الأمراض الجلدية تفتك بأطفال غزة. / صورة: AA (AA)
تابعنا

تقول السيدة حيث تقف أمام طفلها إسماعيل داخل المشفى إنه يعاني من أمراض جلدية وطفح جلدي شديد، فضلاً عن وجود ورم صغير في رأسه وارتفاع حرارته المستمر.

تضيف أبو هاني في حديثها مع TRT عربي: "وضعه الصحي صعب جداً، لا توجد أدوية ولا علاجات ولا أي شيء أستطيع إعطاءه إياه، أعطيه فقط المسكنات، يتحسن قليلاً ثم يعود بعد أسبوعين ليتفاقم وضعه أكثر".

وأدى استمرار حرب الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة لأكثر من 300 يوم، واستمرار المجازر، وأزمة النزوح داخل المدارس والمستشفيات، إلى تفاقم الوضع الصحي للنازحين، وخصوصاً الأطفال، إذ انتشرت بينهم الأمراض والأوبئة، مع استمرار نقص مستلزمات النظافة الشخصية والأدوية الوقائية.

تشير أبو هاني إلى أن سبب إصابة ابنها بالطفح الجلدي المزمن غير معروف، وتضيف: "يقول لي الأطباء إنها حالة نادرة، وحالته ليست معروفة بالضبط"، حسب تعبيرها، مضيفةً أن المرض بدأ معه من سن 5 أشهُر حتى الآن، وزادت حالته سوءاً في الحرب.

لا أدوية ولا مراهم.. وبيئة غير صحية

تشدد السيدة على أن حالة طفلها تستدعي استمرار تزويده بالمراهم والمضادات الحيوية، وهي مفقودة الآن في القطاع، كما أن قلة الغذاء ونقص مناعة الطفل تساهمان في استمرار انتكاساته. وتشرح أن في المستشفى يتعاملون فقط الآن بنظام المسكنات كي يهدأ الطفل قليلاً، "لكن بعد أسبوعين أو ثلاثة يعود الطفح الجلدي وأعود إلى المستشفى لمحاولة الحصول له على المضادات الحيوية"، وفق قولها.

وكانت وكالة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) ذكرت في 20 يوليو/تموز الماضي أن "أطفال قطاع غزة يواجهون ظروفاً صعبة وسط الأمراض الجلدية والبيئة غير الصحية والأعمال العدائية التي لا تنتهي"، مشددةً على الحاجة إلى وقف إطلاق النار.

بدوره يقول محمد كريم، وهو والدُ رضيعٍ مصابٍ بطفح جلديّ، يظهر على شكل بثور على جسده، إنّ طفله يعاني بسبب انتشار القمامة في المدرسة التي ينزح فيها، ومن المجاعة التي تسببت في انخفاض مناعة أطفاله.

ويضيف لـTRT عربي: "يعاني ابني من هذه الحبوب.. هذه من أسباب الحرب والقمامة والمجاعة. لا يوجد دواء، تذهب إلى الصيدلية فلا تجد دواءً، فقط مسكنات.. الله يعطيهم العافية في المستشفى؛ قدموا كل شيء ولكن لا توجد خدمات ولا علاجات".

وتابع: "طفح جلدي من الحر والقمامة والمجاري.. نحن نسكن بمدرسة حيث لا توجد أدوات الاستحمام والتنظيف.. والماء ملوث.. لا يوجد ماء حلو ولا خدمات، نريد أن يشعر العالم بنا، ونريد علاجات وحليباً للأطفال".

مستويات جديدة للأمراض

ويقول مدير الإعلام بمستشفى كمال عدوان، وسام السكني، إنّ المستشفى هو الوحيد الذي يقدم خدمات الأطفال في مدينة غزة وشمالها، مؤكداً أن الأمراض الجلدية وصلت إلى مستويات شديدة في هذا المستشفى بفعل سوء التغذية الذي أدى إلى انخفاض المناعة بفعل القمامة الملقاة والمكدسة في شوارع المخيمات والقرى، وأيضاً بفعل تدمير الاحتلال للبنية التحتية وانتشار مياه الصرف الصحي وتكدس الأطفال داخل مراكز الإيواء التي تفتقر إلى أدنى مقومات النظافة الشخصية.

ويضيف: "الوضع الكارثي سيصل إلى مستويات جديدة في حال عدم دخول التطعيمات، ومنها تطعيم شلل الأطفال، وهذا الفيروس موجود في مياه الصرف الصحي، وفي حال عدم دخول التطعيمات اللازمة والخاصة بالأطفال ستنتشر أمراض جلدية جديدة أيضاً داخل المستشفى".

ويشير السكني إلى أن الطبيب الوحيد للأمراض الجلدية موجود حالياً في مستشفى كمال عدوان بفعل التغييب القسري للأطباء وترحيلهم من الشمال إلى الجنوب حيث يكافح الأطباء مع عشرات ومئات الحالات التي تتوافد يومياً إلى عيادة الجلدية في المستشفى".

وقدّر الطبيب أن ما يقارب 30% إلى 40% من الأطفال مصابون بأمراض جلدية، فضلاً عن وجود حالات للكبار أيضاً، ويقول: "الأمراض الجلدية لا تفرق بين الصغار والكبار، تنتشر بينهم على حد سواء وبشكل سريع".

ويتابع: "توجد بعض الأدوية والمراهم العلاجية الخاصة بالأمراض الجلدية الخاصة بالصدفية والجرب، لكن توجد بعض الأمراض غير المعروفة التي تأتي على شكل حروق، وأمراض غريبة تأتي بفعل سوء التغذية وانتشار الأمراض الجلدية. نحاول قدر الإمكان علاج الحالات لكن لا إمكانيات ولا أدوية ولا صيدليات.. حصار مفروض على كل شيء".

وشدد الطبيب على الحاجة إلى وجود تخصصات للأمراض الجلدية وأطباء متخصصون في هذا المجال لإنقاذ الأطفال، محذراً من خطورة الوضع الصحي الكارثي الذي وصلوا إليه، وداعياً المجتمع الدولي إلى الضغط على الاحتلال بدخول الأدوية والتطعيمات والقوافل الطبية الخاصة بعلاج الأمراض الجلدية.

وبدعم أمريكي، أسفرت الحرب على غزة عن نحو 131 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية في العالم.

TRT عربي
الأكثر تداولاً