مع بدء العام الدراسي رسمياً الاثنين الماضي، يواجه الأطفال الفلسطينيون في قطاع غزة حرمان التعليم مع غياب أي بوادر لوقف إطلاق النار / صورة: AA (AA)
تابعنا

أمل رنتيسي - سامي برهوم

يقول الطفل محمد ابراهيم النازح في منطقة المواصي بصوت حزين لا يزال يحمل آثار صدمات الحرب إن المدارس، التي كانت ملجأهم من واقعهم القاسي، تضررت بشكل كبير، وحُرم الأطفال حقهم في التعليم وصاروا يقضون ساعات طويلة يحاولون تأمين لقمة عيشهم أو الفرار من نزوح إلى آخر.

"طوال اليوم نجمع الحطب أو نبيع الخبز كي نستطيع العيش.. لسنتين لم نكتب أو نقرأ"، يضيف محمد في حديثه لـTRT عربي، مشيراً إلى الواقع القاسي، حيث تحولت بعض الخيام إلى مراكز للتعليم بعد تعرّض أغلب مدارس غزة للقصف وتوقف العملية التعليمية.

يتابع محمد: "اشتقت لمدرستي وكتبي وزملائي الذين كانوا معي بالصف"، مطالباً بحقه في العودة إلى الدراسة وإعادة فتح مدرسته.

ومع بدء العام الدراسي رسمياً الاثنين الماضي، يواجه الأطفال الفلسطينيون في قطاع غزة حرمان التعليم مع غياب أي بوادر لوقف إطلاق النار وارتكاب المجازر كان آخرها مجزرة خيام المواصي المصنفة "آمنة" إسرائيلياً .

وقالت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية في بيان إن 2459 مدرسة حكومية وخاصة وأخرى تابعة لوكالة الغوث، استقبلت أكثر من 806 آلاف و360 طالباً وطالبة في الضفة الغربية والقدس الشرقية، فيما أشارت إلى أن العام الدراسي في غزة لا يزال معلقاً بسبب الهجوم الإسرائيلي المستمر منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023.

واليوم الأربعاء، حذر المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا)، فيليب لازاريني من أن "تعذر تعليم الأطفال الفلسطينيين في قطاع غزة بسبب الهجمات الإسرائيلية قد يؤدي إلى ضياع جيل كامل".

وقال لازاريني إن "غزة صارت مكاناً ما عادت فيه المدارس مدارس"، وذكر أنه بعد بدء إسرائيل هجماتها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اضطرت الأونروا إلى إغلاق مدارسها وتحويلها إلى مراكز إيواء للفلسطينيين النازحين.

وأضاف: "باتت الفصول الدراسية التي كانت تستقبل الأطفال الآن إما مليئة بالأُسر النازحة أو دمرت"، وأن "المقاعد الدراسية استُبدلت بالأسِرّة، وما عاد كثير من المدارس أماكن للتعلم، بل بؤرة لليأس والجوع والمرض والموت".

حرمان 45 ألف طالب في الصف الأول

وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة في 9 سبتمبر/أيلول الحالي، إنه "بينما يستعد الأطفال لعامهم الأول ويومهم الأول في المدرسة في العديد من بلدان الشرق الأوسط، يُحرم ما لا يقل عن 45 ألف طفل في السادسة من العمر في قطاع غزة هذا الحق".

وأضافت المنظمة الأممية أنه كان من المقرر أن يبدأ العام الدراسي الجديد في جميع أنحاء دولة فلسطين اليوم، لكنه لم يُستأنف في قطاع غزة حيث يستمر النزاع العنيف في إحداث خسائر فادحة في صفوف الطلاب والمعلمين والمدارس في غزة.

وينضم طلاب الصف الأول إلى نحو 625 ألف طفل حُرموا بالفعل عاماً دراسياً كاملاً يواجهون خطراً كبيراً لقضاء عام ثانٍ بدون تعليم، حسب المنظمة.

الطفل أحمد عماد المصري (14 عاماً) والموجود الآن في خان يونس، قال لـTRT عربي إن مدرسته تعرضت لقصف الاحتلال الإسرائيلي حيث كان فيها عدد من النازحين، وأعرب عن اشتياقه إلى مدرسته ولأحواله ما قبل الحرب بقوله "أتمنى العودة إلى مقاعد الدراسة ولزملائي".

ومنذ بداية الحرب، حولت أونروا، التي تدير ما يقرب من نصف مدارس غزة، أكبر عدد ممكن من هذه المدارس إلى ملاجئ تؤوي آلاف الأسر النازحة، وأشار فيليب لازاريني، المسؤول الأممي، إلى أن نصف أطفال المدارس في غزة كانوا يتلقون تعليمهم في مدارس الأونروا قبل الحرب الإسرائيلية على القطاع.

الاحتلال يُجهّل أطفال غزة

الحاج نبيل (63 عاماً) من سكان رفح جنوبي قطاع غزة يرى أن الاحتلال الإسرائيلي باستهدافه المدارس والجامعات والكوادر التعليمية يسعى عمداً إلى نشر الجهل بين الفلسطينيين.

ويقول الحاج لـTRT عربي، "نمر بظروف صعبة، وأهم ما يحصل هو تجهيل الشعب الفلسطيني وهو ما يسعى الاحتلال إليه، ألا ليت العالم يفهم الظروف التي نمر بها إذ سينشأ جيل يعاني الجهل والفساد والجريمة بسبب غياب التعليم".

وناشد الحاج نبيل الدول أن تقف إلى جانب الشعب الفلسطيني وأن تدعم قطاع التعليم والصحة وجميع القطاعات الحيوية، مشيراً إلى أن البنى التحتية والمدارس مدمرة في غزة، ومعتبراً أن "المدرسة هي أساس نشأة الطفل السليمة وتعلمه الأخلاق والمبادئ الحميدة" ومختتماً بقوله إنه "إذا تعرض الطفل للتجهيل سيصبح عضواً هدّاماً ومفسداً في المجتمع ولذلك يستهدف الاحتلال المدارس والجامعات كي تُجهّل الأمة ويحكمها".

وحسب وزارة التربية والتعليم الفلسطينية فإن أكثر من 10 آلاف طالب استشهدوا في قطاع غزة وأصيب 15 ألف بجراح جراء الحرب الإسرائيلية فيما غادر 19 ألف طالب القطاع، وأوضحت أن "40 معلماً ومعلمة استشهدوا في غزة، في حين تعرضت الأبنية المدرسية لأضرار بواقع 90%.

وقالت الوزارة إن 39 ألف طالب من غزة حُرموا تقديم امتحان الثانوية العامة، و58 ألف طفل حرموا فرحة الالتحاق بالصف الأول.

وحول الأثر النفسي على الأطفال، وفق يونيسف فإن تعطيل تعليم الأطفال الأكبر سناً "أدى إلى خلق حالة من عدم اليقين والقلق. بدون التعليم، يتعرض الشباب لخطر متزايد من الاستغلال وعمالة الأطفال والزواج المبكر وأشكال أخرى من الإساءة، والأهم من ذلك أنهم معرضون لخطر الانقطاع عن المدرسة بشكل دائم".

بالنسبة إلى الأطفال الأصغر سناً، فإن "غياب التعليم يهدد نموهم الإدراكي والاجتماعي والنفسي إذ أبلغ الآباء عن تأثيرات كبيرة على الصحة العقلية والنفسية والاجتماعية بين الأطفال، بما في ذلك الشعور بالإحباط والعزلة المتزايدة".

​​​​​​​وبدعم أمريكي، تشن إسرائيل حرباً مدمرة على غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول، خلّفت أكثر من 135 ألف بين شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة العشرات، في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم.

TRT عربي
الأكثر تداولاً