حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في محافظة وسط قطاع غزة / صورة: AA (AA)
تابعنا

وقالت المديرة الإقليمية لليونيسف لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أديل خضر أمس الأربعاء إن الأيام الثلاثة الماضية شهدت "بريق أمل نادراً وسط النزاع المدمر في القطاع، الأمر الذي يجسد ما يمكن تحقيقه عند وجود الإرادة ببساطة".

وأكدت خضر أن المرحلة الأولى من الحملة وصلت إلى أكثر من 189 ألف طفل دون سن العاشرة في المنطقة الوسطى من قطاع غزة متجاوزة الهدف الأوّلي، ومشددة على أن خطر انتشار مرض شلل الأطفال داخل غزة وخارجها لا يزال مرتفعاً.

وأشارت إلى أن حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة هي من بين "أخطر وأصعب حملات التلقيح في العالم"، موضحةً أن القطاع هو بالفعل "أخطر مكان في العالم للأطفال". وقالت: "لقد عانى الأطفال بما فيه الكفاية والآن أصبحت المخاطر تهدد أطفالاً آخرين في المنطقة. لا يمكننا أن نفشل".

وفضلاً عن قصف الاحتلال الإسرائيلي الجوي والمدفعي والنزوح الجماعي، وانهيار النظام الصحي، والمجاعة، يواجه أطفال غزة الآن كارثة صحية إضافية وارتفاع خطر الإصابة بشلل الأطفال بعد رصد أول حالة منذ ربع قرن منتصف أغسطس/آب الماضي لدى رضيع يبلغ من العمر 10 أشهر.

ما تقييمات المرحلة الأولى؟ وما أبرز العراقيل؟

ويقول مدير عام الصحة العامة في وزارة الصحة الفلسطينية عفيف العطاونة، إنه من الصعب تقييم وضع انتشار فيروس شلل الأطفال بعد انتهاء المرحلة الأولى من التطعيم كونها المرحلة الأولى من ضمن ثلاث مراحل للتطعيم في هذه الفترة، وسيجري التطعيم ضمن مرحلة ثانية بعد أربعة أسابيع من انتهاء المرحلة الأولى.

ويوضح العطاونة في حديث لـTRT عربي أن التقييم يكون بعد ستة أشهر بعد انتهاء المرحلة الثانية وستُجمع عينات من مياه الصرف الصحي والعمل على نظام الرصد النشط في المستشفيات لمتابعة أي ظهور لحالات أو أعراض على أي من الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 سنة.

وحول العراقيل التي واجهت حملة التلقيح في مراحلها الأولى يؤكد العطاونة أن "أهم العراقيل التي تواجه الطواقم الطبية والمواطنين على حد سواء، هي حرية التنقل من مراكز توزيع المطاعم، والثلاجات المركزية ونقاط التوزيع إلى المراكز الفرعية للتطعيم"، معتبراً أنها "كانت تحديات كبيرة وجرى التغلب عليها".

وعن آلية التوزيع يقول: "عملنا على تقسيم هذه المراكز حيث يوجد نحو 400 مركز مع 400 فريق طبي ثابت ومتنقل للوصول إلى جميع الأطفال الذين لا يستطيعون الذهاب إلى مراكز التطعيم المركزية، ويضيف أن "الرضا كان جيداً جداً، نحن حققنا نجاحاً كبيراً ضمن الموجة الأولى من المرحلة الأولى للتطعيم في وسط القطاع ونتمنى أن الموجة الثانية والثالثة ضمن المرحلة الأولى تحقق نفس النجاحات في وسط القطاع وجنوبه وشماله".

وأكد العطاونة أهمية التنسيق والتعاون المستمر مع طواقم الصحة في غزة منذ بداية تفشي المرض. وجرى تشكيل لجان فنية وتسييرية والعمل مع الشركاء في منظمة الصحة العالمية واليونيسف والأونروا لضمان إنجاح حملة التطعيم. وجرى التركيز على تنسيق وإرسال المطاعيم والمعدات اللازمة لضمان حفظ سلامتها ويستمر العمل حاليّاً مع جميع الطواقم لتقديم أفضل خدمة ممكنة.

