74% من خيام النازحين في غزة غير صالحة للاستخدام، وفق المكتب الإعلامي الحكومي في غزة / صورة: AA (AA)
تابعنا

بهذه الكلمات يصف عبد الغني، النازح من مدينة غزة، وضع خيمته التي لم تقيه حر الصيف ولا برد الشتاء ويقول لـTRT عربي: "تخوُّفنا من حلول الشتاء يزيد مع استمرار الحرب، الخيام لا تُوفر لنا الدفء وتهددنا مع أول هطول للأمطار بالغرق أو الانهيار".

ومع اقتراب فصل الشتاء واستمرار الحرب لقرابة عام، يعيش نازحو غزة في حالة من الخوف والقلق إذ لم يتمكن عديد من النازحين من العودة إلى منازلهم المهدّمة، ويُضطرون إلى العيش في خيام لا توفر لهم الحماية من برودة الطقس والأمطار، مع خطر غرقها في مياه الصرف الصحي أو تعرضها للموجات على شواطئ غزة.

ويزيد غياب المساعدات والملابس الشتوية معاناتهم، وتُشير التقارير إلى أن الخيام مهترئة وغير مُجهزة لفصل الشتاء، مما يفاقم من خطورة الوضع على النازحين، خاصة الأطفال والنساء.

والأحد الماضي، تسبب سقوط الأمطار الغزيرة في إغراق "عشرات آلاف الخيام المهترئة" المنتشرة في مناطق النزوح ومعسكرات الإيواء المختلفة، حسب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).

وكانت مناطق دير البلح وسط القطاع، ومنطقة المواصي غربي مدينة خان يونس جنوبي القطاع، الأكثر تضرراً من هذه الأمطار، ما أدى إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية للنازحين هناك، وأفادت بأن مخيمات النازحين تعرضت لأول موجة من الأمطار في خان يونس "ما أغرق عديداً من الخيام".

"أطفالنا وملابسنا غرقوا"

ويُعبّر عبد الغني عن معاناة عائلته في خيمة مهترئة تعرضت للغرق مع أول هطول للأمطار الأسبوع الماضي، ويقول لـTRT عربي "غرقت ملابسنا، فراشنا، حتى أطفالنا والنساء غرقوا، كانت حالتهم صعبة، وبكوا من الوضع، واضطرت النساء إلى الخروج من الخيمة لأنها غرقت تماماً".

وطالب الشاب بضرورة الحصول على ملابس شتوية وخيام جديدة تُوفر لهم الحماية من الشتاء، محذراً من أن الخيام الحالية مهترئة وستنهار مع أول عاصفة، ومشيراً إلى أن "الشتاء يُهدّدنا بالغرق والمرض".

بدورها، تروي أم عبدالله النازحة من غزة وضع عائلتها بأنه "لا توجد خيمة أو منزل مستور في غزة.. حتى المدارس والحمامات لم تسلم من فيضان مياه الصرف الصحي إذ تضررت المواد الغذائية بسبب الفيضان".

وعن غلاء الأسعار وصعوبة الحصول على الملابس تقول السيدة لـTRT عربي: "الآن لا أحد يستطيع شراء حتى حذاء جديد مناسب للشتاء بسبب الأسعار الباهظة، والأطفال ليس لديهم سوى الملابس الخفيفة والقديمة المهترئة، ومن المؤكد أنهم سيمرضون بسبب برودة الجو".

أما الحاج أبو ناصر من رفح، نزح عدّة مرات بسبب أوامر الاحتلال المستمرة بإخلاء المناطق، وكان الحاج وزوجته يقطنون في المدارس، ثم نزحوا إلى منطقة الشاكوش في خيم كانت "مشتعلة" من شدة حرارة الصيف على حسب تعبيره، كما أشار الحاج إلى سوء تخديم المنطقة بالمرافق الأساسية من حمامات وأماكن استحمام "حتى عندما كنا نريد الوضوء للصلاة كنا نجلب الماء من منطقة بعيدة جداً"، وفق ما تحدث إلى TRT عربي.

