يعد مشروع "توركسات 6A" من أهم المشاريع التركية التقنية التي جرى تطويرها في الفترة الأخيرة / صورة: AA (AA)
تابعنا

انطلقت عملية إرسال القمر الصناعي إلى الفضاء من قاعدة "مرتد" في مدينة أنقرة إلى منشآت شركة SpaceX في مدينة فلوريدا الأمريكية. وشارك وزير النقل والبنية التحتية عبد القادر أورال أوغلو، ووزير الصناعة والتكنولوجيا محمد فاتح كاجر، في حفل إرسال القمر الصناعي من القاعدة.

وبدأت رحلة إنتاج القمر عام 2014، بتعاون مجموعة من الشركات التقنية والهندسية، في إطار رؤية تركية لتطوير قدرات المجمع الصناعي والتقني التركي على تلبية الطلب المحلي في البداية وصولاً إلى المنافسة دولياً.

ومن المتوقع أن يصل القمر الصناعي التركي إلى الفضاء في الأسبوع الثاني من يوليو/تموز المقبل. وأكد وزير النقل والبنية التحتية عبد القادر أورال أوغلو، أن "توركسات 6A" هو نتاج جهد طويل استمر لسنوات، وشهد تعاوناً وثيقاً بين مختلف الجهات الحكومية والخاصة في تركيا، مضيفاً أن هذا الإنجاز يدل على التزام تركيا تطوير قدراتها في مجال الفضاء وتحقيق الاكتفاء الذاتي في هذا المجال.

ومن المقرر أن يتمركز القمر الصناعي "توركسات 6A" على ارتفاع 35.786 ألف كيلومتر بزاوية ميلان 42 درجة، على أن يدخل الخدمة فعلياً بعد انتهاء التجارب والاختبارات ذات العلاقة نهاية العام الحالي.

خطوة مهمة نحو الاستقلالية الفضائية

في عام 2014 أُقيم حفل توقيع إنتاج القمر "توركسات 6A" في مجمع "TÜBİTAK" في مدينة إزميت بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.

وشارك في عملية تصميم وإنتاج القمر الصناعي عدد من الشركات والهيئات، أهمها معهد "توبيتاك" لأبحاث تكنولوجيا الفضاء، وشركة "أسيلسان"، والشركة التركية لصناعة الفضاء "TUSAŞ"، وشركة "CTECH" التقنية.

ووفق خلوق غورغون، رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركية، فقد تولى معهد "توبيتاك" تصميم وتطوير أنظمة القمر الصناعي، فيما صمّمت شركة "أسيلسان" وأنتجت أنظمة الاتصال، أما شركة "TUSAŞ" فقد تولت مسؤولية تصميم وتنمية الهيكل، وتجميع النظام بالإضافة إلى وظائف أخرى، كما صمَّمت شركة "CTECH" التقنية جزءاً من أنظمة الاتصال وشاركت في التصميم والإنتاج.

وأكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي كان ضيفاً أساسياً على حفل تدشين المشروع، أن الأنظمة التي جرى تطويرها في المشروع سوف "تشكل البنية التحتية للأقمار الصناعية الوطنية للاتصالات التي سيجري تصنيعها في المستقبل. وبالتالي فإن المشروع مهم للغاية بالنسبة إلينا ليس فقط من حيث الخدمات التي سيقدمها، ولكن أيضاً من حيث أهميته الاستراتيجية".

وشدد الرئيس التركي على إيمانه بقدرة "تركيا في المستقبل على إرسال أقمار صناعية أخرى من صنعها الخاص إلى الفضاء. إن تركيا تحوِّل هذه الأحلام إلى حقيقة اليوم. نأمل أن نتمكن في المستقبل القريب من تحقيق ما لا يمكن حتى تخيله".

إمكانات محلية

وقال وزير الصناعة والتكنولوجيا التركي محمد فاتح كاجر، إن البرامج والاختبارات المتعلقة بالقمر الصناعي طُوِّرت وأُجريت بالكامل في تركيا. وشدد على أن هذا الإنجاز يدل على التزام تركيا بتطوير قدراتها في مجال الفضاء.

وأكد كاجر أن "توركسات 6A" سيجعل تركيا واحدة من 10 دول قادرة على تصنيع أقمار الاتصالات. وأشار إلى أن هذا القمر الصناعي يمثل خطوة مهمة نحو طموحات تركيا الفضائية، التي تشمل تطوير مركبات فضائية وإرسال رواد فضاء إلى الفضاء وتنفيذ مهمة إلى القمر.

وأشار كاجر إلى أن القمر الصناعي "توركسات 6A" صُمِّم وصُنِّع محلياً باستخدام تقنيات متطورة، بما في ذلك، أجهزة كمبيوتر طيران بعد أن صُنِّع 24 نوعاً من أجهزة كمبيوتر الطيران محلياً، ووحدات توزيع الطاقة والتحكم، ونظام تحديد النجوم، وعجلة رد الفعل، ونظام الدفع الكهربائي (EİS).

وشدد الوزير كاجر على أن القمر الصناعي خضع لاختبارات مكثفة للتأكد من قدرته على تحمل ظروف الفضاء القاسية، بما في ذلك الاهتزازات الصوتية في أثناء الإطلاق، والحرارة والضغط المنخفض في الفضاء. وأكد أن هذه الاختبارات أثبتت أن "توركسات 6A" جاهز للعمل في مداره على ارتفاع 35.786 ألف كيلومتر.

في السياق نفسه، قال وزير النقل والبنية التحتية عبد القادر أورال أوغلو، إن إطلاق القمر "توركسات 6A" سيؤدي إلى توسيع نطاق تغطية خدمات شركة "توركسات" لتصل إلى 65% من سكان العالم.

وأوضح أورال أوغلو أن 5 أقمار صناعية تابعة لـ"Türksat" تقدم حالياً خدمات لنحو 3.5 مليار شخص في إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا الوسطى وأوروبا والمناطق المجاورة لتركيا.

وأضاف: "مع توركسات 6A، سنغطي كامل الهند وتايلاند وماليزيا وإندونيسيا، مما يرفع عدد السكان الذين نقدم لهم الخدمات إلى 5 مليارات. وهذا يعادل 65% من سكان العالم. من خلال بيع الخدمات في هذه المناطق، سنتمكن أيضاً من تحصيل دخل يصل إلى 250 مليار دولار".

رحلة إنتاج الأقمار الصناعية التركية

بدأت رحلة تركيا مع صناعة الأقمار الصناعية في منتصف تسعينيات القرن الماضي، عندما دخلت في شراكات دولية لإنتاج أقمار صناعية لخدمة تركيا. وفي أغسطس/ آب من عام 1994 دخل القمر الصناعي "توركسات 1B" الخدمة، وبعد ذلك بعامين وتحديداً في يوليو/تموز 1996 دخل القمر "توركسات 1C" الخدمة، وفي عام 2001 دخل القمر الصناعي "توركسات 2A" الخدمة.

استفادت تركيا من شركاتها الدولية ودخلت عملية تصنيع الأقمار الصناعية فيها نقطة تحول مع قدوم حكومة العدالة والتنمية التي أولت التصنيع المحلي أهمية خاصة إلى جوار الصناعات التقنية والدفاعية الأخرى.

وبين عامي 2013 و2021، أطلقت تركيا ثلاثة أقمار مخصصة لخدمات الاتصال ونقل البيانات بعد أن دخلت الأقمار: توركسات 3A/ 4A/4B/5A/5B الخدمة بعد أن تقاعدت الإصدارات السابقة وخرجت من الخدمة. وما يميّز هذا النوع من الإصدارات هو ارتفاع نسبة المساهمة التركية في إنتاج وتصنيع مكونات هذه الأقمار.

بالإضافة إلى سلسلة توركسات، أطلقت تركيا الأقمار الصناعية "BiLSAT, RASAT، İMECE"، وجاءت سلسلة جوكتورك لتعزز من قدرات تركيا في مجال الأقمار الصناعية المخصصة للاستطلاع ومراقبة سطح الأرض، من خلال القمران جوكترك-1 وجوكترك-2، اللذين أُطلقا في عامي 2016 و2012 على التوالي، فيما يتوقع أن يطلق القمر جوكترك-3 في عام 2025.

تركت هذه الصناعة أثراً إيجابياً على الصناعات التقنية والاتصالات والإنترنت في تركيا، عبر توفير البنية التحتية اللازمة لتطوير أنظمة الاتصال والتواصل في تركيا، أما أثرها الأهم فكان على الصناعات التقنية والدفاعية واستقلالية تركيا في هذا المجال الحساس والخطير. فأصبحت قادرة على حماية اتصالاتها الخاصة، ونقل بيانات مواطنيها من خلال وسائط وطنية، والأهم إتاحة المجال أمام ضبط مراقبة الأخطار التي تواجهها.

TRT عربي
الأكثر تداولاً