هل أثّرت عمليات أوكرانيا بكورسك في وضعها بمواجهة الضغط الروسي شرقاً؟ / صورة: AFP (Yuriy Dyachyshyn/AFP)
تابعنا

ويوم الاثنين قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن توغل كييف في كورسك جنوب غربي روسيا لن يوقف تقدم موسكو في شرق أوكرانيا، وأشار إلى أن قوات بلاده تحرز تقدماً "بمعدل لم نشهده منذ فترة طويلة" مضيفاً "كانت حسابات أوكرانيا وقف عملياتنا الهجومية في أجزاء رئيسية من دونباس. والنتيجة معروفة... لم يتمكنوا من وقف تقدمنا ​​في دونباس".

وفي مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، أقر قائد الجيش الأوكراني ألكسندر سيرسكي والرئيس فولوديمير زيلينسكي بأن جبهة بوكروفسك هي الأكثر صعوبة في الحرب، وقال زيلينسكي، إن أهداف روسيا "بالاستيلاء" على منطقة دونيتسك بالكامل، التي تقع داخل دونباس "لم تتغير".

وتعد بوكروفسك واحدة من تقاطعين رئيسيين للسكك الحديدية والطرق في دونيتسك، ومن شأن خسارتها أن تهدد اللوجستيات في المنطقة بأكملها للجيش الأوكراني، وقد تؤدي إلى سيطرة الروس على منطقة دونيتسك بالكامل، وفقاً لمجموعة "فرونتيليجنس إنسايت" التحليلية الأوكرانية.

هل أخفقت أوكرانيا على جبهة الشرق؟

ذكرت صحيفة فاينانشال تايمز أن زيلينسكي تعرّض لانتقادات من الجنود والمشرّعين والمحللين العسكريين بسبب تقدم القوات الروسية الكبير في شرق أوكرانيا، وذلك منذ توغل كييف في منطقة كورسك، إذ يرى المنتقدون أن مواقف أوكرانيا أصبحت ضعيفة بسبب إعادة نشر الآلاف من قواتها في عملية كورسك، وتهميش الجبهة الشرقية.

ويقترب الجيش الروسي من مدينة بوكروفسك، إذ تُظهر صور الأقمار الصناعية التي حللها محققون من مؤسسة بلاك بيرد ومقرها فنلندا، أن قوات موسكو أصبحت الآن على بعد 8 كيلومترات فقط من بوكروفسك، وقد أمرت السلطات المحلية بإجلاء السكان في المنطقة.

ووصف المحلل العسكري الأوكراني، أوليكساندر كوفالينكو، الوضع على الجبهة الشرقية لبوكروفسك بأنه "فشل دفاعي كامل"، قائلاً في منشور عبر تليغرام: "ليس خطأ الجنود العاديين، بل تكمن المشكلة في أولئك الذين يتخذون القرارات نيابة عن هؤلاء الجنود".

وفي السياق نقلت فاينانشال تايمز عن عدد من الجنود الأوكرانيين في المنطقة، مخاوفهم بشأن الدفاعات حول بوكروفسك، إذ قال جندي في اللواء الآلي 93، الذي قاتل في معركة باخموت التي استمرت 10 أشهر العام الماضي، إن الوضع متدهور في بوكروفسك، وأضاف: "ستسقط بوكروفسك بشكل أسرع بكثير مما حدث مع باخموت".

وانسحبت القوات الأوكرانية الأسبوع الماضي من نوفوهروديفكا، الموجودة على بعد 8 كيلومترات جنوب شرق بوكروفسك، وقال مركز استراتيجيات الدفاع (CDS)، وهو مركز أبحاث أمني مقره كييف، إن "الانسحاب يشير إلى نقص في الموارد الدفاعية، على الرغم من أهمية بوكروفسك كمركز لوجستي"، وفق ما نقلته الصحيفة البريطانية.

وحسب مجموعة التحليل العسكري "ديب ستيت"، التي لها علاقات وثيقة بوزارة الدفاع في أوكرانيا، وتراقب تحركات الخطوط الأمامية، فإن القوات الروسية تقدمت بشكل أسرع في دونيتسك منذ 6 أغسطس/آب -حين توغلت كييف في كورسك- مقارنة بالأشهر السابقة، وإن الجبهة الشرقية في "فوضى كاملة".

كما سلط الجنود في وحدات المدفعية بالقرب من بوكروفسك، الضوء على العجز في القذائف، إذ قال قائد المدفعية لفاينانشال تايمز، إن "قذائفنا تنفد. ليس لدينا ما يكفي"، مشيراً إلى أن العديد من الموارد وجهت شمالاً إلى كورسك. وعلى مدى الشهر الماضي تقريباً، تلقت وحدته قذيفة واحدة مقابل 6 إلى 8 قذائف أطلقها الروس.

وذكرت الصحيفة أن بسبب التوغل في كورسك خسرت أوكرانيا ما لا يقل عن 51 قطعة من المعدات العسكرية القيمة، بما في ذلك مركبات ماردر الألمانية ومركبات سترايكر وصواريخ هيمارس أمريكية الصنع، بينما في المقابل خسر الجانب الروسي 27 قطعة، وفقاً لموقع الاستخبارات مفتوح المصدر "نالسيو".

وقالت مجلة فورين بوليسي، إن "أوكرانيا استولت الآن على نحو 400 ميل مربع من الأراضي الروسية، وأجبرت نحو 200 ألف روسي على إخلاء هذه المناطق. وتبلغ هذه الأرقام 0.0064% من إجمالي مساحة الأراضي الروسية و0.138% من سكانها".

وعلى النقيض من هذا "فإن روسيا تسيطر الآن على نحو 20% من أوكرانيا، ويقال إن الحرب أجبرت نحو 35% من سكان أوكرانيا على الفرار من ديارهم. وحتى لو تمكنت كييف من الاحتفاظ بالأراضي التي استولت عليها مؤخراً، فإن هذا لن يوفر لها وسيلة للمساومة"، وفق ما قالته المجلة.

"هجوم لتحويل الانتباه"

قال المسؤول عن المركبات المدرعة MaxxPro في اللواء 68 في قاعدة عسكرية أوكرانية على مشارف بوكروفسك لصحيفة واشنطن بوست: "نحن هنا لا نحقق نتائج عظيمة"، إذ خسر لواؤه ستة أميال في أسبوع، وأضاف أن القتال في بوكروفسك اشتد منذ هجوم أوكرانيا على كورسك.

وذكرت مجلة فوربس أنه عندما اختارت الإدارة الأوكرانية، بقيادة الجنرال أوليكساندر سيرسكي، دخول كورسك بقوة تضم آلاف الجنود مكونة من ثمانية ألوية أو أكثر، تساءل بعض المراقبين، "لماذا لم تعمل هذه القوات على تعزيز بوكروفسك بدلاً من ذلك؟".

وأوضحت المجلة أن الجيش الأوكراني لا يملك الكثير من القوات الإضافية لنشرها على جبهة بوكروفسك، فالعديد من الألوية الاحتياطية التي كانت لديه قبل شهر تشارك الآن في منطقة كورسك الروسية .

وتابعت أن أحد التفسيرات للاستراتيجية الأوكرانية في كورسك هو أن الهجوم كان يهدف إلى جذب القوات الروسية بعيداً عن الشرق، وتخفيف الضغوط على بوكروفسك، إذ ربما كان هجوم كورسك بمنزلة "تحويل للانتباه".

ولكن بدلاً من الإسراع بإرسال أفضل قواته إلى كورسك لصد التقدم الأوكراني، نجح الكرملين في جمع قوة مضادة ضمت بعض المجندين الشباب غير المدربين جيداً، وقد نجحت هذه التعزيزات في إبطاء التقدم الأوكراني ولكنها لم تنجح في وقفه، بينما دعمت حفظ قواتها الشرقية كاملة، وهو الأمر الأكثر أهمية للاستراتيجية الروسية، وفق ما قالته فوربس.

TRT عربي