على الرغم من تضارب الروايات وتباين التصريحات بين الجانبين الروسي والأوكراني حول ملابسات حادثة انفجار سفينة "موسكفا" ومن ثم غرقها في البحر الأسود، فإن الجميع يكاد يتفق على أن الضربة كانت قوية جداً وموجعة لموسكو.
فقد خسرت روسيا أهم وأخطر سفنها العسكرية الرائدة في البحر الأسود، في وقت دقيق من عمليتها العسكرية في أوكرانيا، تستعد فيه للسيطرة على ميناء ماريوبول الاستراتيجي المطل على بحر آزوف، وتوسيع الهجوم في جنوب وشرق أوكرانيا.
وفي الوقت الذي يتواصل فيه البحث والتحقيق حول أسباب الانفجار، للجزم بين الروايتين، تحدثت تقارير إعلامية غربية، نقلاً عن مسؤولين عسكريين غربين، عن مفاجأة جديدة. حيث ذكر أن طائرة تجسس أمريكية رُصدت تحلق فوق السفينة الروسية مباشرة قبل انفجارها.
مما يطرح عديداً من الاستفهامات عما إذا كان سلاح الجو الأمريكي قد شارك فعلاً في تفجير الطراد الحربي الروسي في البحر الأسود.
هل شاركت البحرية الأمريكية في إغراق "موسكفا"؟
نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية تقريراً كشفت فيه أن طائرة تجسس أمريكية حديثة من طراز "بوينغ P8 Poseidon"، كانت تؤدي دوريات استطلاع في البحر الأسود في الساعات القليلة قبل استهداف الطراد الحربي الروسي "موسكفا".
ووفق ما جاء في التقرير، فإن الطائرة كانت على بعد نحو 160 كيلومتراً من موقع الطراد.
وألمحت "التايمز" أن البحرية الأمريكية قد تكون استخدمت طائرة التجسس الحديثة لتقديم بيانات استهداف دقيقة للقوات الأوكرانية والتي تمكنت من خلالها لاحقاً من ضرب "موسكفا" بصاروخي "نبتون".
وتعتبر طائرة P8 Poseidon من أحدث طائرات الترسانة الأمريكية وأكثرها تقدماً في رصد الغواصات والاستطلاع والتتبع للسفن الحربية. وتمتلك "بي 8" البالغة تكلفتها حوالي 430 مليون دولار، أجهزة رادار "إيه بي واي –10 APY-10 " المتقدمة جداً. كما أنه بإمكانها مسح منطقة مساحتها 10 آلاف متر مربع من على مدى يصل إلى 354 كيلومتراً.
وذكر تقرير "التايمز" أنه وفقاً لما سجله موقع تتبّع الطيران "فلايت رادار 24"، فقد أقلعت الطائرة الأمريكية بالكود التعريفي AE681B في 13 أبريل/نيسان من القاعدة الجوية للبحرية الأمريكية في سيغونيلا بصقلية في إيطاليا باتجاه البحر الأسود.
وحسب مسار الطائرة، حلقت فوق منطقة البلقان ثم بلغاريا قبل أن تصل إلى الأجواء فوق شاطئ رومانيا على البحر الأسود، أي على بعد 20 كيلومتراً من الحدود الأوكرانية، وعلى بعد 160 كيلومتراً من موقع سفينة "موسكفا".
ثم اختفت الطائرة الأمريكية بعد ذلك من على شاشات "فلايت رادار 24"، وبقي موقعها مجهولاً طيلة ساعتين، لتظهر مجدداً وهي متجهة مساء إلى ساحل البحر الأسود. واختفت مجدداً لتظهر بعد ذلك وهي عائدة إلى قاعدتها بصقلية.
ووفق ما أفاد به خبراء عسكريون لصحيفة "تايمز"، فإن الطائرة P8 Poseidon بإمكانها أن توقِف بث جهاز الإرسال المحدد لموقعها حين تدخل أجواء منطقة صراع أو حرب.
وفي أثناء ذلك، أعلن ماكسيم مارتشينكو، حاكم المنطقة المحيطة بميناء أوديسا المطل على البحر الأسود، في منشور على تليغرام، أن "موسكفا" قد أصيبت بصاروخي كروز صنعا في أوكرانيا من طراز "نبتون" المضاد للسفن.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة، لم تعلق على حادثة طائرة الاستطلاع والتجسس ولم تلمح إلى مشاركتها بصفة مباشرة أو غير مباشرة في حادثة إغراق الطراد الروسي، فإن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن اعترف الشهر الماضي بأن الولايات المتحدة تمدّ الجيش الأوكراني بالمعلومات الاستخبارية والاستطلاعية في إقليم دونباس. وكان ذلك أول اعتراف رسمي بأن الجيش الأمريكي يشارك معلومات استخبارية مع أوكرانيا.
موسكفا.. ضربة قاسية لموسكو
كانت حادثة انفجار "موسكفا" وإغراقها في البحر الأسود، انتكاسة عسكرية شديدة لموسكو، التي كانت تدّعي أنها تتحرك وفق خطة عسكرية محكمة ومدروسة.
ويعد الطراد الحربي "موسكفا" من أهم السفن العسكرية الروسية في البحر الأسود، التي تعود فترة انطلاقها إلى عام 1983، أي فترة الحقبة السوفييتية.
ووفق ما أفادت به السلطات الروسية فإن "موسكفا" البالغ وزنها 12500 طن، كانت مجهزة بـ16 قاذفة صواريخ كروز من طراز فولكان P-1000، يصل مداها إلى 700 كيلومتر على الأقل. إضافة إلى مجموعة متنوعة من الأسلحة المضادة للغواصات والطائرات.
وشارك الطراد الروسي، في عدة مهمات عسكرية، خلال السنوات الماضية. وبالتالي فإن إنكار موسكو لتعرض السفينة إلى هجوم أوكراني، يبدو مبرراً، إذ يبدو ذلك مذلاً ومزعزعاً لمعنويات القويات العسكرية الروسية في وقت لم تتمكن فيه إلى الآن من حسم المعركة.
وفي هذا السياق قالت وزارة الدفاع الروسية في بيان عقب وقوع الانفجار إنه "نتيجة حريق في طراد الصواريخ موسكفا، انفجرت ذخيرة. ولحقت بالسفينة أضرار بالغة".