إلا أن هذه الخطة الأممية أثارت تساؤلات حول فرص نجاحها، خصوصاً أنها جاءت بعد سلسلة من الخطط السابقة التي انتهت بالفشل بسبب استمرار الخلافات في هذا البلد الغني بالنفط والمثقل بالأزمات.
في إحاطتها أمام مجلس الأمن الدولي، يوم الاثنين، أكدت خوري أن "تشكيل حكومة موحدة" يعد أولوية للخطة الجديدة، في ظل وجود حكومتين تحكمان البلاد حالياً.
وأشارت إلى أن الخطة تتضمن "تشكيل لجنة استشارية محددة المدة" تعمل على التمهيد لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ومعالجة الخلافات حول القوانين الانتخابية.
كما أوضحت أن اللجنة ستتألف من شخصيات ليبية بارزة وخبراء، مع مراعاة التنوع، ومهمتها تقديم استشارات لدفع العملية السياسية قدماً.
ورحب الاتحاد الأوروبي بالخطة الأممية الجديدة، معتبراً إيّاها "تطوراً إيجابياً لإحياء العملية السياسية"، ودعا جميع الأطراف الليبية والدولية للعمل مع البعثة الأممية لضمان نجاح الوساطة.
كما أعلنت فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا والولايات المتحدة، في بيان مشترك، دعمها الخطة واستعدادها لتقديم المساعدة لإنجاحها.
على الصعيد الليبي، عبَّر نائب رئيس المجلس الرئاسي، عبد الله اللافي، عبر منصة "إكس"، عن "دعمه الكامل لإطلاق عملية سياسية شاملة برعاية بعثة الأمم المتحدة"، مشيراً إلى أن هذه العملية "تمثل مساراً وطنياً لتحقيق الاستقرار وتوحيد مؤسسات الدولة وإنهاء حالة الجمود السياسي، وصولًا إلى انتخابات حرة ونزيهة تحقق تطلعات الشعب الليبي".
وحدد اللافي شروط نجاح المبادرة الأممية، التي أبرزها "تعزيز التنسيق الدولي وتوحيد الجهود لدعم المسار السياسي".
كما دعا الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، الأطراف كافة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنجاز الانتخابات في أسرع وقت تحت إشراف حكومة موحدة، مؤكداً "ملكية الليبيين للعملية السياسية".
لكن موقف المشري لا يُعد معبِّراً عن المجلس بأكمله، في ظل النزاع على رئاسته مع محمد تكالة بعد انتخابات داخلية أثارت الجدل وقسمت المجلس إلى قسمين.
من جهة أخرى، واجهت الخطة معارضة من مجلس النواب، إذ أصدر أربعة من أعضائه بياناً مشتركاً أكدوا فيه أن "البعثة الأممية أصبحت جزءاً من المشكلة وليست الحل".
وأشار النواب الأربعة، الذين شملوا النائب الأول لرئيس المجلس فوزي النويري، ورئيس لجنة الدفاع طلال الميهوب، وسالم قنان، وعائشة شلابي، إلى أن خطة ستيفاني "مجرد عبارات عامة ومكررة، تمثل محاولة لفرض حلول خارج إرادة الشعب الليبي".
في المقابل، لم يصدر أي موقف رسمي من رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، أو خليفة حفتر، بشأن الخطة.
توترات ومصالح
ترى الكاتبة الليبية منال نجم، في حديثها لوكالة الأناضول، أن الخطة الأممية قد تنجح رغم تشابهها مع الخطط السابقة. وأوضحت أن "الوضع العام في الشرق الأوسط، بما يشهده من توترات سياسية وأمنية في فلسطين وسوريا والسودان وغيرها، يشكل عاملاً ضاغطاً على المجتمع الدولي لدفع الحلول السياسية".
وأضافت أن "إسرائيل، عبر استمرارها في حربها على غزة ولبنان، وتوسيع احتلالها في سوريا، تتسبب في تعقيد المشهد الإقليمي، ما يدفع الدول الكبرى إلى البحث عن الاستقرار لحماية مصالحها".
كما أشارت إلى أن "ليبيا تمثل أهمية كبيرة للدول الغربية، مثل إيطاليا التي تواجه أزمة الهجرة غير النظامية، والولايات المتحدة التي وقَّعت عقوداً ضخمة في قطاع النفط، ما يجعل استقرار ليبيا ضرورة ملحّة".
وختمت بالقول: "استقرار ليبيا يمثل حاجة ماسة لتعويض نقص الطاقة العالمي الناتج عن الحرب الروسية-الأوكرانية، وهو عامل يجعل المجتمع الدولي أكثر حرصاً على إنجاح الخطة الأممية".
أسباب للفشل
على النقيض، يرى المحلل السياسي الليبي بوبكر سالم حماد، أن "الفشل هو المصير المحتمل للخطة الجديدة".
وأشار إلى أن "غياب شريك سياسي لمجلس النواب في الغرب، وانقسام مجلس الدولة، وعدم إشراك المجموعات المسلحة المسيطرة فعلياً على الأرض، هي عوامل تعرقل أي نجاح محتمل".
وأوضح أن "القوة الفاعلة في الشرق، بقيادة حفتر، ممثَّلة دائماً في أي حوار، فيما المجموعات المسلحة في الغرب متفرقة ولا يمكن لأي جهة ادعاء تمثيلها".
كما رأى أن "خطة ستيفاني لا تختلف كثيراً عن خطة عبد الله باتيلي السابقة التي لم تحقق أي تقدم". وختم بالقول: "اجتماع نواب من مجلسي النواب والدولة في المغرب الأربعاء الماضي، يعكس رفض المجلسين خطة البعثة الأممية، ويدل على إصرارهما على إيجاد حلول من خلال المشاورات الثنائية فقط".
وقد توصل المجلسان إلى اتفاق من 8 مواد، من بينها "إعادة تشكيل السلطة التنفيذية"، وفق ما أعلنت عضوة مجلس النواب سارة سويح.
في ليبيا اليوم، توجد حكومتان: الأولى عيَّنها مجلس النواب مطلع عام 2022 برئاسة أسامة حماد، وتتخذ من بنغازي مقراً لها وتدير كامل شرق البلاد ومعظم مدن الجنوب.
أما الحكومة الثانية فهي حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها من الأمم المتحدة، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، وتدير غرب البلاد بالكامل من مقرها في العاصمة طرابلس.
يأمل الليبيون أن تُنهي الانتخابات، التي طال انتظارها، الصراعات السياسية والمسلحة المستمرة منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي.