ألقت الكاتبة الصحفية الإسرائيلية آنا أهرونهايم، الضوء على ما اعتبرته مقاربة مغايرة وهدفاً مشتركاً لإسرائيل وروسيا، بات متمثّلاً في إخراج إيران وحزب الله من سوريا.
وتزامناً مع ما بدر من عدّة دول عربية خلال الآونة الأخيرة من إعادة قبول نظام الرئيس السوري بشار الأسد وتبادل للزيارات وإعادة للتمثيل الدبلوماسي معه، تسعى إسرائيل وروسيا إلى إخراج إيران ووكيلها "حزب الله" من البلاد التي تكبّدت عقداً كاملاً من الحرب الأليمة.
وترى الكاتبة أن إسرائيل تعمل الآن على مهمّة صعبة، متمثّلة في تبديد طموحات طهران التي تسعى إلى الهيمنة الإقليمية وإنشاء قاعدة أمامية ضد الدولة اليهودية لما يقرب من عقد من الزمان من خلال شنّ مئات الضربات الجويّة في سوريا.
وفي الآونة الأخيرة، اتُهِمت تل أبيب باستخدام صاروخ أرض-أرض لضرب أهداف إيرانية خارج دمشق في هجوم نهاري نادر. وجاءت تلك الضربة في الوقت الذي اتُّهِمت فيه روسيا بضرب نحو 20 هدفاً للمعارضة في محافظة إدلب.
ولا تعلّق إسرائيل على معظم الضربات المزعومة، لكنّها اتُّهِمت أيضاً بتنفيذ العديد من الضربات داخل الأراضي السورية، بما في ذلك حول العاصمة دمشق، وشمال البلاد بالقرب من الحدود السورية-التركية ومنطقة البوكمال بالقرب من الحدود السورية-العراقية.
وتدخّلت روسيا في الصراع السوري في سبتمبر/أيلول 2015 إلى جانب الأسد، ويُنظر إلى موسكو على أنّها القوة الرئيسية التي يجب التحدّث معها عندما تريد إسرائيل تنفيذ ضربات في البلاد، حسب أهرونهايم.
وسمحت روسيا لإسرائيل بالحفاظ على حريتها في العمل فوق سوريا، طالما أنّها لا تعرّض القوات الروسية للخطر. فيما صرّح مؤخّراً ضابط كبير في سلاح الجو الإسرائيلي أنّ قواته "تتمتع بحرية التصرّف بشأن سوريا".
لقاء دافئ واتفاق على إخراج إيران
التقى رئيس الوزراء نفتالي بينيت خلال شهر أكتوبر/تشرين الأول المنصرم بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مدينة سوتشي الروسية، وكان هذا أول اجتماع بينهما منذ أن تولّى بينيت منصبه.
ووفقاً لوزير البناء والإسكان الإسرائيلي زئيف إلكين، الذي عمل مترجماً خلال لقاء الزعيمين الروسي والإسرائيلي، فإنّ اجتماعهما مضى دافئاً بشكل استثنائي، وأنّهما اتّفقا على استمرار سياسة إسرائيل تجاه سوريا، بما في ذلك الضربات الجوية.
وقال الضابط الكبير في سلاح الجو الإسرائيلي إنّه لم يجرِ إطلاعه على آخر المستجدات بشأن الاجتماع بين بينيت وبوتين، لكن "من المحتمل أن يكون هذا هو الموضع الذي توافق فيه القادة على العمل لإخراج إيران من سوريا".
وتدرك إسرائيل أنّه بينما تظلّ الولايات المتحدة أقوى حليف لها، فإنّ روسيا هي المؤثّر الرئيسي في الشرق الأوسط، وسوف يستمع الأسد إلى موسكو عندما يريد كسب أي شيء من العالم الخارجي، حسب المقال المنشور بصحيفة "جيروزاليم بوست".
ويُبذَل حالياً جهد دولي أكبر للتوصّل إلى تسوية في سوريا من شأنها أن تسمح للدولة التي مزّقتها الحرب بالبدء في إعادة البناء والتعمير. وتدرك موسكو أنّ هذا يعني طرد جميع القوات الأجنبية، وبخاصة إيران ووكلاءها حزب الله والمليشيات الشيعية الأخرى.
وللمرة الأولى منذ اندلاع الحرب الأهلية قبل أكثر من عقد من الزمن، وافقت دول عربية، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة والبحرين وسلطنة عمان، على إعادة فتح سفاراتها لدى النظام السوري، فيما أعاد الأردن فتح معبره الحدودي مع سوريا.
واعتبرت الكاتبة الإسرائيلية أنّ "إخراج إيران من المنطقة هو محور تركيز للجيش الإسرائيلي"، وأنّها مسألة حياة أو موت بالنسبة لتل أبيب، أمّا بالنسبة لروسيا فهي "مسألة هيبة ونفوذ وحيد على الأسد".
وأنهت أهرونهايم مقالها متسائلةً: "هل يستمع الأسد إلى بوتين ويختار النفوذ الروسي على طهران؟ أم أنّه سيقرّر البقاء في معسكر إيران والسماح للجمهورية الإسلامية بترسيخ قواتها وأسلحتها بشكل أكبر من أجل حرب مستقبلية مع إسرائيل؟".