ويقول: "أنا عمري 73 سنة يرهقني أن أمشي نحو 50 متراً وأنا أحمل جالون الماء، بالنسبة إليّ لو حملته مرة لن أستطيع المرة الثانية.. كانت مرحلة صعبة جداً".

ويُضيف عبد الله: "مع حلول الشتاء، طُلب منا مغادرة منطقة الشاكوش، ووصلنا إلى (بئر 19)، وعانينا من نفس المشكلات، كانت الخيام تتسرب منها المياه، وكنت أُحاول الحماية منها باستخدام (شقفة شادر)، لكن كل شيء كان متسخاً بالمياه، لم توجد مياه شرب أو طحين للطعام، وكنا نحاول الاستمرار باستخدام ما تُوفره وكالة الغوث من طحين ومياه".

يُعبّر النازح المسن عن معاناته في فصل الشتاء القارس، ويقول "أنا وزوجتي كبار في السن، لا أطفال لدينا، لا أملك ملابس شتوية، أنا أقف أمامك بالجلابية (الثوب) فقط"، ويضيف الحاج مشيراً إلى معاناة الأطفال بقوله "الله يعين من عنده أطفال، فهم بحاجة إلى ملابس دافئة، أنا لا أعرف ماذا سأفعل، وكيف سأحمي نفسي من البرد".

ويختتم عبد الله حديثه مشيراً إلى صعوبة الوضع مع تدمير بيته واستشهاد أحد أبنائه في غارات الاحتلال الإسرائيلي، ويقول "لا يمكنني العودة إلى منطقة بيتي لأنها على الحدود، وأنا ممنوع من الوصول إليها، كل شيء صعب علينا".

وتعاني النازحة الغزية أم محمد أيضاً من وطأة الشتاء وتقول: "نحن نازحون ومع حلول فصل الشتاء تزيد معاناتنا، فملابس الشتاء مُفقودة، كانت في بيوتنا التي انهارت، والأسعار في الأسواق خيالية".

وتضيف النازحة مشيرة إلى الظروف الصعبة التي يعيشونها: " كل ملابسنا تحت الردم، حتى ملابس أطفالي و زوجي، وأسرة أقاربي، لا أحد أخذ ملابس الشتاء، إذ كنا نخطط للعودة إلى بيوتنا، ولكن لم نتمكن من ذلك".

وتُطالب النازحة بتوفير المساعدة العاجلة للنازحين، وتقول: "نحن نحتاج إلى خيام مُقاومة للأمطار ، ملابس شتوية لأطفالنا وللنازحين، وأحذية وأغطية، ونطالب بتخفيض أسعار المواد الأساسية مثل الشامبو والمنظفات التي أصبحت غالية الثمن، لا ندري كيف سنواجه فصل الشتاء، فأطفالنا يعانون من الأمراض، و المستشفيات مليئة بالنزلاء".

خيام غير صالحة للاستخدام

وفي 14 من سبتمبر/أيلول الحالي، حذر المكتب الإعلامي الحكومي في غزة من كارثة إنسانية تواجه مليوني نازح فلسطيني في مناطق مختلفة من القطاع مع حلول فصل الشتاء، وقال إن "74% من خيام النازحين أصبحت غير صالحة للاستخدام، وذلك وفقاً لفرق التقييم الميداني الحكومية".

ويعيش نحو مليوني نازح فلسطيني في محافظات قطاع غزة، في ظروف معيشية قاسية، مع اقتراب حلول فصل الشتاء وموسم تساقط الأمطار، وفق المكتب.

كما أطلق نداء استغاثة عاجل، قال فيه إن "قطاع غزة مُقبل على كارثة إنسانية حقيقية بفعل دخول فصل الشتاء وظروف المناخ الصعبة، وبالتالي سيصبح مليونا إنسان بلا أي مأوى، وسيفترشون الأرض ويلتحفون السماء، بسبب اهتراء الخيام".

من جانبها أكدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في 23 سبتمبر/أيلول، أنها تواجه صعوبات كبيرة في إدخال المواد الضرورية لفصل الشتاء إلى الأهالي، وطالبت بفتح المزيد من المعابر إلى القطاع.

ساهم في إعداد التقرير مراسل TRT عربي في غزة، سامي برهوم.

TRT عربي - وكالات