ويُعزز نظام الدفاع "غوكدنيز" بصواريخ مضادة للسفن، تستخدم ذخيرة "أتوم 35 ملم" (ATOM 35)، وتستخدم ذخيرة معيارية مقاس 35 × 228 ملم، تتميز بقدرتها على الانشطار أمام الهدف وخلق سحابة كثيفة من الجسيمات بفضل الصمامات الدقيقة التي يمكن برمجتها زمنياً، كما تستطيع تدمير الصواريخ المضادة للسفن ومقاومة التشويش الكهرومغناطيسي.
وتتميز هذه المنظومة أيضاً بوجود مدفعين يمكنهما إطلاق 1100 طلقة في الدقيقة، يبلغ مداها 4 كيلومترات، كما يسمح النظام المزود بآلية تغذية الذخيرة التلقائية غير القابلة للربط بتحميل كل من الذخيرة الحارقة (HEI) والذخيرة
الهوائية (Airburst) في الوقت نفسه والتبديل بينهما حسب الحاجة، ما يجعلها مؤهلة لمواجهة الأهداف الجوية الصغيرة والسريعة.
وقبل اعتماد نظام الدفاع الجوي القريب "غوكدنيز"، جرى اختباره بشكل دقيق من خلال دمجه في سفينة "TCG Sokullu Mehmet Paşa A-577"، التي كانت تعمل سفينةَ تدريب للقوات البحرية التركية لفترة طويلة.
وعبرت السفينة خلال هذه الاختبارات، مضيق البوسفور والبحر الأسود، وخلال ذلك أثبتت منظومة "غوكدنيز" كفاءتها من خلال الاختبارات التي أجريت على السفينة، إذ نجحت في تدمير هدف الهجوم عالي السرعة الذي يقترب من البحر بنجاح.
حماية الترسانة البحرية
ووفق البيان الذي أصدرته شركة "أسيلسان" التركية، فإن منظومة "غوكدنيز" جُهِّزت لتعزيز حماية الترسانة البحرية من الهجمات الجوية، حيث أُكدت فعاليتها ضد تهديدات طائرات الهليكوبتر والطائرات بدون طيار والمركبات السطحية، وكذلك الصواريخ المضادة للسفن، إذ تستطيع مواجهة الهجمات الجوية المتجهة ضد السفن.
كما تتميز المنظومة عن نظائرها التي تنتمي إلى عائلة منتجات أنظمة الدفاع الجوي القريبة، بفعاليتها العالية ومرونتها في مواجهة قذائف الطائرات الحديثة السريعة والدقيقة.
يشار إلى أن منظومة "غوكدنيز" جرى تطويرها لتلبية احتياجات القوات البحرية التركية، لخلق الاستقلالية المطلوبة في عملية الأمن البحري، نظراً إلى كون المنظومة جرى إنتاجها محلياً بشكل كامل، بكفاءة تتفوق على ما يجري إنتاجه عالمياً، وخطوة إنتاج المنظومة تندرج ضمن توفير احتياجات الدفاع الجوي القريبة لقيادة القوات البحرية التركية والقوات البحرية للدول الصديقة والحليفة الأخرى.
وتشهد المناطق المتاخمة للحدود البحرية التركية ارتفاعاً في التوتر، مثل الحاصل في منطقة شرقي البحر المتوسط، ودفعت هذه التحديات تركيا إلى تطوير ترسانتها البحرية والدفاعية من أجل الحفاظ على الحدود البحرية التركية من أي اعتداء محتمل.
وفي هذا الصدد، يقول الباحث في جامعة سان دييغو الأمريكية فرح حديد إن "نجاح نظام غوكدنيز الذي جرى تطويره، في تدمير الأهداف عالية السرعة بنجاح، جعل المنظومة مؤهلة للعمل في فرقاطة إسطنبول، وهو ما سيجعلها قادرة على توفير الحماية للسفن الحربية والمنصات البحرية من الصواريخ المضادة للسفن، والتهديدات الأخرى مثل المروحيات والطائرات الحربية والمُسيّرات والسفن المسيرة".
وحول إمكانية تصدير هذه المنظومة الدفاعية، يوضح حديد لـ"TRT عربي" أن "تميز غوكدنيز وجودة أدائها مقارنة بنظرائها في العالم، سيجذب اهتماماً كبيراً من القوات البحرية للعديد من الدول الصديقة لتركيا وهو ما سيؤهل الصناعة العسكرية التركية من جهة، ويعزز ما بات يُعرف بالدبلوماسية العسكرية من جهة ثانية، كأحد وسائل تقوية الصناعة العسكرية التركية".
ريادة تركية
تعد "أنظمة الأسلحة القريبة" مهمة لأي جيش بسبب الأدوار الدفاعية التي توفرها للمعدات البحرية والبرية، فهي خط دفاع يصعب اختراقه عسكرياً، كما يسهل تصديرها للحلفاء والشركاء بسبب ارتفاع الطلب العالمي عليها.
أهمية "أنظمة الأسلحة القريبة" الاستراتيجية هو ما دفع تركيا إلى تصنيع منظومة الدفاع "غوكنديز"، التي أمست خط دفاع للترسانة البحرية التركية ضد الصواريخ الموجهة ضدها.
ويقول الخبير البحري ومؤلف كتاب "الأساطيل القتالية في العالم" إريك ويرثيم إن "أنظمة الأسلحة القريبة" التي تطورها تركيا يمكن تصنيفها على أنها من الأسلحة المتطورة عسكرياً، كما أن تركيا قطعت أشواطاً عديدة في عملية تطوير هذا النوع من الأسلحة في زمنٍ قياسي.
ويضيف لـ"TRT عربي" أن "هذا النوع من الأسلحة متعدد الاستعمالات، إذ إن أنظمة الأسلحة القريبة يمكن استعمالها لأدوار متعددة على سفن مختلفة، كما يمكن استخدامه مدفعاً رئيسياً لسفن الشرطة أو الدوريات، أو تسليحاً ثانوياً لسفنِ الحربية أو سفن الدوريات البحرية، أو مدفعاً مخصصاً للدفاع عن الفرقاطات، بما في ذلك السفن المساعدة أو السفن الهجومية البرمائية".
يعرب ويرثيم عن اعتقاده بأن هذه الميزات تجعل "أنظمة الأسلحة القريبة" التي تطورها تركيا تمتلك فعالية كبيرة في وظائف دفاعية عديدة.
استراتيجية التحديث العسكري
ويندرج تطوير تركيا لنظام "غوكدنيز" ضمن استراتيجية كبيرة تتبعها لتحديث قواتها العسكرية، وحسب ما جاء في تقرير "التوازن العسكري 2023" الصادر عن المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، فإن مؤهلات تركيا العسكرية كبيرة ومجهزة بشكل جيد للدفاع الوطني، كما أن استراتيجية تركيا الأخيرة قائمة على التركيز على الأمن الداخلي والعمليات عبر الحدود.
يشار إلى أن استراتيجية القوات المسلحة التركية لعام 2033 تهدف إلى تحديث المعدات العسكرية وهياكل القوة.
وتسعى تركيا إلى امتلاك سلاحها رغم استمرار استيرادها للمكونات الفرعية، إذ ترتفع وتيرة الإنتاج العسكري فيها بشكلٍ كبير، حيث تعمل على إنتاج معدات عسكرية محلية، كما تعمل أنقرة بجهود متواصلة لزيادة الصادرات العسكرية، وقد أمّنت الأسواق في أذربيجان وباكستان وأوكرانيا، بالإضافة إلى عدد من الدول الإفريقية.
يذكر أن تركيا تُطوّر أيضاً طائرة مقاتلة محلية وتعتمد في ذلك على التعاون مع شركات الدفاع الخارجية، كما وقعت اتفاقيات تعاون دفاعي مع التركيز على الصادرات ونقل التكنولوجيا، في محاولة لتعزيز صناعة الدفاع الوطني لديها وتحقيق الاستقلال الصناعي الدفاعي.