القبة الحديدية من أهم منظومات الدفاع الجوي الإسرائيلي / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

ادّعى الجيش الإسرائيلي أن ثلاث مسيّرات تجاوزت الحدود، اعترض أحدهما وغابت الأخرى عن الرادار فيما ترك الثالثة بلا اعتراض لعدم خلق حالة من الهلع للسكان، خاصة أنها لم تكن مسلحة، فيما لم يجر تفسير الكيفية التي عادت بها المسيّرة إلى لبنان مرة أخرى أو في حال عدم عودتها فكيف جرى اعتراضها أو السيطرة عليها؟

يعتمد جيش الاحتلال الإسرائيلي على منظومة دفاع جوي متعددة الطبقات، لاعتراض الصواريخ قصيرة ومتوسطة وطويلة الأمد. واستثمر الجيش على مدار السنوات الماضية في بناء وتطوير هذه المنظومات التي أريد لها أن تكون درعاً إسرائيلية في مواجهة التحديات التي تواجه إسرائيل.

وخلال السنوات الماضية وتحديداً في الحرب الأوكرانية-الروسية، شكلت المسيّرات التحدي الأهم لأنظمة الدفاع الجوي، وراقب الاسرائيليون هذه الحرب جيداً لكن دروسها لم تأخذ مكانها في الجيش الإسرائيلي الذي يعاني أمام المسيّرات المنطلقة من لبنان.

دفاع متعدد الطبقات بلا حل للمسيّرات

يعتمد الدفاع الجوي الإسرائيلي على مجموعة من المنظومات الدفاعية التي تشكل نظاماً متعدد الطبقات. أي إن كل تهديد له منظومة صاروخية مخصصة، فالقبة الحديدية (Iron Dome) مصممة لاعتراض الصواريخ قصيرة المدى وقذائف المدفعية.

أما منظومة مقلاع داوود (David's Sling)، المعروفة باسم "العصا السحرية"، مصممة لاعتراض الصواريخ متوسطة المدى، فيما منظومة السهم (Arrow)، التي تشمل Arrow 2 وArrow 3 مخصصة ضد الصواريخ البالستية طويلة المدى.

وحول المنظومات التي تستخدمها إسرائيل في اعتراض المسيّرات يشير الباحث في الشؤون الأمنية والعسكرية عماد ناصر إلى نوعين من المسيّرات: الكبيرة ذات الجناح الثابت والصغيرة متعددة المراوح. ويعتمد الجيش الإسرائيلي على رادارات الكشف كالتي في قاعدة ميرون أو رادارات القبة الحديدية ومقلاع داود وغيره في الكشف عن المسيّرات ذات الجناح الثابت".

ويضيف ناصر في حديثه مع TRT عربي أن " المسيّرات ذات المرواح الأصغر حجماً يعتمد الجيش فيها على منظومة كشف منتشرة على طول الحدود مع إسرائيل مثل drone guard، و drone dome التي تكون مثبتة على الأبراج الحدودية، وتعرضت في الفترة الأخيرة لأضرار جسيمة بفعل استهدافها من حزب الله.

وفي حديث لها مع موقع "كالكاليست" الاسرائيلي قالت ليران عنتيبي من معهد دراسات الأمن القومي (INSS)، التي تبحث في مجال الطائرات بلا طيار والمركبات غير المأهولة، إن الجيش الإسرائيلي لم يكن مستعداً لهذا التحدي بسبب العجز في فهم الطبيعة المتغيرة للتهديد الجوي بعمق.

التضاريس والحدود

وفقاً لبيانات الجيش الإسرائيلي اعترض الدفاع الجوي ما يقرب من 19 ألف صاروخ من لبنان، بالإضافة إلى 150 طائرة بلا طيار، فيما أشارت تقديرات إلى أن نسبة ما اعترضته الدفاعات الجوية الإسرائيلية خلال شهري مايو/أيار ويونيو/حزيران لا تتجاوز 50 ٪.

وتشير الباحثة ليران عنتيني إلى أن الجيش الإسرائيلي كان لديه قناعة بأن "أي صراع مستقبلي مع حزب الله ستكون الصواريخ هي التهديد الرئيسي، في حين أن الطائرات بلا طيار ستكون ثانوية، جرى تعريف هذا السيناريو حالةً متطرفة".

ونقل "كالكاليست" عن مسؤول أمني إسرائيلي: "من المستحيل شراء كل شيء مقابل كل تهديد، الاستثمار في نظام دفاعي ضد الطائرات بلا طيار كان سيأتي على حساب ميزانيات المعدات الأخرى".

وكشف "كالكاليست" في شهر فبراير/شباط الماضي أن التغيير الكبير الذي طرأ على نهج الجيش الإسرائيلي في التعامل مع تهديد الطائرات بلا طيار لم يأت إلا بعد اندلاع الحرب.

وأشارت إلى كثير من الإجراءات الرامية إلى تحسين حماية البنى التحتية الأساسية والقواعد والمنشآت الحساسة ضد الطائرات بلا طيار، التي تكلف أكثر من مليار شيكل.

أما عماد ناصر فيرجع حالة الفشل التي يعاني منها الدفاع الجوي الإسرائيلي إلى "الخطوة التي اتخذها حزب الله والمتمثلة بتضليل المنظومات الإسرائيلية على طول الحدود، عبر تدمير أنظمة التحذير والمراقبة والرادارات."

ويضيف أن "الطبيعة الجغرافية لجنوب لبنان، وتضاريسها الصعبة كالجبال والأودية تعمل عوارض طبيعية، وتمنح المسيّرات مسارات طبيعية تمر من خلالها دون التعرض للكشف، ما يجعل منها أغطية لمرور المسيّرات إلى داخل الأراضي المحتلة، ما يجعل من محاولة اعتراض الجيش لها بلا أي فائدة بسبب مرورها ووصولها للهدف أصلاً".

ويتفق روني يشاي المحلل العسكري في صحيفة يديعوت أحرنوت على أهمية التضاريس، ويضيف "أن حزب الله تعلم تشغيل الطائرات بلا طيار واستخدام التضاريس لخلق مسار يسمح للطائرة بلا طيار بالتحليق على ارتفاع منخفض للتهرب من رادارات جيش الإسرائيلي".

ويؤكد أن " البصمة الرادارية المنخفضة للطائرة بلا طيار تساعدها أيضاً في التخفي، على ما يبدو، مزيج من تكتيكات التشغيل الصحيحة من جانب حزب الله والأبعاد الصغيرة للطائرة بلا طيار ساعدت في منع الكشف والإنذار المبكر".

محاولات للحل

يسعى الجيش الإسرائيلي إلى التأقلم مع التهديد الذي تشكله الطائرات بلا طيار من خلال تطوير أنظمة جديدة تدعم منظومة الدفاع الجوي القائمة، فيما يعتمد الجيش على سلاح الجو في التعامل مع المسيرات.

ووفقاً للباحث ناصر فإن جيش الاحتلال الاسرائيلي يوظف "المقاتلات الحربية في اعتراض الطائرات بلا طيار، لأن قرب المسافة بين الحدود اللبنانية والأهداف التي يتعامل معها الحزب تجعل من الدفاعات الجوية الإسرائيلية غير قادرة على التعامل معها ما يجعل من الضروري أن تحافظ المقاتلات الحربية على استنفارها في الجو واعتراض الطائرات، لكن هذه المهمة الإضافية على سلاح الجو سببت انهاكاً للقدرات الحربية لسلاح الجو".

ونقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن القوات الجوية الإسرائيلية أن الاعتراض في منظومة الدفاع الجوي الإسرائيلية يجري بشكل يدوي، وذلك لمنع الاعتراض العرضي للطائرات "الصديقة"، وكذلك للحفاظ على الطائرات الاعتراضية في حالات تحديد الهوية الزائفة.

ودفع التهديد المتصاعد لخطر الطائرات بلا طيار وزارة الدفاع الإسرائيلية للعمل مع الشركات الدفاعية على إيجاد حلول عملية لمشكلة المسيّرات، ووفقاً ليوسي يهوشع مراسل شؤون الجيش والأمن في صحيفة يديعوت أحرونوت فقد منح الجيش هذه الشركات الدفاعية "شيكاً مفتوحاً" لإيجاد حل.

وأضاف يوسي يهوشع أنه من المتوقع إدخال تحسينات على نظام القبة الحديدية تتيح له مزيداً من قدرات الكشف لتحديد الأهداف الجوية المشبوهة، لكن يهوشع يشير إلى أن مصادر في المنظومة الدفاعية قالت إن الاعتراض باستخدامه مكلف، ولذلك لا بد من إيجاد حلول أرخص، مثل المدافع المتطورة.

ويذكر مراسل يديعوت أحرونوت أن الجيش الإسرائيلي يسعى إلى اعادة إدخال منظومات مدافع "فولكان" التي توقف استخدامها قبل سنوات. خاصة أن النظام الأمني الإسرائيلي يقدر أن آلاف الطائرات بلا طيار يمتلكها حزب الله وحلفاؤه ما يجعل من الضروري توفير منظومة رخيصة وفعالة.

TRT عربي
الأكثر تداولاً