أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يؤاف غالانت، الأربعاء، بدء تنفيذ قانون إلغاء "فك الارتباط" على كامل التجمعات الاستيطانية شمال الضفة الغربية.
وأكد الإعلان المشترك لوزير الدفاع الإسرائيلي ورئيس تجمع المستوطنات الإسرائيلية في شمال الضفة الغربية، يوسي دغان، تنفيذ القانون في ثلاث مستوطنات أخليت عام 2005 ضمن خطة الانفصال التي فُككت بموجبها المستوطنات من شمال الضفة الغربية وقطاع غزة بعد اشتداد ضربات المقاومة الفلسطينية خلال الانتفاضة الثانية.
وقال وزير الدفاع غالانت، إن هذه "الخطوة التاريخية" سوف تعمل على "تطوير الاستيطان وتوفير الأمان"، فيما وصف يوسي دغان الخطوة بـ"التاريخية التي تصحح الظلم والحماقة التي صاحبت عملية ترحيل من شمال السامرة".
يُذكر أن الكنيست الإسرائيلي صدَّق في شهر مارس/آذار 2023، على قانون إلغاء "فك الارتباط"، وبموجبه صار بإمكان المستوطنين العودة إلى المستوطنات التي فُككت شمال الضفة الغربية عام 2005.
لكنَّ القائد السابق للمنطقة الوسطى في جيش الاحتلال يهودا فوكس، الذي تعد الضفة الغربية في نطاق مسؤوليته، أصدر قراراً يعدّ أراضي مستوطنات"سانور" و"غانيم" و"كاديم" مناطق عسكرية مغلقة حتى عام 2028، ما حال دون عودة التجمعات الاستيطانية لهذه المناطق، ليأتي قرار غالانت الأخير ليزيل هذه العوائق ويتيح للمستوطنين الإسرائيليين العودة إلى هذه التجمعات الثلاثة.
ويرى الباحث والمختص بالشأن الإسرائيلي عصمت منصور، في حديث له مع TRT عربي، أن " القرار في منتهى الخطورة، فقد كان الرهان في عدم تنفيذ قانون إلغاء خطة الانفصال على موقف الجيش الإسرائيلي والولايات المتحدة التي تعد راعيةً وداعمةً لخطة الانسحاب من غزة وشمال الضفة 2005".
ويضيف منصور أن القرار " كان معلقاً في الكنيست بذرائع أمنية، وعدم سماح قائد المنطقة بعودة المستوطنين واعتبارها منطقة عسكرية مغلقة، الآن هذا القرار يمهد الأرضية ويؤهل المستوطنين للعودة إلى هذه المستوطنات، فآخر عقبة أمام عودة المستوطنين كانت العقبة الأمنية والآن أُزيلت".
في مواجهة الدولة الفلسطينية
جاء القرار الإسرائيلي بعد وقت قصير من اعتراف كل من إسبانيا وأيرلندا والنرويج بالدولة الفلسطينية بإعلان مشترك لهذه الدول الثلاث، ليرتفع عدد الدول التي تعترف بدولة فلسطين إلى 147 دولة.
ويربط الباحث والمختص في الشأن الإسرائيلي الدكتور مأمون أبو عامر ، توقيت القرار بـ"الحملة الدولية من أجل الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وإقامة المستوطنات في الضفة الغربية، وفي ذلك تأكيد أن حزب الليكود ومنهم غالانت يرفضون إقامة دولة فلسطينية".
ويشير أبو عامر في حديثه مع TRT عربي إلى أن هذه التصريحات تحتِّم على الدول "التي تطالب الفلسطيني بوقف المقاومة، أن تطالب الجانب الإسرائيلي بوقف الإجراءات التي تمسّ الدولة الفلسطينية التي يريد المجتمع الدولي الاعتراف بها يدعو إلى قيامها".
في المقابل يوضح الكاتب عصمت منصور أن الموقف الإسرائيلي الرافض لأي حل سياسي يجعل من الضروري عدم التوقف عن خطوة الاعتراف والمضي نحو" السعي إلى تجسيدها، والمساهمة في قيامها ومعاقبة إسرائيل وردعها".
ومنذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي تشهد الضفة الغربية تصاعداً في عمليات مصادرة الأراضي الفلسطينية والاعتداءات الإسرائيلية على المواطنين والممتلكات الفلسطينية. وشهدت مدينة القدس والمناطق المصنفة "ج" الجزء الأكبر من الاعتداءات الإسرائيلية.
وتشكل المنطقة "ج" ما مجموعه 69% من مساحة الضفة الغربية، وهي مناطق تخضع لسيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلي مدنياً وأمنياً بموجب اتفاقية أوسلو ما بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية.
وفي تصريح سابق لرئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان مؤيد شعبان، أشار إلى أن إسرائيل تعمل على إنشاء مناطق عازلة حول المستوطنات الإسرائيلية مما يعني "عزل مزيد من الأراضي ومنع المواطنين من الوصول إليها بالحجج العسكرية والأمنية".
حسابات غالانت
أصدر وزير الدفاع يؤاف غالانت، القرار بعد أيام من تصادمه مع نتنياهو على خلفية خطط الأخير في قطاع غزة، التي تحظى بدعم اليمين المتطرف الإسرائيلي، فيما ساند عضو مجلس الحرب بيني غانتس، وزير الدفاع غالانت في موقفه.
النقاش الذي تحوَّل إلى مادة للاستقطاب السياسي ما بين الأحزاب الإسرائيلية، قد يكون دافعاً لغالانت لاتخاذ هذا القرار الذي يريد فيه، وفقاً للباحث منصور، "أن يُقنع اليمين بأنه لا يقل يمينية، خصوصاً أنه اضطر إلى اتخاذ بعض المواقف التي لا تروق لليمين فيما يتعلق بالحرب على غزة".
وخلال الفترة الماضية حظيت مواقف غالانت بقبول أمريكي خصوصاً تلك المعارِضة للحكم العسكري الذي ألمح إليه نتنياهو في مناسبات سابقة. وفي هذا السياق يشير الباحث مأمون أبو عامر، إلى أن" غالانت محسوب على الخط الأكثر قبولاً في الإدارة الأمريكية، فإذا كان هذا موقف الأكثر قبولاً في الإدارة الأمريكية فكيف سيكون موقف المعارضين؟".
حسابات غالانت لا تقف فقط عند المستوى السياسي الإسرائيلي العام والرغبة في الاصطفاف يميناً، بل تمتد إلى داخل حزب الليكود نفسه الذي يسعى فيه غالانت إلى الحفاظ على موقعه في مواجهة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، الذي سبق وحاول إقالة وزير الدفاع غالانت في مارس/آذار 2023، مما سبَّب توتر العلاقة بين نتنياهو وغالانت.
ويذكر الدكتور أبو عامر أن غالانت أراد تأكيد "أنه من الليكود، الحزب الذي يدعم الاستيطان ويؤيده بقوة، فأراد غالانت بهذا القرار تأكيد أنه جزء من هذا التوجه الاستيطاني الذي يرى في الاستيطان وسيلة لحفظ الأمن كذلك".
ويضيف الدكتور مأمون أبو عامر أن غالانت بهذا القرار يُظهر التزامه بموقف اليمين المركزي في الليكود خصوصاً أن "نتنياهو يسيطر على مركز حزب الليكود، وفي حال أراد تحدي نتنياهو في المركز فعليه أن يساير توجهاته، من هنا جاءت تصريحات غالانت المتطرفة من باب التنافس الحزبي الداخلي".
سموتريتش على خط التطرف
دخل وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش، على خط الرد الإسرائيلي على قرار الدول الأوروبية الثلاث الاعتراف بدولة فلسطين، وأعلن في رسالة إلى رئيس الوزراء نتنياهو، سلسلة من الإجراءات العقابية ضد السلطة الفلسطينية.
الرسالة تضمنت مجموعة من المقترحات لخطوات يمكن أن تفعلها إسرائيل في مواجهة أي حراك سياسي، وتركزت على تعزيز الاستيطان في الضفة الغربية، والمصادقة على مستوطنة جديدة مقابل كل دولة تعترف بالدولة الفلسطينية، وإلغاء "المخطط النرويجي" الذي سبق أن أقرَّته الحكومة الإسرائيلية لتحويل الأموال ما بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية برعاية نرويجية.
كما اتخذ وزير المالية سموتريتش قراراً بوقف تحويل أموال المقاصة إلى السلطة الفلسطينية التي تجبيها إسرائيل نيابةً عن السلطة الفلسطينية، مما يُنذر بتفاقم الأزمة المالية التي تعاني السلطة منها أصلاً.