أطنان من النفايات تنتشر في شوارع قطاع غزة / صورة: AA (AA)
تابعنا

وتنعدم الخدمات الأساسية في هذه المنطقة التي تشهد انهياراً للبنية التحتية، وتضم ما يقرب من 1.9 مليون إنسان. وفي مدينة دير البلح وحدها ما يقرب من 700 ألف نازح موزعين في 150 مركز إيواء في جميع أنحاء المدينة، وفق رئيس بلديتها دياب الجرو.

ويقول دياب الجرو إنّ "‏الأوضاع الإنسانية وسط قطاع غزة فاقت الكارثة، وتسببت بمضاعفة معاناة الفلسطينيين بشكل كبير جداً نتيجة عجز القطاعات الخدمية عن تقديم الخدمات للسكان والنازحين بشكل مناسب".

ويضيف أن "توقف العديد من خدمات البلدية أدى إلى انتشار الأمراض والأوبئة في صفوف النازحين، ما ينذر بتفاقم الحالة العامة بشكل مخيف".

التكدس، وارتفاع درجات الحرارة، وغياب الخدمات الأساسية لإزالة النفايات والقمامة كلها أسباب أدت إلى انتشار أنواع جديدة من الأمراض الجلدية التي تنقلها الحشرات المنتشرة في ظل انعدام سبل المكافحة والحد منها.

النفايات باعتبارها مصدر تهديد

غرب مدينة خان يونس بنت جامعة الأقصى الحكومة حرمها الجامعي الرئيسي، الذي ضم آلاف الطلبة قبل أن تحوله آلة الحرب الإسرائيلية إلى ركام، ولاحقاً حولته جموع النازحين في منطقة المواصي إلى مكب للنفايات.

لا يبعد المكب (الجامعة سابقاً) عن خيم النازحين كثيراً، يشرح الطفل معاذ الشعراوي لـTRT عربي كيف تحول هذا المكان إلى "أكبر مكب نفايات في خان يونس بعد أن كان جامعة لتدريس الطلاب". ويستشعر الطفل بسجيته البسيطة الضرر الذي يمكن لهذه النفايات أن تسببه على الصحة العامة وحياة السكان لما يصدر عنه من "الرائحة الكريهة والذباب والحشرات".

وسبق أن قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) على منصة إكس إن "أكثر من 330 ألف طن من النفايات متراكمة في مناطق مأهولة بالسكان بجميع أنحاء قطاع غزة، ما يشكل مخاطر بيئية وصحية كارثية".

وأضافت أنها تحولت إلى مرتع إلى "الأطفال الذين يبحثون في القمامة يومياً"، مشددة على أن "وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق ووقف إطلاق النار أمر بالغ الأهمية لاستعادة الظروف المعيشية الإنسانية" في القطاع.

وبالإضافة إلى الحصار ومنع دخول المواد الأساسية، يستهدف جيش الاحتلال بشكل مستمر منشآت وآليات البلديات التي تقدم الخدمات الأساسية للمواطنين.

وقالت بلدية غزة في بيان لها يوم الأحد الماضي إن "العدوان وحرب الإبادة الجماعية وتدمير الاحتلال لنحو 125 آلية تابعة للبلدية لا سيّما الآليات الخاصة بجمع النفايات وعدم تخصيص وتوفير وقود لهذه الخدمة تسبب بشلل شبه كامل وانعكس بصورة خطيرة على الأوضاع الصحية والبيئية في المدينة".

وحذرت البلدية من أن ارتفاع درجات الحرارة الذي تشهده غزة "يتسبب في اشتعال للنفايات مما يتسبب بانبعاث أدخنة ضارة بالصحة والبيئة والجهاز التنفسي".

وفي السياق نفسه قالت المتحدثة باسم الأونروا لويز ووتريدج في حديث لها مع موقع الأمم المتحدة، إن جيش الاحتلال الإسرائيلي منع موظفي الوكالة من الوصول إلى مكبات النفايات، وأن عديداً من مراكز الصرف الصحي التابعة للوكالة والآليات والشاحنات الخاصة بالتخلص من النفايات دُمرت.

حشرات الصيف عدو جديد

تعد منطقة المواصي التي ينتشر فيها مئات الآلاف من النازحين من أهم المناطق الزراعية في قطاع غزة، كما أن الطبيعة الزراعية للمنطقة تجعل منها موقعاً هاماً لانتشار الحشرات والقوارض. وفي ظل الاكتظاظ وارتفاع درجات الحرارة وغياب أي جهد لمكافحة هذه الآفات، تحولت حياة النازحين إلى جحيم حقيقي.

ورجعت بلدية غزة الأزمة إلى "عدم توفر المبيدات الحشرية اللازمة وارتفاع درجات الحرارة اللذين تسببا في زيادة انتشار الحشرات بشكل كبير وأدى ذلك إلى تزايد الأمراض الجلدية لدى الأطفال والكبار واضطرابات في النوم نتيجة قرص البعوض".

فداء الأسود نازحة إلى المواصي، وتسكن في خيمة رفقة عائلتها تصف الوضع هناك قائلة: "رأينا أشياء بعمرنا لم نرها، وأنواع حشرات بعمرنا لم نرها في غزة، حتى إننا نعاني من الزواحف، الأمر الذي يخيفنا أكثر من الذباب والبعوض".

وتضيف فداء في حديث مع TRT عربي، حول مخاوفها من القوارض والزواحف: "من الممكن أن ترى شيئاً يزحف ويقرص يسبب تسمماً بالجسم حتى إنه حدثت حالة تسمم لبعض النازحين، تسمموا بسبب لدغة عقرب أو حية أو شيء لا نعرفه، لكنها تزحف بالأرض وتقرص".

ويذكر النازح في منطقة المواصي عبد الرحيم سليم، إحدى المواقف التي مرت بها الأسرة عندما "دخلت سحلية علينا في الفراش وقلبنا كل الفراش لنقتلها والصراصير تتحرك على الملابس مهما نظفنا ومهما قتّلنا لا حل لها الصراصير الصغيرة والصراصير الكبيرة والنمل منتشر في البيت".

ويضيف سليم في حديثه مع TRT عربي أن المشكلة لا تنحصر فيه أو في خيمته إنما شملت كل خيم المخيم، فهي ليست مشكلة نظافة شخصية بقدر ما هي مشكلة عامة.

أنواع جديدة من الأمراض

أدت حالة الانهيار البيئي والصحي التي يعاني منها قطاع غزة إلى انتشار واسع للأمراض الجلدية والمعوية والتنفسية، ترافقت كلها مع تدهور الخدمات الصحية وتراجع مستويات التغذية وبالتالي مناعة السكان.

وسبق أن صرحت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، أن الجهاز الطبي في القطاع يعمل جاهداً من أجل علاج ما يقرب من عشرة آلاف حالة التهاب كبد وبائي وأكثر من 800 ألف إصابة بأمراض جهاز تنفسي. مشيرة إلى تفشي التهابات الجلد والقمل.

فيما قالت منظمة الصحة العالمية أن معدلات الإصابة بالإسهال تضاعفت 25 مرة، في ظل تحذيرات من تفشي أمراض أخطر كالكوليرا.

وحول هذا الوضع يقول الطبيب علاء الدين أكرم، في حديثه مع TRT عربي "يأتي يومياً إلينا من عشر إلى عشرين حالة تكون سببها الالتهابات الجلدية التي يحدثها قرص الحشرات، من القمل أو الذباب، من البعوض ومن السحالي، وما شابه من هذه الحشرات".

وما يفاقم من الأزمة هو تراجع مستويات التغذية لدى السكان ما يزيد ضعف مناعتهم وعدم قدرة أجسادهم على مواجهة هذه الأمراض، فما هو عادي وبسيط يتحول إلى خطير وقاتل. كما أن انهيار النظام الصحي في القطاع يضاعف آثارها في السكان الذين يرحل جزء منهم دون أن يصل إلى المستشفيات المنهكة والمكتظة بجرحى العمليات الإسرائيلية.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً