جنود بجيش الاحتلال الإسرائيلي يحتلون موقعاً في جنوب لبنان / صورة: Reuters (Reuters)
تابعنا

وبينما زعم جيش الاحتلال أن عبور المستوطنين "حادث خطير ويجري التحقيق فيه"، قالت المنظمة على موقعها إن قواته كانت إلى جوارهم خلال نصب الخيام في منطقة مارون الراس اللبنانية.

وفي 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري، ذكرت صحيفة "يسرائيل هيوم" العبرية أن عشرات من المستوطنين دخلوا جنوب لبنان.

وقالت إن "عوري تسافون" حاولت إقامة مستوطنة في مارون الراس، ونصب خيام وزراعة أشجار أرز ووضع أحجار في زاوية تذكارية، تخليداً لذكرى الجندي يهودا درور يهلوم الذي قُتل خلال معارك جنوب لبنان في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.

وفي أثناء حديث مع عناصر من جيش الاحتلال الإسرائيلي، وفق الصحيفة، قال الناشطون إنهم وصلوا إلى لبنان لوضع حجر أساس مستوطنة "مي ماروم".

وزعموا أن مارون الراس" كانت تسمى "مي ماروم" في الماضي، و"كانت أرضاً عبرية قديمة عاش فيها كهنة، وسنعود إلى كل الأماكن التي عاش فيها اليهود في لبنان"، على حد تعبيرهم.

أما "عوري تسافون" التي تعني "أيقظوا الشمال"، فذكرت على موقعها أن 6 عائلات يهودية وصلت إلى جنوب لبنان للاستيطان فيه، ونصبوا الخيام وزرعوا أشجار أرز.

ووفق مجلة "972+" العبرية في 8 ديسمبر/كانون الأول الجاري، فإن مجموعات من المستوطنين بدأت تتوسع في المناطق الحدودية مع سوريا ولبنان، مستغلةً سقوط نظام بشار الأسد في اليوم نفسه.

وشنت إسرائيل منذ 23 سبتمبر/أيلول الماضي، حرباً واسعة مدمرة على لبنان، ويسود منذ 27 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي اتفاق هش لوقف إطلاق النار مع حزب الله يخترقه جيش الاحتلال الإسرائيلي يومياً.

المؤتمر الأول

في 22 يونيو/حزيران الماضي، قالت القناة 12 العبرية (خاصة) إن مستوطنين عقدوا في 17 من الشهر نفسه، عبر تطبيق "زووم"، مؤتمر "الاستيطان الأول في لبنان".

عُقد المؤتمر تحت عنوان "نماذج ناجحة للاستيطان من الماضي ودروس لجنوب لبنان"، ويمثل تدشيناً لمنظمة "عوري تسافون" الاستيطانية.

ووفق صحيفة "ماقور ريشون" العبرية في 18 يونيو/حزيران، فإن المؤتمر هدف إلى العمل على "احتلال جنوب لبنان حتى نهر الليطاني وتوطين اليهود فيه".

وينص وقف إطلاق النار على انسحاب إسرائيل خلال 60 يوماً من البلدات اللبنانية التي احتلتها في أثناء عدوانها الأخير على لبنان.

ورغم انعقاد المؤتمر افتراضياً، فإن المشاركين فيه لم يتجاوز عددهم 280 شخصاً، حسب صحيفة "هآرتس" العبرية، التي قالت إن زعيمهم وقائد المنظمة هو عاموس عزاريا.

وتحدث خلال المؤتمر، حاجي بن آرتسي، شقيق سارة زوجة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وزعم قائلاً: "لسنا متطرفين، والحدود بين لبنان وإسرائيل مصطنَعَة، والجليل يمتد إلى الليطاني".

وحول كيفية تأسيس مستوطنة وشرعنتها قانونياً، قال المحامي دورون نير تسيفي، خلال المؤتمر: "توجد سابقة لنا في الضفة الغربية، والتسوية قد تحظى بموافقة دولية".

وأضاف أنه "يمكن إجراء تسوية في جنوب لبنان لأسباب أمنية، كما سبق ووافق الرئيس (الأمريكي دونالد) ترمب (عام 2019) على اعتبار الجولان جزءاً من إسرائيل".

وفي وضع لا يعترف به المجتمع الدولي، تحتل إسرائيل منذ حرب 5 يونيو/حزيران 1967 معظم مساحة هضبة الجولان السورية، واحتلت في الأيام الأخيرة مزيداً من أراضي الجولان، مستغلةً تطورات سوريا.

شجرة ونجمة

"عوري تسافون" يتضمن شعارها شجرة الأرز اللبنانية داخل نجمة داوود السداسية، وتحتها عنوان "حركة الاستيطان في جنوب لبنان باسم يسرائيل سوكول".

ويعج موقع المنظمة بصور تُظهر محاولة أعضائها إقامة مستوطنة ونصب خيام ورفع لافتات مكتوب عليها "لبنان لنا"، وسط وجود جنود إسرائيليين.

ونقلت مجلة "972+" عن عضو بالمنظمة، في مجموعة تضم منتسبيها على واتساب، قوله: "علينا أن نغزو وندمر بأقصى قدر ممكن وبأسرع وقت ممكن".

ولا تكتفي المنظمة بالاستيطان في لبنان فحسب، بل تعتزم الاستيطان في سوريا أيضاً، إذ نقلت المجلة عن عضو آخر بالمنظمة: "يجب أن نتحقق من القوانين الجديدة في سوريا، لمعرفة ما إذا كان يُسمح للإسرائيليين بالاستثمار في العقارات وشراء الأراضي هناك".

غزة ولبنان

على موقعها، تقول المنظمة إنه "لمواجهة الشر الإيراني، ومن أجل استقرار إسرائيل لأجيال، يجب أن ينتمي لبنان إلى إسرائيل الدولة وإسرائيل الشعب".

وتزعم أن استيطانها في جنوب لبنان يأتي من استشهادها بالفقرة "مَجْدُ لُبْنَانَ إِلَيْكِ يَأْتِي. السَّرْوُ وَالسِّنْدِيَانُ وَالشَّرْبِينُ مَعاً لِزِينَةِ مَكَانٍ مَقْدِسِي، وَأُمَجِّدُ مَوْضِعَ رِجْلَيَّ"، (إش 60: 13). وهي من سفر أشعياء.

وتقول المنظمة إنها دُشنت لتحقيق حلم يسرائيل سوكول، وهو جندي قُتل خلال معارك في قطاع غزة، في يناير/كانون الثاني الماضي.

وكان سوكول (24 عاماً) عضواً نشطاً في "جبل الهيكل"، وهي المنظمة الإسرائيلية الأكثر تطرفاً، وتسعى لتدمير المسجد الأقصى وبناء هيكل مكانه.

ووفق موقع المنظمة، كتبت عائلة سوكول على قبره: "رأيتك يا غزة في ظل أرز لبنان"، إذ كان يحلم بالإشراف على بناء مستوطنة في جبال لبنان، وهو ما دعاه إلى الانضمام إلى جيش الاحتلال للحرب في غزة، بدعوى أنها مقدمة لـ"حرب كبرى في لبنان".

مخطط المنظمة

محذراً من أهداف "عوري تسافون"، قال المحلل السياسي لـ"هآرتس"، أنشيل فيفر، عبر مقال في 19 يونيو/حزيران إنه "يجب عدم تجاهل مخطط المنظمة".

وأضاف: "على الجميع أن يتذكر أن خطط المستوطنين للاستيطان في الضفة الغربية (المحتلة منذ 1967) بدت أيضاً غريبة قبل 50 عاماً".

وتابع فيفر أن هؤلاء المستوطنين لديهم دافع قوي لبناء مستوطنة "فهم يعيشون بيننا ويتطلعون إلى الشمال ويحلمون بوطن في لبنان".

أما صحيفة "ماقور ريشون" فقالت في 18 يونيو/حزيران إنه قبل شهرين من هذا التاريخ، قاد عاموس عزاريا (مؤسس المنظمة)، وهو أستاذ ذكاء صناعي، قافلة سيارات باتجاه جنوب لبنان، وأقاموا لفترة في مستوطنة "كريات شمونة"، للدعوة إلى الاستيطان في جنوب لبنان.

ومطلع ذلك الشهر، وصل مستوطنون إلى الحدود، وألقوا مئات المنشورات باللغتين العبرية والعربية إلى الداخل اللبناني باستخدام بالونات، يَدْعون فيها سكان جنوب لبنان إلى إخلاء منازلهم، حسب الصحيفة.

وكتبوا في منشوراتهم: "تحذير! هذه أرض إسرائيل لليهود. مطلوب منكم إخلاؤها على الفور!".

وقبل تأسيس "عوري تسافون" لم يكن أحد يتحدث عن الاستيطان في جنوب لبنان، لكنَّ الخطاب بدأ يتغير خصوصاً مع تواصل أعضاء المنظمة مع برلمانيين في "الكنيست".

ويمكن أن يصبح الأمر مطروحاً للنقاش تماماً مثل الحديث حالياً عن الاستيطان في قطاع غزة، حسب مجلة "972+".

ووفق فيفر، فإن "مثل هؤلاء المستوطنين الراغبين في بناء مستوطنة بجنوب لبنان أثبتوا أن أوهام اليوم هي سياسة إسرائيل في الغد، وهي الواقع في اليوم التالي".

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً