تصريحات ترمب تتنافى مع ما يحاول نتنياهو أن يسوّقه لجمهوره من اليمين المتطرف داخل إسرائيل، الغاضب من موافقة حكومته على اتفاق لوقف إطلاق النار، إذ ينظرون إلى الاتفاق على أنه "إعلان هزيمة" في ظل الإخفاق في تحقيق الأهداف المعلنة للحرب.
ففي مواجهة هذا الغضب، يسعى نتنياهو لإظهار أن وقف إطلاق النار هو "خطوة مؤقتة"، إذ ادّعى في خطاب متلفز مساء السبت، أن لديه ضوءاً أخضر أمريكياً من الرئيس الحالي جو بايدن، وترمب نفسه، لاستئناف القتال في غزة إذا فشلت المرحلة الأولى من الاتفاق ولم تظهر أي بوادر نجاح للانتقال إلى المرحلة الثانية.
لكن ترمب، وفق ما أعلنه، لا يريد للحرب على غزة أن تُستأنف، لأن ذلك يتعارض مع مشروعه الأهمّ في منطقة الشرق الأوسط، المتمثل في استئناف زخم التطبيع بين دول عربية وإسرائيل، فضلاً عن رغبته في تركيز اهتمامه على ملفات أخرى بعيداً عن المنطقة.
وهذا ما شدّد عليه ترمب في تصريح لشبكة "إن بي سي نيوز" الإخبارية الأمريكية السبت، إذ أكّد أنه طلب من نتنياهو إنهاء الحرب على غزة.
وفي هذا الصدد أفاد ترمب بأنه قال لنتنياهو: "استمر في ما عليك فعله. يجب أن ينتهي هذا الأمر (الحرب)".
وردّاً على سؤال بشأن كيفية ضمان إدارته التزام إسرائيل والفصائل الفلسطينية بغزة وقف إطلاق النار، قال إن ذلك "سيحدث من خلال الإدارة الجيدة". وأضاف أن "الاحترام" المفترض لبلاده سيضمن ذلك أيضاً.
وأوضح ترمب أن "على الولايات المتحدة أن تُحترم مجدداً (...)، إذا احترمونا فسيستمر وقف إطلاق النار، وإذا لم يحترمونا فسينفجر الجحيم".
وفي الساعة 8:30 من صباح الأحد (6:30ت.غ)، من المقرر أن يبدأ سريان المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار بغزة وتبادل الأسرى.
ويتكون الاتفاق من 3 مراحل مدة كل منها 42 يوماً.
تشمل المرحلة الأولى وقفاً مؤقتاً للعمليات العسكرية المتبادلة، وانسحاب القوات الإسرائيلية من المناطق المأهولة في غزة بما فيها محور نتساريم، إلى مناطق بمحاذاة الحدود.
كما تتضمن إعادة فتح معبر رفح للمساعدات من اليوم الأول ودخول 600 شاحنة يومياً من المساعدات الإنسانية لغزة، ولعبور المرضى في اليوم السابع.
إلى جانب الإفراج تدريجياً عن 33 إسرائيلياً محتجَزاً بغزة، سواء الأحياء وجثامين الأموات، مقابل أسرى فلسطينيين تتضارب التصريحات بشأن أعدادهم التي تتراوح بين 1737 و1977.
يُعزى ذلك التضارب، على ما يبدو، إلى غموض وضع الأسرى الإسرائيليين المحتجَزين بغزة، من حيث عدد الأحياء والأموات، ما يؤثّر مباشرة في تحديد عدد الأسرى الفلسطينيين الذين سيُفرج عنهم.
وتتعلق المرحلة الثانية من الاتفاق بعودة الهدوء المستدام التامّ، وتبادل أعداد أخرى من الأسرى والمحتجزين، وانسحاب القوات الإسرائيلية بالكامل إلى خارج غزة.
أما المرحلة الثالثة فتركز على بدء خطة إعادة إعمار غزة على مدى 3-5 سنوات، وتبادل الطرفين جثامين ورفات الموتى، وفتح جميع المعابر والسماح بحرية حركة الأشخاص والبضائع.
ويستمر تنفيذ جميع إجراءات المرحلة الأولى في المرحلة الثانية من الاتفاق، ما استمرت المفاوضات حول الشروط، مع بذل ضامني الاتفاق (مصر وقطر والولايات المتحدة) قصارى جهدهم لضمان استمرار المفاوضات غير المباشرة حتى يتوصل الطرفان إلى اتفاق بشأن شروط تنفيذ المرحلة الثانية.
وبدعم أمريكي، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 إبادة جماعية بغزة، خلفت أكثر من 157 ألف شهيد وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية في 21 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، مذكّرتَي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت، لارتكابهما جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.