وأعرب عن مخاوفه من انتشار أمراض أخرى في قطاع غزة، حيث تشهد المنطقة تفشياً لالتهاب الكبد الفيروسي من النوع ألف، وأمراض جلدية معدية خطيرة، والتهاب معوي بين الأطفال دون سن الخامسة بسبب فيروس الروتا. وأوضح أن ظروف غزة تجعلها بيئة مناسبة لتفشي وانتشار جميع أنواع الفيروسات والميكروبات، مما يثير مخاوف من عودة أمراض سُيطر عليها منذ عقود. و أكد مراقبة الوضع بكل الإمكانات المتاحة.

أول إصابة في القطاع منذ ربع قرن

وكانت أعلنت وزارة صحة غزة في 18 يوليو/تموز الماضي أن الفحوص بينت الفيروس المسبب لشلل الأطفال في عينات عدة من مياه الصرف الصحي التي تجري بين خيام النازحين في القطاع الفلسطيني واعتبرت أنه "يُنذر بكارثة صحية حقيقية ويعرض آلاف السكان لخطر الإصابة بهذا المرض".

وفي 16 أغسطس/آب الماضي أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية تسجيل الطفل عبد الرحمن البالغ من العمر 11 شهر أول إصابة مؤكدة بشلل الأطفال في قطاع غزة، لكونه لم يتلق تطعيماً ضد المرض.

وفي مقابلة مع النازحة الفلسطينية ووالدة الطفل عبد الرحمن، نيفين أبو الجديان، قالت إنها تفاجأت عندما جاءها اتصال من وزارة الصحة في غزة لإخبارها أن ابنها مصاب بشلل الأطفال.

وعن بدايات إصابة ابنها أوضحت في مقابلة مع TRT عربي أن عبد الرحمن أصابه قيء وسخونة، وتوقف عن الحركة وكان نشاطه سيئاً لتتوجه به لاحقاً إلى مستشفى شهداء الأقصى حيث تلقى هناك علاجاً لمدة أسبوعين بعدها قرروا أن يأخذوا منه عيّنة "تفاجأت باتصال وزارة الصحة ويقولون إن ابني مصاب بشلل الأطفال"، حسب تعبيرها.

وشكت السيدة نازحة في مدينة دير البلح وسط القطاع عدم نظافة المياه والطعام في ظل الأوضاع السيئة التي تعيشها وعائلتها في مخيمات النزوح، فضلاً عن عدم توفر علاج لابنها، "عبد الرحمن كان نشيطاً وذكياً، ويحبو ويتحرك زحف حينما بلغ 6 أشهر وبدأ يقف على الأشياء ويزحف في الدراجة ويتحرك ويمشي لكن للأسف لا يستطيع الآن حتى الجلوس، ويعاني من ارتخاء في رجليه وأطراف رجليه ويديه لا يتحرك ولا يمشي"، حسبما تصف الأم وضع ابنها الآن.

وتضيف: "نحمل الاحتلال المسؤولية كلها في ظل إغلاق المعابر وغياب اللقاحات والعلاج والإبر ليأخذها الأطفال ضد المرض هذا كان سبباً من الأسباب ونحن ننتظر الآن لو كان بإمكاننا علاجه خارج غزة". وإلى الآن جلبت منظمة الأمم المتحدة للأطفال (يونيسف) 1.2 مليون جرعة من اللقاح إلى قطاع غزة استعداداً لإجراء حملة التطعيم. فيما طالبت الأمم المتحدة جميع أطراف الصراع بوقف القتال لأسباب إنسانية في القطاع لمدة 7 أيام للسماح بإجراء جولتي تطعيم.

ويصيب المرض الأطفال دون سن الخامسة بالدرجة الأولى، فيما تؤدي حالة واحدة من أصل 200 عدوى بالمرض إلى شلل عضال، ويلاقي ما يراوح بين 5 و10% من المصابين بالشلل حتفهم بسبب توقّف عضلات التنفس عن أداء وظائفها، وتشير الأمم المتحدة إلى أنه "ما دام وُجد طفل واحد مصاب بعدوى فيروس الشلل فإن الأطفال في جميع البلدان معرضون لخطر الإصابة بالمرض".

ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يشن الاحتلال الإسرائيلي بدعم أمريكي حرباً على غزة، خلّفت أكثر من 135 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة. وتواصل إسرائيل هذه الحرب متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بوقفها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة ولتحسين الوضع الإنساني بغزة.

TRT عربي - وكالات
الأكثر تداولاً