ماذا تعرف عن مجموعة "مجلس الدفاع الدولية"؟ / صورة: AP (Jerome Delay/AP)
تابعنا

في فبراير/شباط 2023، وقبل انطلاقه في جولة قادته إلى عدد من البلدان الإفريقية، أعلن الرئيس الفرنسي استراتيجية بلاده الجديدة لإدارة مصالحها في القارة السمراء. وكان ذلك بعد سلسلة من الانقلابات قضت على النفوذ الفرنسي في مالي وبوركينا فاسو، كما وسعت رقعة العداء المتنامية لفرنسا في الساحل.

وقال ماكرون وقتها، إن بلاده ستخفض "بشكل ملحوظ" نشاطها العسكري في إفريقيا، وإنها "ستنهي استضافة قواعد عسكرية منتظمة في إفريقيا وستنشئ بدلاً من ذلك أكاديميات تشارك في إدارتها الجيوش الفرنسية والإفريقية".

لكن اليوم يتضح أن هذا "الشكل الجديد" من الشراكات الفرنسية مع إفريقيا، لا يزال مشابهاً لقالبه الاستعماري التقليدي، ذلك بعد إسناد المهمة إلى شركات عسكرية خاصة تابعة لحكومة باريس، مثل مجموعة "مجلس الدفاع الدولية" (DCI)، التي كشفت تقارير جديدة حولها أنها أصبحت أداة النفوذ الجديد في القارة السمراء.

أداة نفوذ فرنسية جديدة في إفريقيا

في تقرير حديث لها، كتبت صحيفة لوموند الفرنسية، بأن مجموعة "مجلس الدفاع الدولية" (DCI)، أصبحت أداة النفوذ الفرنسي الجديد في إفريقيا، تزامناً مع واتساع رقعة العداء الشعبي للوجود العسكري الفرنسي في القارة السمراء، ومسارعة باريس إلى إعادة ترتيب أوراقها في المنطقة.

وتعد مجموعة "مجلس الدفاع الدولية"، شركة شبه خاصة تابعة للحكومة الفرنسية إذ تمتلك 55% من أسهمها. ومنذ تأسيسيها عام 1972، تشتغل المجموعة لصالح وزارة القوات المسلحة، في مراقبة عقود تصدير الأسلحة الفرنسية ونقل المعرفة العسكرية ذات الصلة بالعقود، كما أن 80% من موظفيها جنود سابقون.

وخلال جلسة استماع أمام لجنة الدفاع في البرلمان، يوم 7 فبراير/شباط، أشار الرئيس التنفيذي لـ "DCI" صامويل فرينغانت، إلى أن المجموعة تقوم بإعادة توجيه نشاطها نحو إفريقيا. وقال فرانغان: "إن المجموعة أداة نفوذ لوزارة الجيوش، التي تضمن وجوداً فرنسياً، سرياً إذا لزم الأمر، بما في ذلك في المناطق الحرجة للغاية".

وحتى عام 2018، كان نشاط المجموعة بعيداً عن إفريقيا، إذ لم تتعامل سوى مع ثلاث دول إفريقية، أي ما لا يتعدى 0.1% من نشاطها الإجمالي. لكن هذا الواقع تغير كلياً خلال عام 2023، وجرى توسيع النشاط في إفريقيا إلى 14 دولة، وهو ما يعادل 15% من النشاط الإجمالي للمجموعة.

وشمل توسيع أنشطة المجموعة في إفريقيا، فوزها بصفقة توريد مسيّرات للقوات الجوية في بنين، والإشراف على برنامج تدريبات استخباراتية لصالح أجهزة الأمن هناك. وتبلغ فاتورة هذه التدريبات، التي ستدفعها الحكومة البنينية، حوالي 11.7 مليون يورو.

ومنذ يناير/كانون الثاني، جرى تكليف المجموعة أيضاً بمهام مختلفة مع القوة المختلطة المتعددة الجنسيات ضد جماعة بوكو حرام، ومقرها في نجامينا. وعلى رأس هذه المهام، كلفت "DCI" بإعادة تأهيل البنية التحتية الاستخباراتية لتلك القوات.

نفس السياق الاستعماري الفرنسي

وأشارت لوموند، إلى أن إعادة توجيه "DCI" نشاطها نحو إفريقيا، تأتي في إطار الاستراتيجية الفرنسية الجديدة في المنطقة، التي تشمل إعادة ترتيب شكل وأعداد وجودها العسكري هناك، بحيث يكون الهدف هو "تعويض الوجود الدائم بتناوب الموظفين، ربما في شكل مهمات قصيرة الأجل، مع أفراد لا يُطلب منهم بالضرورة ارتداء ملابس عسكرية".

وهو ما ألمح إليه سابقاً وزير الجيوش الفرنسي سيباستيان لوكورنو، في حديثه إلى أسبوعية "لو جورنال دو ديمانش" 2022، بالقول: "من الواضح أن مراجعة استراتيجيتنا العامة في إفريقيا تطرح أسئلة حول جميع مكونات وجودنا، بما في ذلك القوات الخاصة".

وأوضح وزير الجيوش الفرنسي وقتها، أن بلاده تعمل حالياً على "تنظيم شكل القواعد العسكرية الحالية التي ينبغي أن تحتفظ بقدرات معينة لحماية مواطنينا على سبيل المثال، ولكن أيضاً للتوجه بقدر أكبر نحو تدريب الجيوش المحلية"، في حين أن ذلك الوجود "لم يعُد يتعلق بمكافحة الإرهاب عوضاً عن شركائنا، بل بتنفيذ ذلك معهم، إلى جانبهم".

وسريعاً مع تفاعل حلفاء فرنسا في "إيكواس" مع القرار، وإعلانهم في ديسمبر/كانون الأول من ذات السنة، قرار تشكيل قوة عسكرية مشتركة، من أجل مواجهة خطر الجماعات المسلحة، ومكافحة موجة الانقلابات.

وخلال حديثه مع TRT عربي وقتها، صرّح إسماعيل محمد طاهر، الأستاذ الجامعي من تشاد وهو باحث في الشؤون الإفريقية، قائلاً: "القرار الأخير الذي اتخذته مجموعة إيكواس هو رد فعل طبيعي للتطورات الحاصلة، وعلى رأسها انسحاب القوات الفرنسية من مالي وإعلانها إنهاء عملية بارخان".

وأضاف محمد طاهر، بأنه: "بعد أن وُضعت فرنسا في وضع محرج نظراً إلى تكلفة العملية المرتفعة وفشلها في تحقيق أهدافها (...)، بالتالي فانسحاب فرنسا من هناك يترتب عليه أن تشكل إيكواس تلقائياً تلك القوة العسكرية".

وتشهد دول الساحل الإفريقي، خلال السنوات الأربع الأخيرة على الأقل، تنامي العداء الشعبي لفرنسا ووجودها العسكري هناك، وهو ما نتجت عنه سلسلة انقلابات أنهت ذلك الوجود في كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر والغابون.

TRT عربي
الأكثر تداولاً