جاء ذلك في أول خطاب للشعب السوري بعد توليه منصب الرئاسة لمرحلة انتقالية الأربعاء، أكد خلاله عزمه فرض سيادة سوريا تحت سلطة واحدة وعلى أرض واحدة.
واستهل الشرع خطابه المتلفز قائلا: "أقف أمامكم اليوم بعد 54 يوماً من تحررنا جميعاً. تحرر سوريا من قيود نظام مجرم جثم على صدورنا لعقود"، معتبراً أن "سوريا تحررت بفضل الله أولاً، ثم بفضل كل إنسان ناضل في الداخل والخارج، وكل إنسان ضحى بروحه ودمه ومنزله وماله وأمنه وأمانه".
وأردف الشرع: "بسبب تضحيات كل هؤلاء وتضحياتكم جميعا، أقف هنا اليوم لنفتح معاً فصلاً جديداً في تاريخ بلدنا الحبيب".
ولفت إلى أنه تسلم الأربعاء "مسؤولية البلاد بعد مشاورات مكثفة مع الخبراء القانونيين لضمان سير العملية السياسية، ضمن الأعراف القانونية، وبما يمنحها الشرعية اللازمة".
وزاد: "أحدثكم اليوم لا كحاكم بل كخادم لوطننا الجريح، ساعياً بكل ما أوتيت من قوة وإرادة لتحقيق وحدة سوريا ونهضتها، مستصحبين جميعاً أن هذه مرحلة انتقالية، وهي جزء من عملية سياسية تتطلب مشاركة حقيقية لكلّ السوريين والسوريات، في الداخل والخارج، لبناء مستقبلهم بحرية وكرامة، دون إقصاء أو تهميش".
خريطة الطريق
وفي خطابه الذي استمرّ خمس دقائق، سرد الشرع خريطة طريق المرحلة المقبلة لسوريا، وقال إن إدارته "ستعمل على تشكيل حكومة انتقالية شاملة (عوضاً عن الحكومة المؤقتة الحالية)، تعبر عن تنوع سوريا برجالها ونسائها وشبابها، وتتولى العمل على بناء مؤسسات سوريا الجديدة حتى نصل إلى مرحلة انتخابات حرة نزيهة".
وأشار الشرع إلى أنه سيُعلن لجنة تحضيرية لاختيار مجلس تشريعي مصغر "يملأ هذا الفراغ في المرحلة الانتقالية، استناداً لتفويضي بمهامي الحالية وقرار حل مجلس الشعب (البرلمان السابق)".
وأضاف أن الأيام القادمة ستشهد إعلان اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني، "والذي سيكون منصة مباشرة للمداولات والمشاورات واستماع مختلف وجهات النظر حول برنامجنا السياسي القادم".
ومضى الشرع قائلا: "بعد إتمام هذه الخطوات، سنعلن عن الإعلان الدستوري ليكون المرجع القانوني للمرحلة الانتقالية".
أولويات الفترة المقبلة
وبشأن أولويات الفترة المقبلة، قال الشرع: "سنركز على تحقيق السلم الأهلي، وملاحقة المجرمين الذين ولغوا في الدم السوري، وارتكبوا بحقنا المجازر والجرائم، سواء ممن اختبؤوا داخل البلاد، أو فروا خارجها، عبر عدالة انتقالية حقيقية".
وأضاف أن إدارته ستركز كذلك على "إتمام وحدة أراضي سوريا، وفرض سيادتها تحت سلطة واحدة، وعلى أرض واحدة"، و"بناء مؤسسات قوية للدولة تقوم على الكفاءة والعدل، حيث لا فساد فيها ولا محسوبية ولا رشاوى".
كما أكد أن إدارته ستعمل على "إرساء دعائم اقتصاد قوي يعيد لسوريا مكانتها الإقليمية والدولية، ويوفر فرص عمل حقيقية كريمة لتحسين الظروف المعيشية واستعادة الخدمات الأساسية المفقودة".
ووجه الشرع دعوة إلى جميع السوريين "للمشاركة في بناء وطن جديد يُحكم فيه بالعدل والشورى".
واختتم كلمته مخاطبا الشعب السوري بالقول: "معا، سنصنع سوريا المستقبل، سوريا منارة العلم والتقدم، وملاذ الأمن والاستقرار، سوريا الرخاء والتقدم والازدهار، سوريا التي تمد يدها بالسلام والاحترام، ليعود أهلها إلى وطن عزيز كريم، مزدهر آمن مطمئن بإذن الله".
وفي 8 ديسمبر/كانون الأول 2024 بسطت فصائل سورية سيطرتها على دمشق بعد مدن أخرى، منهية 61 عاماً من نظام حزب البعث الدموي، و53 سنة من حكم عائلة الأسد. وفي اليوم التالي، كلِّف محمد البشير بتشكيل حكومة لإدارة المرحلة الانتقالية.
وفي 29 يناير/كانون الثاني الجاري، تقرر عقب اجتماع موسع للفصائل العسكرية والثورية بقصر الشعب الرئاسي في دمشق أن يتولى الشرع رئاسة سوريا في المرحلة الانتقالية، وإلغاء العمل بدستور سنة 2012، فضلاً عن حل حزب البعث العربي الاشتراكي ومجلس الشعب والجيش والأجهزة الأمنية التابعة لنظام الأسد.