريق خبراء الأمم المتحدة بشأن اليمن تشير إلى انفراد الحوثيين بزراعة الألغام، ما تؤكده الوقائع والأحداث شبه اليومية، إذ يُلاحَظ أن المناطق التي ينسحب منها الحوثيون في الغالب مزروعة بالألغام المختلفة من الألغام الفردية والألغام المضادة للمركبات والآليات.

مكافأة أممية لزارعي الألغام

قال المرصد الوطني للألغام (منظمة يمنية غير حكومية)، أواخر الشهر الماضي، إن "الكثير من المخصصات المالية لنزع الألغام تذهب لدعم جهة متورطة بشكل مباشر في زراعة الألغام وتتسبب بسقوط المدنيين يومياً"، في إشارة إلى جماعة الحوثيين التي تعد أبرز الجهات المتهمة بزراعة الألغام في اليمن.

وجاء بيان المرصد اليمني الذي يُعنى بتوثيق ضحايا الألغام والذخائر غير المنفجرة، بعد يوم من حصول الحوثيين على مبلغ 1.5 مليون دولار كمساعدة من الأمم المتحدة للإسراع في نزع الألغام، ما أثار استياء النشطاء اليمنيين، وأطلقوا على الفور حملة إعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي، للتنديد بدعم الأمم المتحدة للمتورطين في زراعة الألغام، تحت هاشتاغ: مكافأة أممية لألغام الحوثي.

وقال المرصد حينها إن: "معظم الفرق الهندسية لنزع الألغام تعمل دون رواتب، وتفتقر إلى التجهيزات والمعدات، وبدون أدوات السلامة في مناطق واسعة ملوثة بالألغام التي زرعها الحوثيون، وكذلك الذخائر غير المنفجرة والعبوات الناسفة".

ودعا المرصد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي يشرف على دعم الجهود الطارئة المتعلقة بالألغام في اليمن، إلى "العمل مع الجهات المختصة والفرق الهندسية التي تقوم بتطهير المناطق من الألغام، وليس مع الجهة المتورطة في زراعتها".

مشروع مسام، مشروع سعودي حكومي لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، أعلن الأسبوع الماضي أنه تمكن من نزع 303279 لغماً وذخيرة حية غير منفجرة، منذ تأسيسه في يونيو/حزيران 2018 حتى بداية الشهر الجاري. منها أكثر من 100 ألف لغم مضاد للدبابات، و4 آلاف لغم مضاد للأفراد، وأكثر من 6 آلاف عبوة ناسفة.

وقدّر المشروع في تقارير سابقة له، عدد ضحايا الألغام في اليمن بنحو 10 آلاف شخص أغلبهم من النساء والأطفال، مشيراً إلى صعوبة الوصول إلى رقم حقيقي، لأن الحوثيين لا يزالون مستمرين في زراعة الألغام.

معاناة قديمة متجددة

معاناة اليمنيين جراء الألغام ليست مقتصرة على ألغام الحرب الراهنة، ولكنها بدأت قبل سنوات طويلة، عندما استخدمت أطراف الصراعات السابقة الألغام في مساحات واسعة من البلاد، خاصة في ستينيات القرن الماضي إبان الحرب بين الثوار وفلول الحكم الإمامي الذي قامت ضده ثورة الـ26 من سبتمبر/أيلول 1962، وبين عامي 1979 و1982 عندما نشب الصراع بين شمال اليمن وجنوبه، وكانت المناطق الحدودية بينهما المسرح الأبرز للمواجهات وزراعة الألغام، وتُعرف بالمناطق الوسطى.

وكان البرنامج الوطني لمكافحة الألغام (حكومي) قد أجرى مسحاً شاملاً في العام 1999، كشف عن وجود 598 منطقة فيها ألغام، وبدأ العمل على تطهيرها ضمن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الألغام بين عامي 2000 و 2004.

وقبل نحو عقدين من الزمان بدأت اليمن تتلقى الدعم المادي والتقني بهدف تطهير الأرض من الألغام، وبالفعل حققت تلك الجهود تقدماً ملحوظاً، في ظل الدعم الدولي الذي نجح في الضغط على مختلف الدول في التوصل للتوقيع على اتفاقيات ومعاهدات عدة تتعلق بنزع الألغام، ومنها اتفاقية حظر الألغام في العام 1997.

ويقوم مرصد الألغام الأرضية بتقديم تقارير عن الوضع العالمي للألغام، كما يقوم بتفحص تنفيذ والالتزام باتفاقية حظر الألغام، وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2007 نشر المرصد النسخة التاسعة من التقرير، وقال فيه إنه "يوجد 14 دولة لن تكون قادرة على الوفاء بتعهداتها في إزالة الألغام خلال الفترة المحددة نهاية العام 2009، وذكر منها اليمن، وبالفعل بقيت الألغام في مناطق مختلفة تهدد السكان، مع أن جهود مكافحتها استمرت بدعم خارجي خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين".

وفي مارس/آذار 2019، أقيم الاحتفال بـ20 عاماً على دخول اتّفاقيّة حظر الألغام حيّز التنفيذ، وقال ميشيل باشيليت المتحدث باسم مفوضية حقوق الإنسان، إن "المفوضيّة تقدم تقارير عن استخدام الذخائر المتفجّرة في أفغانستان والعراق والصومال وسوريا واليمن، وتدعم آليات التحقيق المستقلة التي وثّقت استخدام هذه الأسلحة الفتّاكة وتأثيرها المروّع".

وفيما كان اليمن على وشك إعلانه منطقة خالية من الألغام في العام 2012، بدأت موجة جديدة من الصراع بعد قيام الثورة الشعبية ضد نظام الرئيس السابق علي صالح، بداية العام 2011، وهي النسخة اليمنية من الربيع العربي، وفي الفترة التي تلت انتقال السلطة من الرئيس صالح إلى نائبه الرئيس الحالي عبدربه منصور هادي، ظهرت جماعة الحوثي المسلحة في شمال البلاد، وأخذت توسع مناطق نفوذها حتى سيطرت على العاصمة صنعاء في العام 2014، لتبدأ بعدها الحرب الشاملة التي دخلت عامها السابع.

جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي كُتّابها ولا تعبّر بالضرورة عن TRT عربي.

TRT عربي
الأكثر تداولاً