كشف فلسطينيون كانوا في مجمّع الشفاء الطبي ومحيطه عن "فظائع" ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحامها المستشفى على مدار 14 يوماً قبل انسحابها منه فجر الاثنين، مخلفةً كارثة إنسانية ودماراً هائلاً.
وانسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي بشكل كامل، فجر الاثنين، من داخل مجمّع الشفاء الطبي والمناطق المحيطة به غربي مدينة غزة.
وأفاد شهود عيان، بأن قوات الجيش الإسرائيلي انسحبت بشكل كامل من داخل مستشفى الشفاء والأحياء السكنية المحيطة بها باتجاه مناطق جنوب حي تل الهوى، جنوبي غرب مدينة غزة.
وقال الممرض لؤي أبو عاصي، الذي ظل بالمستشفى طوال فترة اقتحامه، إنه كان يعمل في مبنى الجراحات التخصصية عندما اقتحمت القوات الإسرائيلية مجمع الشفاء الطبي بشكل مفاجئ عند الساعة 2:00 (12:00 ت.غ) بعد منتصف الليل في تاريخ 18 مارس/ آذار الماضي.
وأضاف أبو عاصي: "قبل اقتحام المستشفى استُهدفت غرفة في مبنى الجراحات التخصصية بشكل مباشر واستُشهد بعض النازحين وأصيب عدد من الطواقم الطبية.. بعد ذلك جرى اقتحام بوابة المستشفى وحصار جميع مبانيها من القوات الإسرائيلية بشكل كامل".
وتابع: "عندما حاصرت قوات الجيش مباني المستشفى أبلغنا الجنود بأن المكان محاصر وحذرونا من التحرك أو الوقوف أمام النوافذ".
الاحتلال أمطر المستشفى بالرصاص
وأردف: "مكثنا 24 ساعة لم يتحرك أحد من المبنى وكان الرصاص ينهمر على المبنى من جميع الأماكن وقطعوا الاتصالات عنا بشكل كامل والكهرباء ولم يكن هناك مياه أو طعام".
وأشار إلى أنه "في اليوم التالي طلبوا من النازحين الموجودين في المبنى الخروج منه فخرج الرجال أولاً ثم النساء وكانت قوات الجيش تعتقل العشرات من هؤلاء النازحين وتفرج عن البقية وتطلب منهم مغادرة المستشفى إلى جنوبي قطاع غزة".
وأوضح أنه "بعد ذلك بدأ الجيش بالتعامل مع الطواقم الطبية، فطلبوا منا الخروج من المبنى واعتقلوا عدداً من الأطباء وأجبروهم على نزع ملابسهم وعذّبوهم بساحة المستشفى".
من جانبه، تحدث الفلسطيني حسن محمود المنسي، وهو مصاب كان يتلقى العلاج في المستشفى قبل اقتحامه من القوات الإسرائيلية، عن حجم الرعب والتعذيب الذي عاشوه على مدار أسبوعين.
وقال المنسي: "نقلونا من مبنى الجراحات إلى مبنى الاستقبال والطوارئ، وكان كل شخص يمر من أمام كاميرات للجيش ويجري التحقيق معه".
وأشار إلى أنه بعد يومين جرى نقلهم مجدداً من مبنى الاستقبال والطوارئ إلى مبنى "الأمير نايف" وهناك أيضاً جرى تصويرهم واعتقال عدد من المرضى والكوادر الطبية وبعض النا زحين.
وأوضح أنه بعد يومين نُقلوا إلى مبنى آخر قبل أن تنسحب القوات الإسرائيلية من المستشفى فجر اليوم الاثنين.
أما الفلسطيني عبد الفتاح الزهارنة، الذي يقطن بجوار مستشفى الشفاء، فقال: "كنا نرى الناس وهم يُقتلون أمام أعيننا. الجثث كانت ملقاة بالشارع والجرافات الإسرائيلية كانت تجرفهم".
وأضاف: "الوضع كان كارثياً. لم يكن يوجد حتى المياه".
طبيب نرويجي يهاجم الاحتلال
من جهته، استنكر الطبيب النرويجي مادس جيلبرت، تحويل الجيش الإسرائيلي مجمّع الشفاء الطبي غربي مدينة غزة إلى أنقاض، وقال: "لقد حولت إسرائيل والولايات المتحدة دار الشفاء إلى دار للموت".
وأوضح جيلبرت الذي عمل في مستشفى الشفاء لمدة 16 عاماً في منشور على منصة إكس، الاثنين، أن إسرائيل دمرت مستشفى الشفاء الذي يضم 700 سرير والذي يعد أهم مجمع طبي في غزة.
وتابع قائلاً: "مستشفى الشفاء حولته إسرائيل والولايات المتحدة إلى بيت الموت، إذ أُحرق وتحول إلى ركام، وتحول إلى قبر للمرضى والطواقم الطبية وأقربائهم واللاجئين".
وأردف: "هذا مؤشر واضح على سياسات الاحتلال الإسرائيلي القاسية والشريرة التي تهدف إلى تدمير الشعب الفلسطيني ومؤسساته الاجتماعية".
واستطرد: "يجب على حكومات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا أن تخجل من دعمها لجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها إسرائيل".
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 يشن الجيش الإسرائيلي حرباً مدمرة على غزة، خلفت عشرات آلاف الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، حسب بيانات فلسطينية وأممية.
وتواصل إسرائيل الحرب رغم صدور قرار من مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف فوري لإطلاق النار خلال شهر رمضان، وكذلك رغم مثولها أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب "إبادة جماعية".